الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تخيل عالمًا يعج بالروبوتات، حيث تصبح الشوارع والمكاتب موطنًا لآلات بذكاء بشري، تتحرك بيننا وتعمل بجانبنا. إن دخول الروبوتات إلى حياتنا ليس مجرد خيال علمي، بل واقع قريب جدًا. هذه الثورة التقنية تعد بتحولات جذرية ستعيد تشكيل حياتنا اليومية وتغير ملامح اقتصادنا بشكل لم نشهده من قبل. لكن ماذا يعني هذا المستقبل لنا كبشر؟ وكيف ستتغير سلوكياتنا ومجتمعاتنا في ظل هذا الزخم التكنولوجي؟ كيف يمكن لهذا الغزو التكنولوجي أن يعيد صياغة حياتنا ويفتح أبوابًا جديدة من الفرص والتحديات.
خلال أحد جلسات مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي عقد الثلاثاء الماضي، قال الملياردير إيلون ماسك، إنه بحلول عام 2040 سيكون هناك ما لا يقل عن عشرة مليارات روبوت بهيئة بشرية، بسعر يتراوح بين 20 ألف دولار و25 ألف دولار للروبوت الواحد. هذا يعني ان العالم، سينفق ما بين 250 و300 تريليون دولار لشراء هذه الروبوتات. هذا مبلغ ضخم ويعكس التغيير الكبير الذي قد يحدث في الاقتصاد العالمي، كما ان الاستثمار الهائل في الروبوتات سيؤثر على الاقتصاد العالمي بطرق متعددة، توقعات إيلون ماسك غالبًا ما تكون طموحة جدًا. بينما التقدم في الروبوتات والذكاء الاصطناعي سريع، فإن الوصول إلى 10 مليارات روبوت بشري بحلول 2040 قد يكون طموحًا جداً. التطورات التكنولوجية يمكن أن تحدث بسرعة، ولكن هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تؤثر على هذا التوقع، مثل التكاليف، القوانين، والتبني الاجتماعي. ويساعد الطلب على الروبوتات زيادة إنتاجية الشركات والعمل على مدار الساعة دون توقف، مما يعزز القدرة الإنتاجية وتحقيق كفاءة اعلى، كما انها تساهم في العديد من الوظائف الروتينية بواسطة هذه الروبوتات، وسوف تؤدي هذه الى فقدان الوظائف التقليدية، وتغييرات كبيرة في سوق العمل، الا انها لن تقضي على كل الوظائف التقليدية، ربما تختفي او تتغير بعض الوظائف، الا ان هناك وظائف جديدة ستظهر وتتطلب مهارات جديدة، وعلى مر التاريخ دائما ما كان يعني تحول في أنواع الوظائف المتاحة، وليس اختفاءها بالكامل.
توقعات نمو الطلب على الروبوتات في دول العالم وخاصة المتقدمة والغنية، سوف يدفع هذه الدول الى تحفيز الابتكار، فالشركات ستحتاج الى تطوير تكنولوج متقدمة لتصنيع وصيانة الروبوتات، مما سيدفع عجلة الابتكار والتطوير في العديد من القطاعات، وأيضا تقليل التكاليف التشغيلية من خلال تقليل الحاجة الى العمالة البشرية في بعض المجالات، ويدفع زيادة الطلب رفع مستوى التعليم وتدريب القوى العاملة على مهارات جديدة تتماشى مع التكنولوجيا المتقدمة، وربما يحتاج المجتمع الى تشريعات وقوانين جديدة لتنظيم استخدام الروبوتات وضمان امان وسلامة المجتمع. الاستثمار في الروبوتات يمكن أن يعيد تشكيل الاقتصاد العالمي بطرق غير مسبوقة، مما يتطلب استعداداً وتخطيطاً محكماً لضمان تحقيق الفوائد المرجوة وتقليل الآثار السلبية.
دول الخليج بدات مبكرا في استخدام التكنولوجيا المتقدمة وصناعة الروبوتات وتعد دول الامارات العربية المتحدة والسعودية من الرواد في العالم العربي من حيث تطوير العديد من الروبوتات للاستخدام في الخدمات الصحية والتعليمية والتجارية، وتحسين الأداء في مجالات مختلفة مثل الصناعة والتجارة والخدمات العامة. ويتطلب من الدول العربية لمواكبة هذا التحول في سوق الروبوتات ان تشرع من الان الى تحفيز الشباب للانخراط في هذا المجال.
اطلعت على بحث صدر عام 2018 للباحثة مريم احمد الحضري وهي معلمة لطالبات الصف الأول الابتدائي، والحقيقة بذلت الباحثة جهد علمي كبير لإخراج هذه المعلومات واهميتها في المجتمع العربي، بشكل عام والسعودية بشكل خاص، وأشارت الى ان هناك جملة من العوامل التي تدفع نحو الاهتمام المتزايد باعتماد تكنولوجيا الروبوتات في مجالات الحياة المختلفة، منها، تحسين الإنتاجية في بيئة عالمية أكثر تنافسية، وتحسين نوعية حياة الأفراد، و تجنيب البشر مخاطر القيام بالأعمال الخطيرة والصعبة، وتقول ،في السنوات القليلة المقبلة سوف تلعب الروبوتات، وخاصة الروبوتات الاجتماعية والشبيهة بالبشر في المظهر والتصرفات والسلوكيات، أدوارا أكبر بكثير في حياتنا. وهذا الأمر الجديد يثير الكثير من القضايا والتحديات والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والأخلاقية الخطيرة والجديرة بالبحث والمناقشة، من حيث القبول الاجتماعي للروبوتات، وفهم كيفية التواصل والتفاعل بين البشر والروبوتات، وقضايا السلامة والأمن وأبعادهما في التعامل مع الروبوتات، ومسائل الخصوصية إزاء ما يتعلق بجمع البيانات عن طريق الروبوتات. وتبين الباحثة في ورقتها التي كانت بعنوان “الروبوتات” انه رغم انشغال الدول المتقدمة بمثل هذا الاهتمام بتكنولوجيا الروبوت، الا انه في العالم العربي ليس له صدى واضح، ولا تزال تكنولوجيا الروبوت وتطوراتها وآفاقها الواعدة غير مألوفة، وتقول مازلنا نعاني القصور الشديد في الأخذ بمقومات تطبيق تكنولوجيا الروبوت، كما أن الثقافة الروبوتية تكاد تكون معدومة لدينا. وبرغم أن الروبوتات لم تعد تندرج ضمن الخيال العلمي، فإن أفكار بعض الناس عنها في العالم العربي، ما تزال أقرب إلى أفلام الخيال العلمي وتصوراته.
على مستوى العالم تعد اليابان والولايات المتحدة الامريكية من الدول الرائدة في استخداما الروبوتات بهيئة بشرية، وتستخدم في اليابان في مجالات متعددة مثل الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية، بينما تركز الولايات المتحدة في الخدمات الاقتصادية والتعليمية. وينتشر حول العالم نحو مليون و500 ألف روبوت بهيئة بشرية، وهذه الأرقام تشمل الروبوتات المستخدمة في مجالات مختلفة مثل الصناعة، الرعاية الصحية، التعليم، والخدمات الاجتماعية. بشكل عام، الاستثمار في الروبوتات يمكن أن يعيد تشكيل الاقتصاد العالمي بطرق غير مسبوقة، مما يتطلب استعداداً وتخطيطاً محكماً لضمان تحقيق الفوائد المرجوة وتقليل الآثار السلبية، وربما الاقتصادات الناشئة والدول النامية قد تجد صعوبة في مواكبة هذا التحول، مما قد يزيد من الفجوة الاقتصادية بين الدول المتقدمة والنامية، الا انه يمكن أن يسبب تحديات كبيرة للدول ذات الاقتصادات الضعيفة، لأن تكاليف التطوير والتكنولوجيا المرتبطة بالروبوتات قد تكون مرتفعة. وهذا قد يؤدي إلى فجوة أكبر بين الدول المتقدمة والدول النامية من حيث القدرة التكنولوجية. لكن، يمكن أن يكون هناك أيضًا فرص للتعاون والشراكة بين الدول المتقدمة والدول النامية. الدول المتقدمة يمكن أن تساعد في تدريب الكوادر البشرية وتقديم الدعم التكنولوجي. كما أن الابتكار ليس محصوراً فقط في الدول الغنية، فقد تظهر حلول مبتكرة ومتناسبة مع الظروف المحلية من الدول النامية نفسها. الأمر كله يعتمد على كيفية التعامل مع هذه التحديات واستغلال الفرص المتاحة.
العالم مقبل على مرحلة جديدة من الحياة، حيث سيكون من النادر أن ترى أشخاصًا بشرًا مثلك في الشوارع والمكاتب. بدلاً من ذلك، ستكتظ هذه الأماكن بالرجل الآلي، وربما ستصادفه في الطريق يلقي إليك التحية. هذه التحولات ستعيد تشكيل الاقتصاد بطرق عديدة. الروبوتات البشرية قد تتولى العديد من الوظائف والمهام الروتينية، مما يفتح المجال للبشر للتركيز على الابتكار والإبداع. الشركات قد تجد فرصًا جديدة لتحسين الكفاءة وتقليل التكاليف، بينما يزداد الطلب على المهارات التقنية والمعرفة بالذكاء الاصطناعي. لكن هذا المستقبل يثير أيضًا تساؤلات حول التأثير الاجتماعي والاقتصادي لهذه التغييرات. هل سنكون قادرين على التكيف مع وجود الروبوتات بجانبنا؟ وكيف يمكن أن نضمن توزيع الفوائد بشكل عادل بين جميع شرائح المجتمع؟ بغض النظر عن الإجابات، يبدو أن مستقبلنا سيكون مختلفًا تمامًا عما نعرفه اليوم، والروبوتات البشرية قد تكون جزءًا كبيرًا من هذا التغيير.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال