الرياض وجهة عالمية للمعارض .. طموحات وتحديات وتطلعات نحو مستقبل مشرق

في غضون أقل من شهر حضرت خمس مؤتمرات في مدينة الرياض وغداً أتطلع لزيارة حدث عالمي تستضيفه المملكة للعام الثاني على التوالي النسخة الثانية من معرض “سيتي سكيب العالمي 2024” المقام في مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات بملهم شمال مدينة الرياض.، حيث سيحظى زوار أكبر معرض عقاري في العالم بفرصة لقاء رواد القطاع العالميين، في مجالات العقارات والهندسة المعمارية والتصميم، حيث يجتمع أكثر من 400 من المستثمرين المؤسسين، إضافة إلى أبرز العلامات التجارية المحلية والإقليمية والدولية، بنسبة مشاركة للشركات الدولية تتجاوز 66%.

هذا يثبت لنا أن مدينة الرياض تشهد طلباً و نمواً ملحوظاً في قطاع المعارض، حيث تتزايد الفعاليات المحلية والدولية التي تستضيفها العاصمة، مما يعكس طموحها للتحول إلى مركز عالمي في هذه الصناعة. ورغم ذلك، يواجه هذا القطاع تحديات تحول دون تحقيق إمكاناته الكاملة، أبرزها نقص المساحات المخصصة للمعارض الكبرى. فعلى الرغم من أن مركز الرياض الدولي للمعارض والمؤتمرات و”واجهة روشن” يحتضنان بعض الفعاليات، إلا أن مساحتهما الحالية لا تكفي لاستيعاب معارض ضخمة تستقطب أعداداً كبيرة من الزوار من خارج المملكة وكذلك لا تستوعب الطلب العالي حالياً من الجهات العارضة وشركات تنظيم المعارض والمؤتمرات.

من التحديات الأخرى التي تواجه قطاع المعارض في الرياض هو موقع “معرض ملهم” البعيد عن وسط المدينة، مما يصعّب على الزوار الوصول إليه، لا سيما مع غياب الخدمات الأساسية مثل السكن والمطاعم والمتاجر. وباعتبار أن الزوار غالباً ما يفضلون العودة إلى المعرض مرتين أو ثلاث مرات خلال مدة إقامتهم، فإن بُعد الموقع وندرة الخدمات يؤثران سلباً على جاذبية الفعاليات وتجربة الزوار.

إلا أن مركز معارض ملهم يقدم حلاً مؤقتًا وفعّالاً لاستيعاب الفعاليات الكبرى في الرياض، حيث يتميز بمساحته الواسعة وتوافر مواقف السيارات، وقد تم بناؤه بسرعة لتلبية الاحتياجات الملحة للمدينة. هذا الحل يمثل جسرًا للفجوة حتى اكتمال إنشاء مركز معارض أكبر وأكثر تجهيزًا .

بالنظر إلى تحديات الوصول إلى مركز معارض ملهم بسبب بُعده عن وسط المدينة ونقص الخدمات المحيطة، فإن الخطط لبناء مركز جديد وربطه بشبكة المواصلات العامة، مثل مترو الرياض وقطار سار، تمثل خطوة استراتيجية مهمة. هذا المركز الجديد سيتميز بتصميمه الحديث وتجهيزاته المتطورة لاستضافة مجموعة واسعة من الفعاليات والمعارض. ربط المركز بالمواصلات العامة سيحسن بشكل كبير سهولة الوصول للزوار والمشاركين، ويعزز من تجربتهم، بالإضافة إلى دعم النمو الاقتصادي والثقافي لمدينة الرياض. ويكون وجهة رئيسية للمعارض الدولية والمحلية وتعزيز مكانة الرياض كمركز تجاري رائد .

أيضاً من المتوقع أن يسهم تدشين “طيران الرياض” قريباً كداعم استراتيجي لهذا القطاع، حيث سيعمل الطيران الجديد على تسهيل وصول الزوار من مختلف أنحاء العالم، مما يعزز قدرة الرياض على استضافة فعاليات كبرى تتطلب ربطاً دولياً فعالاً. أما في الداخل، فسيكون لتشغيل مترو الرياض دور محوري في تعزيز منظومة النقل داخل المدينة. كما يعد توفير السكن أمراً ضرورياً لضمان نجاح الرياض كوجهة عالمية للمعارض، إذ إن زيادة عدد الغرف الفندقية في المدينة وكذلك المناطق المحيطة بمراكز المعارض ستسهم في تحسين تجربة الزوار.

ولتعزيز مكانة الرياض كوجهة مميزة للمعارض، يمكن الاستفادة من تجارب المدن العالمية الناجحة. فعلى سبيل المثال، تستضيف مدينة فرانكفورت معرض “Messe Frankfurt” الذي يتكامل مع بنية تحتية تشمل الفنادق والخدمات والمطاعم، مما يجعل المدينة وجهة مفضلة للزوار المتكررين.

ولتحقيق هذه الطموحات، نأمل أن نرى إنشاء مركز معارض عالمي بمساحة كبيرة في محيط مطار الملك سلمان الجديد، يكون محاطاً بفنادق وخدمات مساندة من مطاعم ومحلات تجارية، ويتصل مباشرة بشبكة مترو الرياض ومحطة سار لتسهيل الوصول إليه بشكل سلس وميسر.

لترسيخ مكانة الرياض كوجهة عالمية رائدة في صناعة المعارض وضمان نجاحها، يجب تحقيق التكامل بين الأركان الأربعة الأساسية:

1- تعزيز قطاع الطيران لربط الرياض بالعالم
2- توفير مساحات واسعة ومجهزة للمعارض لاستيعاب الفعاليات الكبرى
3-تطوير منظومة نقل داخلي تسهّل تنقل الزوار داخل المدينة
4- توافر عدد كافٍ من الفنادق لاستيعاب الزوار المتزايدين وتوفير إقامة مريحة تلبي احتياجاتهم.