الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يوجد الآن مناقشات مطروحة على الطاولة في أستراليا عن إمكانية احتساب المخالفات المرورية (بالخصوص غرامات السرعة) بناء على دخل الشخص. طبعاً الآن في جميع الولايات الأسترالية يتم فرض الغرامات مثلها مثل معظم باقي دول العالم ومن ضمنها السعودية وهو حسابها بمعدل ثابت بناء على نوع المخالفة. لكن هناك مطالبات لتبني نموذج مشابه للنموذج المطبق في فنلندا حيث يتم إصدار غرامات السرعة بناء على دخل السائق. الفكرة ببساطة هو أنه في أغلب الأحوال أن الغرامة الثابتة لا تؤثر بنفس الطريقة على الجميع حيث لا تكون الغرامة ذات التأثير الكبير على شخص ذو دخل مرتفع بنفس التأثير الذي من الممكن تركه على شخص ذو دخل منخفض. بسبب هذا، فكرة الاقتراح مبني أن يكون هناك تدرج في الغرامات بناء على مستوى الدخل بحيث يشعر الجميع بتأثير الغرامة بشكل متساو
لنستعرض بعض الآراء المؤيدة والرافضة لهذا الموضوع: أولاً بشأن مؤيدي فرض الغرامات بناء على الدخل يدعمون قبولهم للفكرة من خلال عدة أسباب وأهمها العدالة الاجتماعية وزيادة الامتثال للقوانين وتقليل أكثر الفوارق الطبقية وأخيراً النموذج الفنلندي الناجح. بشأن العدالة الاجتماعية: يعتبر المؤيدون أن هناك عدالة وقت فرض الغرامات بناءً على الدخل. الغرامة الثابتة من جهة قد لا تكون عقوبة مؤثرة على الأشخاص ذوي الدخل المرتفع، لكن في حين من جهة ثانية أنها قد تكون عبئاً كبيراً على ذوي الدخل المنخفض. وهذا النظام المتدرج يعاقب الجميع بما يتناسب مع قدرتهم المالية. بشأن زيادة الامتثال للقوانين: الأشخاص الأثرياء من الممكن أنهم يتجاهلون القوانين المرورية بسبب قدرتهم على تحمل الغرامات بكل سهولة. لكن إذا كانت الغرامة تعتمد على دخلهم، هنا الوضع مختلف وسوف يصبح هناك دافع أكبر للالتزام بالقوانين لأن العقوبة ستكون أكثر تأثيراً عليهم. وبشأن تقليل الفوارق الطبقية: من خلال فرض غرامات تعتمد على الدخل، يعتقد المؤيدون أن هذا النظام قد يساعد في تحقيق بعض العدالة الاقتصادية ويخفف من الفوارق الطبقية بين الأغنياء والفقراء في المجتمع في تحمل العقوبات. وبشأن النموذج الفنلندي الناجح: يدعم البعض تطبيق النموذج الفنلندي حيث يتم تحديد الغرامات بناءً على دخل الفرد اليومي. ويشيرون إلى أن هذا النظام قد أثبت نجاحه على أرض الواقع في دول أخرى مثل فنلندا وسويسرا حيث انخفضت معدلات السرعة الزائدة وحوادث المرور.
أما الطرف الآخر وهم المعارضون لفرض الغرامات بناء على الدخل حيث يستندون على عدة أسباب لرفضهم وأهمها هو تعقيد التنفيذ وإشكالية الخصوصية ومن الممكن أن يُنظر له على أنه غير عادل لبعض الفئات وأخيراً عدم تحفيز الإصلاح السلوكي. بشأن تعقيد التنفيذ: اعترض البعض على هذا النظام بحجة أنه قد يكون معقداً من حيث التنفيذ على أرض الواقع. أيضاً يكون من الصعب على المسؤولين الوصول إلى المعلومات الدقيقة حول دخل الأفراد وتطبيق الغرامات بسرعة. وبشأن إشكالية الخصوصية: هناك تخوف بشأن انتهاك الخصوصية إذا كان يجب على الحكومة أو الشرطة معرفة دخل كل سائق من أجل تحديد الغرامة. وأيضاً يمكن أن يثير هذا تساؤلات حول حقوق الخصوصية وكيفية إدارة هذه البيانات بكل سرية. بشأن النظر على أنه غير عادل لبعض الفئات: بعض الناس يرون أن فرض الغرامات بناءً على الدخل هنا أنت تعاقب الأشخاص ذوي الدخل المرتفع بشكل مبالغ فيه. فبغض النظر عن مستوى الدخل، يعتقدون أن العقوبة يجب أن تكون متساوية للجميع لأن القوانين والضوابط تنطبق بنفس الطريقة على الجميع. بشأن عدم تحفيز الإصلاح السلوكي: يعترض بعض المعارضين على الفكرة بأن فرض غرامات بناءً على الدخل قد لا يغير سلوك السائقين. السائقون الذين لا يلتزمون بالقوانين يمكن أنهم يستمرون في مخالفة السرعة، سواء كانت الغرامة ثابتة أو متدرجة، إذا ما عززتها بالقوانين وزيادة الرقابة.
إذاً ما هو الحل المناسب لنا كدول عربية وخاصة في السعودية، هناك اقتراحات بإمكانية تطبيق نظام يوازن بين الغرامات الثابتة والمتدرجة، أو تعزيز استخدام نقاط المرور حيث يتم خصم نقاط من رخصة القيادة لكل مخالفة، وهنا سوف يؤدي إلى سحب الرخصة في حال تكرار المخالفة. هذا قد يكون أكثر فعالية في الردع والالتزام بغض النظر عن الدخل.
أخيراً
النقاش حول فرض الغرامات بناءً على الدخل يعكس مسألة تحقيق العدالة في العقوبات، لكن في الوقت ذاته يتطلب نظاماً قوياً وشفافاً لضمان التنفيذ العادل والحفاظ على الخصوصية لكل فرد.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال