الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كيف لخفض سعر الفائدة الأخير الذي قام به الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بمقدار 50 نقطة أساس (نصف نقطة مئوية) أن يعيد ضخ المعنويات الصعودية بعد أكثر من سنتين من المعنويات الهبوطية التي ضغطت على أسعار النفط، والقدرة في أن يعيد إنعاش أسواق النفط العالمية في ظل تحديات هيكلية، وهل تكفي التحركات النقدية وحدها لإعادة المسار الصحي للطلب العالمي على النفط في ظل تفاقم مخاوف تباطؤ اقتصاد عالمي قادم.
بالرغم من الخفض الأخير لسعر الفائدة في شهر سبتمبر المنتهي، لم تتفاعل اسواق النفط بشكل ملحوظ معه سوى بارتفاع طفيف سريع لا يرقى إلى مستوى التوقعات وما لبث أن تراجع، فتحركات الأسعار كانت في نطاق ضيق جدا بين 70-74 دولار وهذا لا يحفز المضاربين في أسواق العقود الآجلة، فسعر خام برنت هبط من سعر 74.5 دولار الأسبوع الماضي واغلق الأسبوع عند 72 دولار، وسعر خام غرب تكساس مازال يحاول الوصول إلى حاجز ال 70 دولار، بينما كان من المفترض أن تقدم تدابير التحفيز الاقتصادي في الصين والأعاصير في الولايات المتحدة دعماً أساسياً قوياً لأسعار النفط، ولكن يظهر أن المعنويات (دون الأساسيات) هي المحرك الغالب حتى الآن.
لا شك في أن تأثير خفض الفائدة يحتاج لبعض الوقت، ولكن يظهر أن هناك مجموعة من العوامل الهيكلية التي ربما ستُعيق أي زخم صعودي مستقبلا، فتباطؤ الاقتصاد العالمي وتأثيره السلبي على الطلب كان قائما منذ فترة، فعلى مدار العامين الماضيين، مارست أسعار الفائدة المرتفعة ضغوطًا كبيرة على أسعار النفط من خلال دعم الدولار، ولتصبح تكلفة شراء النفط أعلى للمستثمرين والمستهلكين الذين يتعاملون بعملات أخرى، مما يؤدي تباعا إلى تراكمية ضعف الطلب.
كما أن ضعف الطلب الصيني الحالي إلى جانب تراجع هوامش الربحية في المصافي وأيضا تراجع الطلب على المنتجات المكررة في آسيا، فإن كل هذا يضع ضغطا هبوطيا إضافيا على الأسعار، لذلك وبينما كانت توقعات وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بمقدار 900 ألف برميل يوميًا في عام 2024، وبتوقع 950 ألف برميل يوميًا في عام 2025 – وأيضا خفضت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية ومنظمة “أوبك” توقعاتهما لعام 2025 – ظلت هذه الأرقام تعكس انخفاضًا ملحوظًا في مقارنة مع النمو في الطلب عام 2023 الذي بلغ 2.1 مليون برميل يوميًا.
يظهر بأن المصافي العالمية – وبسبب الضعف المتوقع في الطلب – ستخفض عملياتها التشغيلية نتيجة للهوامش الربحية الضيقة التي تضغط على أدائها المالي، وهذا الوضع قد يؤدي إلى تقليص إنتاج المنتجات المكررة، كما أن مثل هذا التراجع يعني انخفاض الطلب على النفط الخام، وهذا يُضيف ضغوطًا زائدة على الأسعار، مما يشير إلى أن أسواق النفط تواجه بالفعل تحديات هيكلية تحد من أي تأثير إيجابي يمكن أن ينجم عن خفض أسعار الفائدة مستقبلا، وقد تستمر لفترة ليست بالقصيرة.
بعيدا عن افتراضية خروج المشهد الجيوسياسي عن السيطرة، الوضع القائم يطرح فرضية أن محاولات التحفيز النقدي من قبل البنوك المركزية الكبرى لن تقف في وجه المخاوف المرتبطة بتراجع الطلب العالمي الذي يلقي بثقله على السوق، مما سيحد من أي صعود ممكن في المستقبل المنظور على الأقل، وخفض الفائدة الذي حصل – والقادم قبل نهاية هذا العام – لن يكون له أي تأثير لأنه يأتي في وقت تستعد فيه الأسواق النفطية لمواجهة ضعف النمو الاقتصادي العالمي (ربما لشهور طويلة قادمة)، نتيجة علل هيكلية مرتبطة بتباطؤ الطلب العالمي خاصة من الصين.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال