الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في خطوة تاريخية نحو تحقيق التنمية المستدامة، أعلن سمو ولي العهد حفظه الله عن إنشاء مؤسسة الرياض الغير الربحية، والتي سيكون لها دور ريادي في التنمية المُستدامة في العديد من القطاعات. هذه المؤسسة ستلعب دورًا مهمًا في تعزيز التنمية الاجتماعية، مستهدفاً الوصول الى قطاع غير ربحي مبادر ومؤثر في المجالات المتعددة وعلى مستوى عالمي. وسوف تركز المؤسسة على محاور أساسية منها؛ الصحة والسعادة: حيث يعيش جميع سكان الرياض حياة سعيدة وصحية وطويلة ومُرضية. وهذا المحور يتقاطع مع التخطيط الحضري وتنظيم السوق العقاري الذي أصبح حديث المجالس وخصوصاً الشباب منهم. حيث إن المملكة تتميز بروح الشباب وبتركيبتها السكانية الشابة، حيث بلغ متوسط عمر السكان 29 عامًا، وبلغ متوسط عمر السعوديين 25 عامًا، ووصلت نسبة السعوديين الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا إلى 63% من إجمالي عدد السعوديين، فيما وصل عدد المساكن في المملكة إلى أكثر من 8 ملايين مسكن، تشكِّل الشقق السكنية ما نسبته 51% منها.
وفي ضوء النمو السكاني المُستهدف وفق رؤية المملكة 2030، حيث تهدف إلى زيادة النمو السكاني إلى 50 مليون نسمة بحلول عام 2030، أصبح من الضروري معالجة التحديات المرتبطة بالتخطيط الحضري وتوازن السوق العقاري لتحقيق السعادة لمجتمع حيوي ناهض بالحيوية ومساهم في حياة مستدامة. الواقع يفرض منظومة عمل بمعايير عالمية لمراجعة العوامل المختلفة وبشكل دقيق وفاحص للأسباب وراء الارتفاعات المتتالية في السوق العقاري بشكل غير متزن وعشوائي، أدى لأثار سلبية اجتماعية واقتصادية مختلفة.
رؤية السعودية 2030 أسست لمجتمع حيوي وبهذه التركيبة السكانية الشابة، من المهم إعادة تقييم النتائج لمشاريع الإسكان المختلفة لتمكين الأسر من تملك سكن ملائم، حيث إن التملك أصبح تحديًا كبيرًا لشريحة من السكان. وأحد أهم الأسباب وراء التضخم تعود جزئيًا إلى المضاربات العقارية وعدم وجود أنظمة كافية لإدارة السوق العقاري وتوازنها.
ونتيجة لهذا الارتفاعات التي تتجاوز القدرة الشرائية لمتوسط الأفراد، قام المُطوّر العقاري بالتوجه لبيع الأدوار السكنية بشكل عشوائي. فعلى سبيل المثال، نُلاحظ مؤخراً في مدينة الرياض الترخيص لبناء أدوار متعددة في شوارع ضيقة – بعرض 15 مترًا – ونحوها دون أخذ جميع الجوانب المحيطة ومن أهمها البنية التحتية في الاعتبار، حيث سيساهم هذا الأسلوب في زيادة الكثافة السكانية في هذه المناطق والتسبب في مشكلات مرورية مستقبلاً لم يُؤسس لها.
ففي دول مختلفة تطبيقات وتجارب عديدة منها، تطبيق ضرائب أعلى على المعاملات العقارية التي تتم بشكل متكرر خلال فترة قصيرة بهدف الحد من المضاربات وتشجيع المستثمرين على التطوير العقاري بدلاً من تداول الأراضي بهدف الربح السريع. كما أن مبدأ إعادة تدوير قيمة الأرض للمجتمع، وتشجيع الإعمار وذلك بفرض ضرائب على كل أرض مهما كان حجمها ويتم وضع قيود وتفاصيل (للمصلحة العامة) ليس هذ محلها. وسعر العقار والضريبة يحددها سعر المتر من مشتر وبائع، وليست لجنة تتحمل أعباء تحديد أسعار لأراضي حددها السوق من قبل!
والتخطيط الحضري وبرامج الإسكان أهم أعمدة الاستقرار العقاري، ويتحقق هذا بتطوير منظومة التشريعات العقارية. فمن تلك الأمثلة للتجارب العالمية، فرض ضرائب متزايدة على الأراضي غير المطورة أو الأراضي التي يتم تداولها أكثر من مرة خلال فترة زمنية قصيرة. ومن ذلك فرض قيود على ترخيص البناء في المناطق ذات البنية التحتية الضعيفة حتى يتم تطويرها لتتناسب مع الكثافة السكانية المتوقعة. فلا يمكن أن يتم الترخيص لبناء أدوار بكثافة سكانية عالية في مناطق في أحياء وشوارع مخصصة لفلل وبعرض يناسبها. وسيكون بناء الأدوار مقبولاً إذا كان البناء مؤسس بمواقف كافية تحت الأرض، لضمان تنظيم عمراني متكامل!
دور المنظمات غير الربحية مهم وكبير، ومن ذلك تقديم مساهمات فاعلة ونوعية في دعم وتطوير التشريعات العقارية والدعوة لها، ومن ذلك إنشاء مرصد عقاري مستقل لمراقبة الأسعار وتحليل السوق. هذا المرصد يمكن أن يقدم تقارير دورية للجهات الحكومية والمستثمرين حول حالة السوق، مما يسهم في تعزيز الشفافية وضبط الأسعار وجذب المستثمرين. ومن ذلك تنظيم ورش عمل وندوات توعوية للمواطنين حول حقوقهم وواجباتهم في السوق العقاري، وتعزيز ثقافة التطوير العقاري في المجتمع وإنهاء ثقافة أن الأرض لا تأكل ولا تشرب!
كل هذا وغيره مع مزيد من التعاون والتقييم المستمر والدوري، مع نقل المعرفة من أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال.
رؤية 2030 تسعى إلى رفع مستوى الخدمات الحضرية وتوفير بيئة معيشية تتناسب مع تطلعات السكان، وتحقيق توازن في سوق العقارات يمكن أن يكون جزءًا أساسيًا من هذا الهدف. من خلال تبني سياسات عقارية مستدامة وتحفيز الاستثمار في تطوير الأراضي، ستحقق المملكة استقرار السوق العقاري المطلوب وفق أهداف الرؤية. لتحقيق هذه الأهداف، يجب على جميع الأطراف المعنية – من منظمات غير ربحية، وجهات حكومية، ومستثمرين – التعاون لضمان تحقيق التنمية المستدامة للمملكة بما يتماشى مع رؤية 2030 ولمستقبل مشرق للأجيال القادمة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال