الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
العديد من الحكومات في دول العالم تنبهت منذ فترة أن معظم برامجها – سواء المستقلة أو التابعة لمؤسساتها – الخاصة في دعم ريادة الأعمال الابتكارية والشركات الناشئة غير ملائمة للعمل مستقبلا بشكلها الحالي، فضلا عن أنها قد أخفقت في تحقيق العديد من الأهداف التي رسمت لها، فطبيعة الهيكلة التنظيمية، والثقافة المؤسسية، والنهج المتبع في إدارة هذا النوع من البرامج لم تعد تتناسب مع متطلبات رواد الأعمال المبتكرين وتأسيس الشركات الناشئة التي تقتضي فكرًا وأسلوبًا وحراكاً إبداعياً في كل أشكال الدعم.
أغلب هذه البرامج تشابهت في أسباب عدم أهليتها للاستمرار مستقبلا بشكلها الحالي، وكان من أهمها الافتقار إلى رؤية استراتيجية طويلة المدى، واستمراء التركيز على إنجازات سريعة لخدمة تقارير الأداء السنوية، وقد تعرضت إدارات برامج عديدة لانتقادات حكوماتها ومجتمعاتها، كما حصل مع مركز تنمية الأعمال الصغيرة في باكستان، ووكالة الابتكار الوطنية في ماليزيا، والمجلس الوطني للابتكار وريادة الأعمال في جنوب إفريقيا، ووكالة تطوير الابتكار في الهند، وصندوق الاستثمار الوطني للابتكار في روسيا، وبرنامج تعزيز الابتكار في الشركات الصغيرة والمتوسطة في إسبانيا.
أيضا، من ضمن الأسباب أن هذه البرامج انكبت على الاحتفاليات والمسابقات والمعارض والدعاية، التي وإن عززت ثقافة ريادة الأعمال على المدى القصير، إلا أنها نادرًا ما يكون لها مخرجات ملموسة، وكأن مسألة تعزيز الصورة العامة للبرنامج من خلال هذه الفعاليات تتقدم على أهمية تحقيق الأهداف، وقد تعرضت وكالة الابتكار والتكنولوجيا في المكسيك، وصندوق دعم الابتكار الوطني البرازيلي، لانتقادات واسعة من مجتمعاتها ونقد حاد من قياداتها السياسية لهذا السبب.
كما أبدى كثير من رواد الأعمال – في عدة دول – امتعاضهم من برامج لا تتناسب مع تطلعاتهم وغير ملائمة لاحتياجاتهم المستقبلية، بسبب سطحية برامج الدعم الحالية سواء من الناحية العلمية أو العملية، وهو ما يُعزى إلى جهل بطبيعة بيئة ريادة الأعمال الابتكارية، فقد كانت هذه البرامج تعاني من التركيز على الإجراءات الشكلية والبروتوكولات، بدلاً من الحلول العملية التي تساعد رواد الأعمال وشركاتهم الناشئة على النمو والتوسع، كما حصل في برنامج تعزيز الابتكار في الشركات الصغيرة والمتوسطة في إسبانيا.
هذا إضافة للشكوى من غياب الشفافية في تقييم مشاريعهم من أجل الحصول على التمويل، والبيروقراطية المعقدة في إجراءات التقديم، مما أحرج مؤسسة الابتكار والتكنولوجيا في كوريا الجنوبية، بل ووصل الأمر إلى شكاوى عن تحزبات الدعم ضد بعض الرّواد، نتيجة التنافس الداخلي في إدارة البرنامج الواحد، كما كان الحال في وكالة تنمية الابتكار في الأرجنتين، أو بسبب تضارب مصالح برامج الدعم مع جهات حكومية أخرى، وما أسفر عنه من هدر للوقت والموارد في الخلافات على المسؤوليات والصلاحيات، وقد عانى برنامج الابتكار وريادة الأعمال في تركيا في هذا الخصوص، أو لأسباب سياسية قُطرية كما حصل في برنامج “هورايزن 2020” في الاتحاد الأوروبي.
برامج ريادة الأعمال الحكومية حول العالم تتهيأ للمستقبل، فالتحديات الاقتصادية المتزايدة كماً ونوعاً تدفعهم لإعادة تأهيل برامجها في دعم ريادة الأعمال الابتكارية، من خلال تقييم ما حصل في الماضي، وقراءة الحاضر بشكل واقعي، والعمل على استقراء مدلولات المستقبل، وبشراكة حقيقية وجادة مع الجامعات والمعاهد العلمية (موطن البحث والابتكار)، ومؤسسات القطاع الخاص (موطن المال والأعمال)، بغية صناعة مخرجات عضوية ومنافسة، وذات مساهمة فعالة في الناتج المحلي الإجمالي في اقتصاداتهم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال