الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
منحت جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية لعام 2024 بشكل مشترك إلى دارون أوغلو، وسيمون جونسون، وجيمس روبنسون، تقديرًا لدراساتهم حول كيفية تشكيل المؤسسات الحكومية والمجتمعية وتأثيرها على الازدهار الاقتصادي للدول. وقد علقت صحيفة وول ستريت جورنال على الخبر بقولها: “تتمثل مساهمة الحائزين على جائزة نوبل في تقديم بيانات تجريبية حول المؤسسات الاقتصادية المحددة التي ساعدت أو أعاقت النمو الاقتصادي، ودراسة العوامل التي أدت إلى تشكيل هذه المؤسسات، كما يشيرون، على غرار آدم سميث، إلى أن حقوق الملكية وسيادة القانون هما عنصران أساسيان.”
تشير البيانات الاقتصادية إلى أن أغنى 20% من دول العالم تمتاز بثروات تزيد بنحو 30 مرة عن أفقر 20%، وعلاوة على ذلك، تظل الفجوة في الدخل بين الدول الغنية والفقيرة قائمة؛ فرغم أن البلدان الفقيرة تحقق بعض الازدهار، إلا أنها لا تزال متأخرة عن الدول الأكثر ثراءً. لماذا يحدث ذلك؟ قدم الفائزون بجائزة نوبل لهذا العام أدلة جديدة ومقنعة لتفسير هذه الفجوة المستمرة، مشيرين إلى الاختلافات في المؤسسات الحكومية والمجتمعية في الدول المتقدمة والدول المختلفة. وأشارت دراساتهم لأثر الاستعمار الأوروبي في بناء مؤسسات ناجحة في بعض الدول المُستعمَرة، مع الأخذ في الاعتبار اختلاف المعطيات من دولة لأخرى من حيث الثقافة والجغرافيا وعدد السكان. وفي هذا السياق تناولت أبحاث الفائزين أهمية التجارب السابقة ودور المؤسسات الاستعمارية في تحقيق الازدهار الاقتصادي للدول المُستعمَرة على المدى الطويل. كما حاولوا الإجابة عن سؤال محوري: إذا كانت المؤسسات الاقتصادية ضرورية للغاية، فلماذا لا تسعى الدول إلى إصلاحها؟ وناقش الباحثون في هذا السياق دور المؤسسات السياسية في إحداث التغيير المؤسسي، مما يقدم إجابات محتملة لهذا السؤال.
استعرضت أعمال الفائزين العلاقة السببية بين المؤسسات الحكومية والازدهار الاقتصادي، وسلطت نتائجهم التجريبية الضوء على سؤال ملح: إذا كانت المؤسسات الاقتصادية حاسمة في خلق الازدهار ، فلماذا تحتفظ بعض الدول بهياكل مؤسسية تعيق التقدم الاقتصادي؟ وخلصوا إلى أن تشكيل المؤسسات الاقتصادية والسياسية في أي زمن معين يتأثر بالتطورات التاريخية والاجتماعية والسياسية المعقدة، كما يعكس القرارات المتعمدة التي يتخذها صانعو القرار السياسي. فعلى سبيل المثال، لفهم سبب عدم تعزيز المؤسسات الاقتصادية لحقوق الملكية في بعض الدول، يجب دراسة أسباب القرارات السياسية التي تقف خلف ذلك.
ولتسليط الضوء على دور المؤسسات الحكومية في الازدهار الاقتصادي، أظهر الفائزون كيف أحدثت المؤسسات الفرق بين الولايات المتحدة والهند، رغم أنهما شهدتا الثورة الصناعية في ذات الوقت. ففي منتصف القرن الثامن عشر، كان الإنتاج الصناعي في الهند أعلى مما هو عليه في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن هذا الوضع تغير بشكل جذري منذ بداية القرن التاسع عشر، حيث تجاوزت الولايات المتحدة الهند بفارق شاسع نتيجة للاختلافات في إدارة المؤسسات واستغلال الثورة الصناعية. وكذلك هو الحال في النصف الثاني من القرن العشرين، لم تتمكن الابتكارات التقنية التي اجتاحت العالم من تحقيق النجاح إلا في البلدان التي أنشئت فيها مؤسسات حكومية ذات كفاءة عالية تفيد مواطنيها على أوسع نطاق ممكن.
خلال دراستهم التي قاموا بها قام الفائزون بتطوير أدوات اقتصادية نظرية تفسر استمرار الفجوات بين الدول الغنية والفقيرة، وكيف يمكن أن يحدث تغيير إيجابي في المؤسسات في البلدان المتخلفة عن ركب التطور.كما طور الفائزون إطارًا نظريًا مبتكرًا يوضح لماذا تعاني بعض المجتمعات من الوقوع في فخ ما يُعرف بالمؤسسات الاستخراجية (الاستغلالية)، ولماذا يكون الخروج من هذا الفخ صعبًا للغاية. ومع ذلك، فإنهم يبرزون أيضًا أن التغيير ممكن، وأنه يمكن تشكيل مؤسسات جديدة، فتحت ظروف معينة، يمكن للدولة أن تتحرر من مؤسساتها التقليدية لتأسيس أنظمة تضمن سيادة القانون، مما يؤدي على المدى الطويل إلى تقليص الفقر وتحقيق الازدهار الاقتصادي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال