الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من الهيئات الجديدة نسبيا التي أنشئت ضمن تطوير الجهاز الحكومي هيئة كفاءة الانفاق والمشروعات الحكومية التي شكلت بقرار مجلس الوزراء في العام 2021م القاضي بضم البرنامج الوطني لدعم إدارة المشروعات والتشغيل والصيانة في الجهات العامة (مشروعات) إلى مركز تحقيق كفاءة الإنفاق، وتحويل المركز إلى هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية.
للهيئة مهام كثيرة لعل ابرزها دراسة تفاصيل الإنفاق والممارسات التشغيلية والرأسمالية المتعلقة به في الجهات الحكومية في التخطيط والتشغيل، ودراسة تأثير الإنفاق الحكومي على المشاريع والبرامج والمبادرات والخطط، وعلى المالية العامة في المديين المتوسط والبعيد.
اما مهمتها في الإسهام في تحقيق كفاءة الإنفاق في الجهات الحكومية، والارتقاء بجودة المشروعات والأصول والمرافق، وتخطيط البنية التحتية، والبرامج والمبادرات والعمليات التشغيلية الممولة من الميزانية العامة للدولة، ومتابعة تنفيذ تلك الجهات للبرامج والمبادرات الخاصة بها بما يحقق أهداف الهيئة.
لم أكن اعرف الكثير عن الهيئة حتى تابعت جلسات وحوارات منتدى كفاءة الانفاق الأسبوع الماضي الذي نظمته الهيئة في نسخته الأولى وهو بحق كان زادا معرفيا للمتخصصين وللقراء المتابعين وللمواطنين الذين اطلعوا على هذه الفكرة، فكرة كفاءة الانفاق، والأهم من وجهة نظري اطلاعهم على الأثر من هذه الكفاءة.
استوحي مما سمعت وقرأت ايمان الحكومة ممثلة في وزارة المالية بأهمية التخطيط بعيد المدى، إذ يعـد هو الأساس لتحقيق كفاءة الإنفاق، وقناعتها أن كفاءة الإنفاق لا تعني خفضه، بل الاستفادة القصوى منه لتحقيق جودة الأثر، وأن الإنفاق الفعّال هو المدروس والمبني على تخطيط دقيق كما قال وزير المالية محمد الجدعان.
هناك عدة تعاريف لكفاءة الانفاق لعل اقربها الى الواقع والممارسة العملية هو انها تعني تحقيق الأثر المطلوب بأقل تكلفة دون المساس بجودة الخدمة، زكما فهمنا من المداخلات والمحاور التي تناولها المسؤولون فان التخطيط المسبق يمنح القدرة على الإنفاق بكفاءة وفق منهجية واضحة.
كل منصف يعرف اليوم بعد سير 87% من مستهدفات الرؤية في مسارها الصحيح، وبعد وصول القطاع غير النفطي الى ان يشكل نحو 52% من الاقتصاد ان هناك نجاح حكومي في تبني نهج واضح لكفاءة الانفاق وتحقيق افضل اثر منه على الهدف الذي يشكل العنوان الرئيس وهو ” تنويع الاقتصاد السعودي”، فقد تم استغلال الموارد بشكل امثل، وفي مقدمها المورد البشري السعودي، ورفع مستوى الشفافية والحوكمة، وايقاظ النائم من القطاعات الواعدة والجديدة، ورفع لياقة المتكاسل من بعض القطاعات كما يحلوا لأهل الرياضة الوصف، والحد من الهدر في كل شيء.
الكفاءة تحقق الأثر، وهما مجتمعتان تحققان الاستدامة في المشاريع والخدمات الحكومية، وثلاثتهم عنصر مهم وفعال في الوصول للأهداف الاقتصادية لبلادنا.
التأمل في كل هذا المنهج الحكومي الذي جاءت به الرؤية ونفذ بشكل حقق الأثر في المشروعات الحكومية، يدعوني للتفكير في نفسي وفي من يتولون مسؤولية بناء حياة من يعولون سواء كان الاب او الام، او حتى الفرد العازب الذي يبني حياته او يرد الجميل بتحسين حياة من هو مسؤول عنهم.
أولى تعليم ومبادئ كفاءة الانفاق جاءت في القرآن الكريم، وربما ما سبقه من الكتب السماوية، وحتى في الفلسفات الإنسانية التي انتجتها حضارات او ثقافات أخرى، وذلك في سياقات مختلفة عن متطلبات الحياة وكيفية التعامل معها، قال تعالي ” والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما “، وقواما هنا لها عدة تفسيرات اقربها انه الانفاق الذي يقوم به الأمر والشأن، والشواهد الأخرى كثيرة.
اتأمل في إمكانية تطبيق هذا المنهج على حياتنا اجمالا، وامورنا المالية الفردية والعائلية بشكل خاص، أتوقع ان تبني هذا المنهج في حياتنا الشخصية والعائلية سيكون اسهاما منا في تكريس هذه الثقافة، ولست هنا اتحدث فقط عن الحد من الهدر، او عدم الاسراف، لكن التفكير بواقعية في ” اثر” كل خطوة مالية اقتصادية للأسرة، ومدى إمكانية ان تحقق استدامة اعلى، وهذا يندرج على قرارات كثيرة تختلف أهميتها وأولويتها من شخص لآخر، ومن اسرة الى أخرى.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال