الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تتجه الأنظار في السنوات الأخيرة محليًا وعالميًا إلى مدى التوازن المالي الذي تستطيع الجهات الخاصة والحكومية في المملكة العربية السعودية تحقيقه للوصول إلى ذروة النجاح في ظل رؤية 2030، يُنظر إلى هذا التركيز والترقب على أنه نتيجة للتحديات التي قد تعرقل سير إيرادات العمليات التنموية، حيث أصبحت الإدارة الاستراتيجية منذ فترة وجيزة تطلق مسمى “الاستدامة المالية” على ذلك التوازن المنشود بين الإيرادات والمصروفات واستثمار الفائض لنمو الموارد المالية، وتواجه المنظمات الخاصة والحكومية حديثاً ما يسمى بالـ (ESG) الذي ساهم على نحو ظاهر في إعادة صياغة المشهد المالي ودفع الجهات لأن تبذل قُصَارَى جهدها نحو الامتثال لتلك المعايير لأسباب مختلفة أهمها: جذب الاستثمارات الخارجية
تتضمن قوة (ESG) ثلاث مجالات رئيسية وهي: المجال البيئي بما يُوَاجَه من انبعاثات كربونية وهدف تحقيق كفاءة الطاقة وإدارة النفايات، يليه المجال الاجتماعي في بناء علاقات متميزة بالموظفين والموردين وأصحاب المصلحة وقضايا ممارسات العمل وحقوق الإنسان، وأخيرًا مجال الحوكمة الذي يضمن الشفافية والمساءلة والضوابط الداخلية للقيادات والمستويات الإدارية والإشرافية، ولعل أول ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن هذه العناصر والمتغيرات حول ماهية الرابط الفعلي بين تحقيق الاستدامة بصفتها هدف استراتيجي في كافة المجالات والقطاعات وبين إدارة المخاطر المؤسسية في منظمة العمل ذات الأسلوب الحديث.
ترتكز أساسيات النجاح في الاستدامة على وفرة المشروعات والعوائد الناتجة عنها لخلق قيمة طويلة الأجل، وأبرز السمات التي تميز تلك المشاريع عن غيرها أنها تطابق القيم والمبادئ والأخلاقيات، مثل التي تهتم بالابتكار وكفاءة الطاقة والتنمية الاجتماعية، وهنا يتجلى الأثر الفعال لإدارة المخاطر المؤسسية في تذليل العقبات والتحديات ابتداء من تحسين عملية اتخاذ القرارات، حين تساهم إدارة المخاطر بتزويد صانعي القرار بالمعلومات الدقيقة حول المخاطر المحتملة والحد من الآثار السلبية، مثال على ذلك في مجال البيئة: تجنب المشاريع التي قد تكون عرضة للتأثيرات المناخية السلبية؛ مما يؤدي إلى اتخاذ القرارات الناجحة في التوسع العمراني.
ومن الضروري أن تتخذ إدارة المخاطر المؤسسية في المنظمات أساليب خاصة في إدارة الموارد الطبيعية والمالية مثل: أنظمة الإنذار المبكر، تنفيذ برامج إدارة مستدامة للمياه، التقييم البيئي الشامل وتحديد المخاطر المحتملة مثل: فقدان التنوع البيولوجي، تنويع الموارد المالية الحكومية بالاستغلال الأمثل ومشاركتها مع القطاع الخاص والمستثمرين إن أمكن، إلى آخره، مما يفضي إلى التأثير الإيجابي على الكفاءة التشغيلية، موازنة المصروفات والإيرادات، زيادة فعالية الخِدمات المقدمة عبر تخطي الفجوات وتحسين الأداء العام.
كما تمثل إدارة المخاطر محفزًا للابتكار بانتهاز الفرص المحتملة التي تساهم في خلق بيئة ملائمة لتحقيق الاستدامة بواسطة إنشاء منظمات متخصصة في تطوير تقنيات نظيفة مثل الطاقة المتجددة التي قد تقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري، أو تعزيز كفاءة الموارد عبر تقنيات تزيد إنتاج المحاصيل مع تقليل استهلاك المياه.
خلاصة القول، يتطلب هذا الاتجاه الجديد تركيز قطاع التدريب والتطوير في مؤسسات القطاع الخاص والمنظمات الحكومية على رفع مستوى الوعي والثقافة المؤسسية بأساليب إدارة المخاطر وتوضيح الأثر البعيد لها على الأهداف الاستراتيجية كالاستدامة وزيادة الفرص الاستثمارية نتيجةً لتحويل المخاطر إلى آفاق مبتكرة وحلول ذكية تسهم في تعزيز بيئة الاستثمار والتوازن المالي والنمو الاقتصادي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال