الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يتوقع الكثير من الناس أن الاستدامة تعني الحفاظ على البيئة فقط. ولكن الواقع إن الاستدامة هو مصطلح أكبر من ذلك بكثير حيث تقرر وضع أطر وأهداف موحدة يسعى لها العالم كافة ممن انظموا الى الأمم المتحدة للسعي وراء تحقيق الاستدامة. فقد اتفقت ١٩٥ دولة من خلال الأمم المتحدة، وهي المنظمة الأكبر في العالم، على خوض تحدي تحقيق هذه الأهداف خلال عام ٢٠٣٠م. أدرجت هذه الأهداف تحت مسمى أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة وعددها ١٧ هدف. سنعرض هذه الأهداف بين الاقواس في هذا المقال.
نظرا لأن الفقر والجوع من أهم القضايا العالمية فقد كان هدف (القضاء على الفقر) و(القضاء على الجوع) في مقدمة قائمة هذه الأهداف. وهي قبل ذلك من تعاليم الدين الإسلامي الذي يحث على القضاء على الفقر. فقد ذكر الشيخ علي الطنطاوي في كتابه تعريف عام بدين الإسلام وهو يصف الزكاة أنها شفاء من داء الفقر الذي هو شر الأدواء حيث وصف الفقر بأنه داء. يلي ذلك هدف (تأسيس الصحة الجيدة والرفاهية) و(توفير التعليم المناسب). حيث تتواجد مقومات الصحة والتعليم في العالم ويبقى نقلها الى الدول التي تفتقر لمثل هذه الركائز الأساسية. وكان الهدف الخامس هو (فرض المساواة بين الطرفين) حيث العديد من الدول لا تجد فيها المرأة فرصة لحياة هانئة.
وبما أن العديد من الدول تفتقر (تحسين الماء النظيف والصرف الصحي) كان لزاما على الأمم المتحدة فرض هذا الهدف كي تتشارك الدول القادرة على دعم شقيقاتها على توفير مثل هذه المتطلبات الأساسية والتي بدونها تصبح الحياة أكثر صعوبة والتحدي قاسي. كما كان لـ(تنمية الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة) هدف يجب تحقيقه ليتم توفيرها وبطريقة مستدامة وبأسعار يستطيع الجميع الحصول عليها. كما ان الهدف الثامن هو (توفير فرص عمل لائقة وتنمية اقتصادية) في الدولة لكي يستطيع الجميع المشاركة بالعمل المناسب لكل شخص ليساهم في التنمية الاقتصادية للدولة وبطاقات محلية.
إن تحقيق ما سبق سيساعد على (تعزيز الصناعة والابتكار والبنية التحتية) حيث كان ذلك الهدف التاسع. وبذلك تستطيع الدول النمو والتطور. ولكن ذلك لن يتحقق في عدم وجود العدالة وعدم المساواة بين أفراد المجتمع وخصوصا في الدول التي يكثر فيها التفريق العرقي وغيره. لذا تم وضع هدف (الحد من أوجه عدم المساواة) وهو بشكل عام لكل أنواع عدم المساواة سواء عرقية أو جنسية أو مكانة اجتماعية أو مالية. وبما ان ذلك يصعب انهاءه لأنه داخل في ثقافة بعض الشعوب بشكل قوي فكان الحد منه حل أمثل، لأن المطالبة بإنهائه هدف مبالغ فيه ويصعب تحقيقه.
يلي ذلك الهدف، بناء (مدن ومجتمعات محلية مستدامة) وتعني أن يكون الشخص يعيش في مدينة مخططة من جميع النواحي مثل الأمن وشبكة المواصلات المستدامة وعدم التوسع الحظري السيء وتوفير التنظيم المروري اللازم. بحيث يستطيع الشخص استخدام وسائل مواصلات نظيفة وسهلة ويحصل على المسطحات الخضراء والحد من التلوث داخل المدينة وعدم التوسع الحظري السيء في الأحياء الفقيرة وانبعاثات الغازات الدفيئة. كل ذلك يزيد من التلوث وخلق مدن غير امنة مسببا في زيادة نسبة الجريمة وصعوبة الحياة. وتسعى مملكتنا الغالية بتعزيز ذلك وكان لمدينة نيوم مثل يحتذى به في المدن المستدامة على مستوى العالم.
أما الهدف الثاني عشر هو (ضمان أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة) وتعني بإختصار، انتاج المزيد بشكل أفضل وبتكلفة أقل. ان ذلك أمر أساسي للحفاظ على سبل عيش الأجيال الحالية والمستقبلية. يلي ذلك هدف (التغير المناخي) بمعنى التوصل الى حلول للحد من تغير المناخ وعدم التأثر والتكيف على ذلك. فيجب رفع سقف الطموحات والاستثمار في الطاقة المتجددة. هذا بالنسبة للمناخ، ولكن ذلك التغير طال (الحياة تحت الماء) أيضا مما جعله في قائمة أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة وذلك بالحفاظ على كل من المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لما توفره لنا من غذاء ودواء ووقود حيوي وغيرها.
أما (الحياة في البر) كان هدف من هذه الأهداف لما شهده العالم من إزالة للغابات وزيادة التصحر مما تسبب في مواجهة العالم ازمة ثلاثية تتمثل في التغير المناخي والتلوث وفقدان التنوع الحيوي. عندها فقد وضعت الأمم المتحدة هدف (السلام والعدل والمؤسسات القوية) وذلك لإقامة مجتمعات مسالمة بدون تهميش لأي شخص مع إمكانية تحقيق العدالة وبناء مؤسسات فعالة. بذلك يتحرر الناس من الخوف والعنف في وجود نظام حازم رادع للمعتدي وعادل منصف للمجتمع.
كان الهدف السابع عشر هو (عقد الشراكات لتحقيق الأهداف) وهو أن يكون هناك وعي على جميع المستويات لتحقيق هدف مشترك بين كل من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني وذلك بتكوين شراكات ناجحة تحقق الهدف المنشود. بذلك كانت الأمم المتحدة قد وضعت اطار موحد لجميع دول العالم لتحقيق أهداف الاستدامة. يكون على عاتق الحكومات أولى المسؤوليات لتنفيذ هذه الأهداف وذلك بتطبيق الشروط والأنظمة على الشركات والمجتمع.
ختاما أشكر البروفيسور افتار ماثارو (Professor. Avtar Matharu) نائب مدير مركز الكيمياء الخضراء في جامعة يورك في بريطانيا على الاستشارات والنصح والدعم اللامحدود المقدم منه في هذا المجال. كان هو من اقترح علي اثارة هذه الأهداف في المجتمع وذلك في اخر اجتماع معه في بريطانيا قبل بضعة أشهر. حيث يشارك هذا المركز بالعديد من المشاركات في المؤتمرات العالمية في مجال الاستدامة سواء على المستوى الاكاديمي أو الصناعي أو المجتمعي او المنظمات غير الربحية. كما يتم عمل العديد من أبحاث الدكتوراه والماجستير في المختبر الخاص بالمركز في الجامعة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال