الاستثمار الآلي: كيف حول جيم سيمون الرياضيين والفيزيائيين الى كبار رواد عالم الاستثمار

تعتمد العديد من التطبيقات المالية المخصصة للاستثمار حول العالم على خوارزميات رياضية لقراءة الأسواق وتحديد المنتجات المالية المناسبة للاستثمار واتخاذ قرارات الدخول والخروج، لكن منذ متى تم الاعتماد على هذا النوع من التحليل لاتخاذ القرارات المالية؟

أستاذ الرياضيات في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد، جيم سيمون المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة رينيسانس التقنية، بدأت الشركة في مطلع ثمانينات القرن الماضي وبقيادة سيمون بجمع كمية هائلة من بيانات الأسواق المالية والذي كان جزء منها من غير المعتاد النظر إليها مثل البيانات المهيكلة وهي مجموعة من بيانات الأسعار منظمة على شكل مصفوفات، بيانات الطقس، أنماط التداول اللحظية والتي كانت تستخدم لفهم سلوكيات المستثمرين الأخرين، بجانب هذه البيانات كانت البيانات المالية الأساسية تؤخذ بالاعتبار مثل أسعار الأصول والعرض والطلب على المنتجات المالية سواء كانت اسهم، سندات أو خلافها.

بعد ذلك قام سيمون بتعيين علماء رياضيات وفيزيائيين عوضا عن الماليين التقليديين للنظر في تلك البيانات والعمل على تفكيك الأنماط غير المرئية واستخدام نماذج تحليلية رياضية (نماذج الانحدار الإحصائي، النماذج الزمنية، نموذج تحليل المكونات الرئيسية وهو نموذج يعمل على تقليل الأبعاد في البيانات الكبيرة ويفسر المتغيرات الكثيرة، نماذج التحليل الطيفي والعمليات الماركوفية).

بعد تحليل هذا الكم من البيانات والذي قد يكون للوهلة الأولى غير مترابط وغير منطقي بدأ الفريق بتطبيق القرارات الاستثمارية عن طريق إنشاء صندوق التحوط ميداليون الرئيسي والذي يتبع الشركة الأم رينيسانس للتقنية والذي كان يستثمر بشكل أساسي في الأسواق الأمريكية، وهنا قد كانت الملاحظة المثيرة للاهتمام، حقق الصندوق عائد سنوي 69% وبعد حسم المصاريف وتكاليف الإدارة بلغ صافي العوائد 39% منذ 1988م وحتى 2018م ليتخطى كل المقاييس في عالم الاستثمار ولتكون تجربته محط تساؤل عن قدرة الالة على تحقيق الأرباح عن طريق تحليل كل البيانات المتاحة.

أسس جيم سيمون لمنهجية استثمار جديدة عن طريق استخدام الخوارزميات والتداول الكمي التي تعتمد عليها اليوم العديد من تطبيقات الاستثمار الآلي، كما أنه من أوائل من نجحوا بمعالجة على البيانات الضخمة لخدمته في مصالح استثمارية وتحقيق عوائد غير مسبوقة.