نداءات الرياض

​عندما تنتهي من قراءة هذه الأسطر نكون نحن سكان الكوكب قد فقدنا مساحة من الأراضي اليابسة الصحية كما يسميها مختصو البيئة تعادل 200 أو 300 ملعب كرة قدم ! وإذا انتهيت من تصفح ابرز عناوين صحيفة مال وتوقفت عند خبر او مقال آخر نكون قد فقدنا مساحة ربما تعادل الف ملعب كرة او أكثر.

عندما قرأت الأربعاء الماضي الإعلان الداعي الى التسجيل في مؤتمر مكافحة التصحر الذي سيعقد في الرياض ديسمبر المقبل توقعت ان هناك خطأ طباعي عندما قال اننا نفقد مساحة تعادل أربعة ملاعب كرة قدم كل ثانية، وعندما بحثت في الموضوع وجدت الرقم صحيحا وورد على لسان اكثر من مسؤول سعودي واممي.

وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة للبيئة اسامه فقيها قال في مناسبة سابقة : “التصحر وتدهور الأراضي والجفاف من بين التحديات البيئية الأكثر إلحاحًا في عصرنا، وأن ذلك يؤثر على تدهور نحو “40%” من مساحة اليابسة في العالم؛ ما يعني فقدان 100 مليون هكتار من الأراضي الصحية سنويًّا، وهو ما يعادل مساحة أربعة ملاعب كرة قدم كل ثانية بسبب تدهور الأراضي ، الأراضي الصحية ضرورية لمستقبلنا. دعونا نتّحد من أجل إدارة مستدامة للأراضي”.

اهتمام الرياض المتزايد والواضح بالبيئة شكل نداءات قوية نتمنى ان يستمع اليها العالم خاصة عندما يجتمعون في هذا المؤتمر الذي سيستمر لمدة أسبوعين يجتمع فيها أطراف اتفاقية (COP 16) في الفترة من 2 إلى 13 ديسمبر 2024م.

سيكون مؤتمر الرياض COP16 أكبر اجتماع على الإطلاق للأطراف الـ (197) في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق، في وقت يصادف عام 2024 الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم اتفاقيات ريو، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.

الرياض قبل ان تنادي قامت بما يجب من مبادرات اطلقها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان وبدأ تنفيذها فور اطلاقها، وهي مبادرات عالمية لمكافحة التصحر والجفاف، أبرزها مبادرتا السعودية الخضراء، والشرق الأوسط الأخضر، إضافة الى مشاريع لاستصلاح الأراضي المختلفة، كنماذج مثالية للتنمية المستدامة، وتحديد محميات في جميع مناطق المملكة، وتنظيم الرعي، ومنع الاحتطاب، وصولا الى تنظيم التنزه البري بشكل يضمن تحقيق الاستدامة البيئية، وتحسين جودة الحياة.

حسب الإحصاءات التي أعلنت عند توقيع اتفاقية استضافة المؤتمر يتأثر 3 مليارات نسمة من تدهور الأراضي، وهناك خسائر تقدر قيمتها بـ (6) تريليونات دولار من الخدمات الإيكولوجية المفقودة، واضيف الى هذا الفاقد فقد الأرض لجمالها وطبيعتها الذي سيؤثر على فقد الانسان لجمال روحه وطبيعته.

الرياض تنادي، والعالم يستمع، ورأينا مجلس الوزراء الموقر في اجتماعه الأخير يرحب بانضمام (11) دولة جديدة إلى مبادرة الشرق الأوسط الأخضر معرباً عن الأمل بانضمام مزيد من الدول للإسهام في تحقيق الأهداف الطموحة لهذه المبادرة التي أطلقها ولي العهد لتكون نموذجاً عالمياً لمكافحة التغيّر المناخي.

هناك دور مهم للفرد، وعلى من يعتقدون ان الأراضي الشاسعة الفضاء من حولنا وحول مدننا لن تتأثر بمخلفات بناء يرميها بليل، او بمخلفات تخييم خاطئ، او ممارسات تنزه عابثة، عليهم ان يعيدوا النظر الى الأرقام أعلاه التي تهدد مستقبلهم ومستقبل من يحبون، وان يتأملوا في نداءات الرياض ومبادراتها.

كلما قلقت او تفاءلت من مباراة فريقك القادمة، وكلما بدأت مشاهدة المباراة في الدوري السعودي او في أي بطولة قارية او عالمية تذكر ان هذا الملعب الكبير الذي امامك تفقد الأرض مساحة تعادل أربعة منه كل ثانية اذا لم ننتبه واذا لم يستمع العالم لنداءات الرياض .