الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
وهي نظرية أطلقها علماء الفيزياء مفادها أن “رفرفة جناح فراشة في أقصى الكرة الأرضية (الصين مثلاً) قد يؤدي إلى حدوث كوارث في أماكن مثل أوروبا، أمريكا أو أفريقيا.” ليس بسبب قوة تلك الرفرفة ولكن لارتباط كل ذرات الكون ببعضها مما يثبت تأثير وتأثر كل شيء بكل شيء مهما بعدت المسافة. ولكي تتضح الصورة أكثر-عزيزي القارىء- فإن هذا التعبير لا يعني بالضرورة الحالة المادية للأشياء من حولنا ولكنه يصف الترابط والتأثير المتبادل أو المتواتر والناتج عن أفعال بسيطة ذات أثر عظيم، بمعنى أن فعل صغير جداً لا تُلقي له بالاً قد يُحدث أثراً عظيماً فالمسألة عبارة عن سلسلة أحداث متتابعة ومترابطة.
والمتمعّن بتفاصيل هذه النظرية يستطيع أن يستنتج أن موجة التأثير والتأثر تشملنا نحن كبشر فيما بيننا وبها تسير حياتنا وتستمر باختلاف أدوارنا ومدى تأثيرنا على بعضنا في شتى تعاملاتنا اليومية.
فمن خلال هذه النظرية نستطيع تسليط الضوء على مدى تأثير أصغر موظف على أكبر الأحداث في المنظمات.
ميدانياً، أهمية الأشخاص في المنظمات لا ترتبط بمستواهم الوظيفي ولكن بحساسية أدوارهم الوظيفية. فلا يكون المنصب هاماً كلما أرتفع في سلم الوظائف، فقد يكون هناك منصب قيادي عالي في المنظمة لا يصل تأثيره بمستوى تأثير موظف فني يعمل في غرفة المراقبة أو المعمل الكيميائي أو حتى قسم الدعم الفني لما له من عظيم الأثر على سلامة وجودة سير العمليات الداخلية للمنظمة.
هذا لا يعني تحجيم مكانة القياديين ولا يقلل من أهميتهم في المنظمات ولكن لتتحقق المعادلة يجب توزيع الأدوار بشكل عادل. فالرؤية والرسالة والأهداف الاستراتيجية هي من مسؤوليات القيادة العليا والتي لا يمكن تحقيقها لولا وجودهم وقدرتهم على التعامل مع العقبات والتحديات الطارئة، ومع هذا فإنه إنجاز تلك الأهداف لا يتحقق بدون التركيز على العمليات وتفاصيل المدخلات التي تؤدي بدورها إلى تحقيق تلك النتائج.
الحاجة للموظفين هنا تكاملية وليست كمالية. نسمع كثيراً (عند استقالة أحدهم) من يقول: الشركة لا تقف على أشخاص بعينهم. والواقع يحكي العكس. فأحياناً هناك منظمات قائمة في أساس نجاحها على أشخاص بغض النظر عن مستواهم الوظيفي في الهيكل التنظيمي، نظراً لإمكانياتهم المعرفية أو المهارية أو لامتلاكهم لمواهب مميزة غير متوفرة لدى كثير من أقرانهم.
أظهرت الدراسة الأكاديمية التي أٌجريت عام 2020 والتي نشرها هاري كوفمان: أن الموظفين في الخطوط الأمامية (وهم أولئك الذين يتعاملون بشكل مباشر مع العملاء أو عمليات الإنتاج) هم المحرك الرئيسي في تحقيق النجاح التنظيمي. على الرغم من أنهم في الغالب يشغلون وظائف ذات مستوى وظيفي منخفض على سُلّم الوظائف مثل موظفي الخدمة، أو عمال الإنتاج، أو المساعدين الإداريين، إلا أنهم يؤدون دورًا حيويًا في التأثير على جودة الخدمة المقدمة والذي يعتمد عليه أداء المنظمة الكلي ورضا العملاء.
ولتحقيق الدور التكاملي، تحتاج القيادة إلى أن تكون مصدر إلهام وتحفيز وذلك بتعزيز التواصل المستمر بين الموظفين وتوضيح أهمية دور كل فرد في نجاح المنظمة. كما أن تحفيز الموظفين على الابتكار والمشاركة هي إحدى الطرق الفعالة لتعظيم تأثير الموظفين على أهداف المنظمة من خلال الاستثمار في تطوير مهاراتهم وزيادة كفاءتهم.
يقول مايكل ديل (مؤسس شركة ديل الشهيرة) : “الناس هم أكبر الأصول في أي منظمة، لا يمكن أن تنجز أشياء عظيمة بدون فريق عظيم.”
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال