الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ما هي الوسيلة التي تجمع بين الجاذبية والتكلفة المنخفضة؟ إنها بلا شك القطار، الذي يُعدّ من وسائل النقل بعد السيارات والطائرات والسفن. وتُعتبر القطارات من أبرز وسائل التنقل التي تحمل في طياتها أهمية اقتصادية كبيرة. تعود جذور القطارات إلى القرن السابع عشر، حيث كانت تعمل على الفحم والخشب، لكن التطور انطلق في القرن التاسع عشر مع ابتكار القطار البخاري الذي غيّر مفهوم السفر.
وافتتحت أول سكة حديدية في إنجلترا خلال ذلك الزمن، وفي القرن العشرين نشأت القطارات الكهربائية وقطارات الديزل، مما أدى إلى انتشار هذه الوسيلة العظيمة في أرجاء المعمورة. واليوم في القرن الحادي والعشرين، لا زالت القطارات تحتفظ بمكانتها كوسيلة حيوية وأساسية للنقل في جميع أنحاء العالم.
وتعتبر اليابان وأكثر تحديداً طوكيو من ضمن أكبر شبكة قطارات متقدمة في العالم وتتميز اليابان في الدقة والكفاءة، وحسب الاحصائيات فإنها تنقل أكثر من 40 مليون راكب يومياً، ومن ثم تأتي روسيا من ضمن أكبر شبكة قطارات في عالم وحسب الاحصائيات تخدم قطار موسكو أكثر من 9 ملايين راكب يوميا، وفي المرتبة الثالثة تأتي فرنسا وأكثر تحديداً باريس وهي من العواصم التي تمتلك شبكة قطارات متقدمة، وتمتلك أكثر من 16 خط وتنقل ما بين 5 مليون راكب يومياً، أما في المرتبة الرابع تأتي الولايات المتحدة الأمريكية وأكثر تحديداً نيويورك وتمتلك هذه المدينة الرائعة شبكة قطارات حضرية وتستخدم هذه الشبكة لنقل أكثر من 4 مليون راكب يومياً، أما في المرتبة الخامسة تأتي الصين وأكثر تحديد هونج كونغ وتستخدم لنقل أكثر من 4 مليون راكب يومياً، ولقد فصلنا أعلاه أكثر الدول استخداماً للقطارات، فالقطارات ليست وسيلة حديثة، بل هي من أقدم الوسائل في النقل.
إن إنشاء خطوط السكك الحديدية يتطلب استثماراً مادياً كبيراً ووقتاً طويلاً، فهي تعد من المشاريع الاستراتيجية التي تحتاج إلى جهود وموارد ضخمة. ومع ذلك، حين تكتمل هذه المشاريع، فإن العوائد الاقتصادية تكون غير مسبوقة. ولا أقصد بالعائد هنا الربح المادي المباشر، بل أركز على ما تحققه من فوائد جليلة مثل تقليل الازدحام، والحد من استهلاك الوقود، وتخفيف التلوث الذي يثقل كاهل المدينة. كما تساهم في تقليص حوادث الطرق وتوفير الوقت لمستخدمي القطار. والأهم من كل ذلك، أنها تعزز الصحة العامة لسكان المدينة، مما يجعل هذه المشاريع ذات قيمة كبيرة تفوق تكاليفها.
إن الحديث يدور الآن حول مشاريع السكك الحديدية في المملكة العربية السعودية، حيث تعتبر المملكة من الدول التي أدخلت استخدام القطارات في الآونة الأخيرة. إذ تمتلك المملكة خطاً يربط بين الرياض والدمام، بالإضافة إلى قطار المعادن الذي يمتد من شمال المملكة إلى شرقها. ومن جهة أخرى، هناك خط يربط القصيم بالرياض، وآخر يمتد بين المدينة ومكة المكرمة، مروراً برابغ وجدة، والذي يُعرف بـ “قطار الحرمين”.
كما تخطط المملكة لإنشاء جسر بري يربط بين الشرق والغرب، وهو مشروع طال انتظاره. وعندما يُكتمل هذا المشروع، سيُحدث تحولاً جذرياً في توجهات المنطقة، إذ لن تقتصر تأثيراته على المملكة فحسب، بل ستمتد إلى الخارج، حيث يُميز هذا الخط الذي يربط البحر الأحمر بالخليج العربي كأحد أهم الممرات التجارية العالمية. ومن المتوقع أن يسهم في تقليل التكاليف وزيادة سرعة الإنجاز بشكل ملحوظ.
أما القطارات داخل المدن، فقد قامت المملكة مؤخرًا بإدخال نظام المترو، ويُعتبر مترو الرياض من المشاريع الرائدة التي ستبصر النور قريبًا. وعندما يبدأ هذا المشروع الاستراتيجي بالعمل، ستشهد المدينة تحولًا جذريًا في مسارات التطوير، مما سيُحدث نقلة نوعية في وسائل النقل، بل ستمتد تأثيراته إلى ثقافة السكان أنفسهم، من خلال تعزيز المشي نحو محطات المترو وتقليل التكاليف الاقتصادية للتنقل بالنسبة لساكني المدينة. ورغم أن مفهوم اقتصاد القطار لا يزال حديث العهد بين السعوديين، إلا أن هناك الكثير من المقالات التي سنخصصها لهذا الموضوع في المستقبل.
دمتم بحفظ الرحمن ورعايته
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال