الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ميزة القانوني أنه مثل المفتاح العام لكل الأبواب المغلقة، فهو يستطيع تقديم الحلول على مستوى التشريع، وتطبيق القانون على مستوى القضاء، وتأسيس الشركات وإدارة أعمالها وتنظيم حوكمتها من وحي دراسة الأنظمة واللوائح..
لكن هذه المهن الموازية للمهن القانونية الأساسية تحتاج إلى بعض التأهيل المعرفي والعملي قبل أن يكون القانوني جاهزًا لممارستها، وإلا لكان القانوني إنسان موسوعي. وهنا قد يعود خريج القانون طالبا من جديد، بادئا الطريق من أوله، متجاهلا كل ما كان قد حصل عليه من معرفة وتدريب قانوني؛ ليس لأن القانوني لا يعرف شيئا عن علوم المال والأعمال والإدارة والمحاسبة، بل لأن المعرفة النظرية السطحية شيء، والممارسة المهنية على أرض الواقع شيء مختلف تماما.
هذه التشعبات المهنية للقانوني تفرض عليه واقعا مستمراً من العمل الدؤوب والاستنزاف الدائم للوقت والجهد، وإلا وجد نفسه خارج نطاق السباق في المنافسة المهنية الشرسة والمتغيرة والمتسارعة بالتطور بشكل هائل. لكن التشعبات المهنية تفرض على القانوني إشكاليات عديدة منها ضرورة تحصيل التأهيل المهني من جهات رصينة، وبكيفية دقيقة؛ تمنحه القدرة والموثوقية اللازمة لبدء ممارسة مهنية جادة وتنافسية.
الشهادات المهنية والأهمية المصيرية ..
إذا كان الحصول على شهادة أكاديمية أمرا ضروريا لمنح الشخص تأهيلا علميا، فإن الحصول على شهادة القانون تجعل من الخريج نقطة التقاء بين العلوم المتوازية. فالقانوني يستطيع ممارسة المحاماة أو العمل في الجهات الحكومية أو النيابة العامة أو إدارة حوكمة الشركات وغيرها من المهن ذات الأبعاد العلمية المتوازية من تخصصات مختلفة لا تلتقي إلا في شخصية القانوني.
وعليه، فإن هذه القدرة المبدئية للقانوني في ممارسة المهن ذات المنشأ العلمي المتوازي لا يمكن أن تتحقق دون أن تكون سيرته الذاتية قابلة للتكيف مع مختلف فرص العمل. فالشركات والمؤسسات تفتح أبوابها للقانوني ذو المهارات المهنية المختلفة، لكنها تشترط قبل ذلك وجود إثبات مهني يقنعها بقدرة القانوني على ممارسة المهن المتوازية مع علم القانون.
ومن هنا خرجت فكرة الشهادات المهنية؛ والتي هي عبارة عن وثيقة تثبت تلقي القانوني مثلا لتعليم مركّز إضافي في جانب من الجوانب المرتبطة بالإدارة أو المحاسبة المالية، ثم نجاح هذا القانوني باختبارات صارمة لإثبات جودة التأهيل المهني في هذا الشق الفرعي من القدرات العملية للقانوني.
وهنا تظهر الأهمية المصيرية للشهادات المهنية في أنها لم تعد تترك شيئا للصدفة بخصوص الممارسة المهنية للقانوني خارج نطاق القانون؛ بل أصبحت هذه الممارسات المهنية المتشعبة خاضعة لفحص وإثبات جدارة، ثم شهادة معترف بها عالميا.
الشهادة المهنية والوقت المثالي..
طالما كنا نتحدث عن خريج القانون، فإن وقت بدئه بالسعي خلف الشهادات المهنية سيتلو بالتأكيد حصوله على شهادة القانون؛ لكن هل يجدر بالقانوني الحصول على التأهيل المهني فور تخرجه حتى تكون سيرته الذاتية مقنعة لجهات التوظيف؟
الحقيقة أن القانوني حديث التخرج لن يستطيع توفير وقت كاف للحصول على الخبرة القانونية الأساسية وتحصيل التأهيل المهني معا؛ فالمهن القانونية لا ترحم من حيث صعوبتها وتفاصيلها وإجراءاتها، والمسؤولية عن الخطأ فيها قد تكون كارثية وباهظة الثمن.
لذا، فمن الأفضل على القانوني أن يبدأ في أعوامه الأولى بتثبيت أقدامه في سوق العمل وفق المهنة القانونية التي اختارها مثل المحاماة، فيجيد التعامل مع الموكلين والقضاء ودوائر التنفيذ؛ بحيث يصبح على مستوى جدارة قانونية كافية ضمن أروقة المحاكم. وبعدها، يمكن أن يضيف المحامي مزيدا من المهارات المهنية إلى تأهيله النظري والعملي الأساسي، عندها يكون بنيان القانوني يستند على أرض صلبة من القدرات المهنية والخبرات العملية القادرة على منح مخيلته مزيدا من الحلول في العالم المهني الموازي.
الخبرة المشترطة للتأهيل المهني عنصرجوهري أم كمالي
طالما أن القانوني سيكون مقبلا على تغيير في أجواء الممارسة المهنية، فهل يجب أن يكتسب بعض الخبرة في المجال المهني الموازي قبل الحصول على شهادة التأهيل المهني؟ أم إن الخبرة ستأتي بعد حصول القانوني على فرص مهنية جديدة مرتبطة بتأهيله المهني الجديد؟
الحقيقة أن القانوني حتى يحصل على شهادة التأهيل المهني في تخصص ما، فيجب عليه أن يكون مطلعا من حيث العلم النظري على بعض تفاصيل الوقائع المهنية المرتبطة بهذه الشهادة، لكن هذا الاطلاع لا يعني بأي حال من الأحوال بأن القانوني سيكون مكتفيا بذاته، بل إن هذا الإطلاع سيكون مجرد درجة أولى في سبيل تحصيل الشهادة المهنية.
أما الخبرة المهنية المطلوبة للحصول على التأهيل المهني فتنقسم إلى قسمين أساسيين، وهما:
كيفية اختيار القانوني للشهادة المهنية المثالية ..
بغض النظر عن المسميات وعن العروض الترويجية للحصول على الشهادات المهنية التي أصبح تقديمها سوقًا قائمًا بذاته، فإن على القانون أن يسأل نفسه دائما عن القطاع المهني الذي ينوي أن يسير فيه.
فإذا كان القانوني خريج دراسات عليا في القانون التجاري فيختار شهادات مثل شهادة الحوكمة وإدارة المخاطر والالتزام أو شهادة أنظمة ولواح السوق المالية، أما إذا درس القانون المدني أو الرياضي فيختار شهادة المحكم الدولي الصادرة من المجمع الملكي البريطاني للمحكمين، أما إذا درس القانون الجنائي فيختار شهادة مدقق حوكمة ومخاطر والتزام، وفي حال عدم تقدم خريج القانون في الدراسات العليا، فعليه في جميع الأحوال أن يحصل على شهادة الاعتماد المهني السعودي للقانونيين.
فإذا، على القانوني أن يختار طريقه المهني الفرعي جنبًا إلى جنب مع اختياره السابق للتخصص القانوني، ولا يكون اختيار السلك المهني أقل مصيرية من التخصص الأساسي، بل إن دراسة حاجات السوق وإسقاطها على إمكانيات القانوني قد تمثل العنصر الحاسم في نجاح مسيرته المهنية وقدرته على شق طريقه في أوساط مهنية يزداد التنافس فيها يوما بعد يوم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال