الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع استمرار تغير المشهد الصناعي العالمي، شهدت القدرة الابتكارية للصين قفزات نوعية حيث انتقلت من كونها مركزًا للتصنيع العالمي إلى مركز للابتكار التكنولوجي. وفقا لتقارير وسائل الإعلام الدولية، إن الصين، التي كانت تسمى بـ “مصنع العالم”، أصبحت تتمتع الآن بالقوة الابتكارية للتنافس على قدم المساواة مع الدول الغربية، خاصة في مجالات التصنيع المتقدم والتحول الرقمي والطاقة المتجددة، والصناعات الخضراء.
أولا، قفزة في قدرات الابتكار في الصين
من تراكم تجاربها على مدار عقود إلى صعودها الحالي، حققت الصين اختراقات في العديد من مجالات التكنولوجيا الفائقة. حيث تعتمد الشركات الصينية ومؤسسات البحث العلمي على الابتكار التكنولوجي للارتقاء في السلسلة الصناعية العالمية، وحققت قفزات نوعية في العديد من المجالات مثل السيارات الكهربائية والأجهزة المنزلية الذكية والروبوتات الصناعية وأشباه الموصلات والطاقة النظيفة. وتشير البيانات إلى أن حصة الصين في إنتاج ومبيعات مركبات الطاقة الجديدة تجاوزت 60% من الإجمالي العالمي في عام 2023، لتحتل المرتبة الأولى في العالم لمدة تسع سنوات متتالية. وتفوقت شركة بي واي دي في حجم شحناتها العالمية على شركات مثل فولكس فاجن وتسلا، مما جعلها قوة لا يستهان بها في مجال الطاقة الجديدة. كما أن الإنجازات الصينية في صناعة السفن والأتمتة الصناعية كسرت احتكار الغرب. ووفقا للإحصاءات، بلغت حصة الصين من إجمالي حجم بناء السفن، الطلبات الجديدة، والطلبات الحالية في الثلاثة أرباع الأولى من عام 2024 نسبا بلغت 55.1%، 74.7%، و61.4% على التوالي.
ثانيا، تحسين بيئة الابتكار العلمي والتكنولوجي
يعد النمو المزدهر للتجمعات العلمية والتكنولوجية الصينية أيضا علامة مهمة على تعزيز قدراتها الابتكارية. وفقا لتقرير مؤشر الابتكار العالمي لعام 2024 الصادر مؤخرا عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية، تواصل الصين احتلال المرتبة الأولى من حيث عدد أكبر 100 تجمع عالمي للعلوم والتكنولوجيا، حيث تحتضن 26 من هذه التجمعات، ودخلت 4 تجمعات منها إلى المراكز العشرة الأولى، بما في ذلك شنتشن-هونغ كونغ-قوانغتشو، وبكين، وشانغهاي-سوتشو.
وتتصدر الصين قائمة الدول في طلبات براءات الاختراع في السنوات الأخيرة، حيث تغطي مجموعة واسعة من المجالات العلمية والتكنولوجية المتطورة، مثل الذكاء الاصطناعي، الاتصالات 5G، القطارات فائقة السرعة، وأشباه الموصلات. وفي الوقت نفسه، قدمت الصين للباحثين العلميين والشركات بيئة ابتكارية أكثر استرخاء من خلال دعم السياسات عالية المستوى والتخطيط الاستراتيجي. مع إزالة الصين جميع القيود المفروضة على وصول المستثمرين الأجانب إلى سوق القطاع التصنيعي، زادت الشركات المتعددة الجنسيات من استثماراتها في الصين، ولم تعد العديد من إنجازات البحث والتطوير مقتصرة على خدمة السوق الصينية، بل أصبحت تدريجيا جزءا مهما من الإبداع العالمي.
ثالثا، الابتكار يعزز الترقي الصناعي والتعاون الدولي
ولا يقتصر الابتكار العلمي والتكنولوجي على تعزيز التحديث الصناعي داخليا فحسب، بل يوفر أيضا فرصا جديدة للتعاون الدولي. وقد عزز التطور السريع لصناعة السيارات الكهربائية في الصين تطوير السوق العالمية لمركبات الطاقة الجديدة. ورغم فرض الاتحاد الأوروبي رسوم جمركية اضافية على الصين، لم تتأثر وتيرة تسارع الشركات الصينية في التوسع العالمي.
ومن ناحية أخرى، ضخت عودة المواهب العلمية والتكنولوجية العالمية وتعميق التعاون العلمي والتكنولوجي الصيني الأجنبي زخما جديدا في النظام البيئي للابتكار في الصين. تولي الشركات متعددة الجنسيات أهمية كبيرة لحيوية الابتكار وإمكانات السوق في الصين، وأنشأت مراكز بحثية في الصين لمواصلة الاندماج في النظام البيئي للابتكار في الصين. على سبيل المثال، تعاونت مجموعة BMW مع جامعة تسينغهوا لإنشاء “معهد تسينغهوا-بي إم دبليو الصيني المشترك لأبحاث الاستدامة والابتكار في مجال التنقل”، مع التركيز على مجالات الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا إنترنت المركبات V2X والبطاريات الصلبة لزيادة تعميق التعاون الفني بين الطرفين. كما أعلنت الشركة السعودية العالمية للكهرباء والماء (أكوا باور) عن تأسيس مركز للبحث والتطوير في مقاطعة شانغهاي لتطوير التقنيات المتعلقة بالطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وتخزين الطاقة، والهيدروجين الأخضر، وتحلية المياه.
وفي ظل المنافسات المتزايدة في الابتكار على الصعيد العالمي، تدرك الصين أن الحفاظ على حيويتها الابتكارية يتطلب التعاون الدولي. وتواصل الصين تعميق تعاونها مع دول الشرق الأوسط، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، مستفيدة من مزاياها في الابتكار التكنولوجي لدعم تلك الدول في تعزيز الاقتصاد الأخضر والتحول الرقمي، ما يسهم في بناء سلسلة صناعية عالمية تقوم على المكاسب المشتركة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال