توعية المُبتعثين الفاعلة ضرورة

تُعد توعية المبتعثين حول القوانين الأساسية في البلد الذي سوف يُبتعثون إليه أحد الجوانب المهمة التي تضمن سلامتهم وامتثالهم لقوانين البلد، وتعزز فرص الإبتعاث السلسة والناجحة. 

فعلى سبيل المثال: من توجه الابتعاث للدراسة في الولايات المتحدة سوف يجد أنظمة قانونية مختلفة ومعقدة لا يُقبل العذر بالجهل في الكثير منها، ويفترض على المُبتعثين أن يكونوا على دراية بتفاصيلها لأنها تُلامس حياتهم اليومية وتؤثر على استقرارهم الأكاديمي والاجتماعي٬ بل وعلى سمعة وطنهم في كثير من الأحيان. وهذا يُبرز أهمية التوعية الفاعلة للمبتعثين بهذه القوانين حيث إن فهمهم لحقوقهم وواجباتهم القانونية خطوة جوهرية تساعدهم على تجنب أي مشكلات قانونية قد تقع -لا سمح الله-.

 الشكر والتقدير للبرامج التي تقدمها وزارة التعليم لدعم المبتعثين قبل الابتعاث، إلا أن القانون الأمريكي يُعتبر من أكثر الأنظمة القانونية تعقيداً في العالم، حيث يتضمن اختلافات جوهرية بين القوانين الفيدرالية وقوانين الولايات المحلية، إلى جانب طبيعة تطبيقها الصارمة. ومن هنا نُدرك أنّ المبتعثين يحتاجون إلى برامج توعوية متخصصة وفعّالة، تتيح لهم فهم أعمق لهذا القوانين وتحليل التحديات التي قد يواجهونها من منظور شامل وفاعل، مما يقلل من احتمالية تعرضهم للحرج والعقاب نتيجة جهلهم بالقوانين. 

برنامج التوعية القانونية المُقترح يهدف إلى تقديم معلومات واضحة وشاملة وتفاعلية حول مختلف الجوانب القانونية التي تؤثر على حياة المُبتعثين. يشمل ذلك موضوعات مختلفة مثل قوانين الهجرة ومتطلبات تأشيرات الدراسة (F-1) ونموذج (I-20) حيث يتم إرشاد الطلاب إلى كيفية الالتزام بالشروط التي تضمن امتثالهم للقوانين السارية خلال فترة دراستهم. ومن ذلك أيضاً القوانين الخاصة بالعمل أثناء الدراسة، حيث إن قوانين العمل للمبتعثين تتطلب معرفة دقيقة لحمايتهم من الوقوع في مخالفات تتعلق بالتوظيف غير المشروع أو العمل دون تصريح مما يُعرّض إقامتهم للخطر.

ومن المحاور المهمة أن يشمل البرنامج أيضاً أساسيات المسؤولية المدنية والجنائية، بما في ذلك قوانين المرور والحوادث المرورية والتعامل مع رجال الأمن وغيرهم. يُفترض أن يتعرّف الطلاب على مسؤولياتهم القانونية في حال وقوع حادث مروري، وكيفية التعامل مع المخالفات القانونية وتبعاتها، وبماذا يُجيب الطالب على تساؤلات رجال الأمن وما هو حق (التزام الصمت والتحدث مع محامي) إذ يمكن أن يؤدي الجهل في هذه القوانين إلى مالا يُحمد عقباه وبما يُضر بمسيرة الطالب وحياته المهنية. أهمية أن يعلم المبتعث وجود قوانين تتيح لرجال الأمن التخفي في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وغيرها من أجل القبض على كل متحرش في القاصرين لمن أعمارهم أقل من ١٨ عاما، وأن يعلم أن التواصل مع القاصر خط أحمر لا يمكن تجاوزه مهما كانت الأسباب ولو وُجِدَ الرضى من القاصر ووليه.

 ومن المشكلات المتكررة مع حياة المبتعثين بشكل عام قوانين العقود والتزاماتها، بما في ذلك عقود الإيجار السكني وشراء المركبات، مما يعين الطلاب على فهم حقوقهم والتزاماتهم التعاقدية ويجنبهم الدخول في نزاعات قانونية معقدة. ولا ننسى حماية الملكية الفكرية التي يُدرجها القانون الأمريكي تحت القانون الفيدرالي الذي يستحق مخالفيه أقصى عقوبات السجن لسنوات تصل إلى خمس سنوات وغرامات ماليه باهظة. 

من المهم أن يشمل هذا البرنامج تقييمات واستبيانات تقييم دورية ومراجعات مستمرة للتأكد من فاعلية البرنامج في تلبية احتياجات المبتعثين، فالقوانين في الولايات المتحدة قد تتغير بشكل دوري، كما أن احتياجات المبتعثين تتطور تبعاً للظروف المختلفة التي قد يمرون بها. لذا، يُنصح بإجراء تقييمات سنوية لتحديث البرنامج وتطوير المحتوى ليشمل كل ما يستجد من قوانين أو تعديلات قانونية، مما يعزز كفاءة البرنامج ويزيد من قدرته على تقديم الدعم القانوني اللازم. 

في الختام، يُعتبر هذا البرنامج ضرورة أساسية لتأمين حياة مستقرة للطلاب المبتعثين في غربتهم، مما يعزز من قدرتهم على التركيز في تحصيلهم العلمي وتخفيف المخاوف من الوقوع في أي مشكلات قانونية قد تؤثر سلباً على تجربتهم الدراسية في الولايات المتحدة. هذه البرامج إن تم تفعيلها عبر منظومة عمل فاعلة ومستمرة سوف توفر على بلادنا الكثير من الأعباء المالية التي سوف يتم إنفاقها في تكاليف المحاماة وغيرها. 

كل الشكر لسعادة الملحق الثقافي الدكتورة تهاني البيز على ترحيبها واهتمامها في تأسيس هذا البرنامج الواعد.