قراءة في كتاب “الهيمنة” لبارمي أولسون

“ملخص آراء النقاد حول الكتاب الفائز بجائزة فايننشال تايمز لأفضل كتب الأعمال لعام 2024”

يتناول كتاب “الهيمنة” للكاتبة بارمي أولسون الفائز بجائزة فايننشال تايمز هذا العالم موضوعًا حيويًا يتمحور حول المخاطر المحتملة للتقدم التكنولوجي غير المنضبط وتآكل الحريات المدنية وسوء استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي . من خلال شخصيات غنية وتطورات مثيرة، تدعو أولسون للتفكر في عواقب العيش في عالم تتقاطع فيه التكنولوجيا مع السلطة.

في نوفمبر 2022 ظهر روبوت الدردشة ChatGPT، الذي طورته شركة OpenAI، والذي كان ثوريًا في نوعه، حيث قدم تجربة أكثر إنسانية مقارنة بخدمات محرك البحث جوجل. وبعد ذلك، خلف الكواليس، بدأت معارك تنافسية تجري بين اثنتين من أبرز شركات الذكاء الاصطناعي، OpenAI وDeepMind، التي تدعم الآن جهود جوجل في هذا المجال.

تستعرض أولسون في كتابها ” الهيمنة ” كيف أن الصعود الحالي للذكاء الاصطناعي كان مدفوعًا في الغالب من قبل رجلين: سام ألتمان، مبتكر ChatGPT، وديميس هسابيس، مبتكر DeepMind. كلاهما مدفوعان بقناعة عميقة بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل أعمق مشاكل المجتمع. ومع ذلك، سرعان ما باع كلا الرجلين السيطرة على إبداعاتهما إلى مايكروسوفت وجوجل، مما أدى إلى التخلي عن الخطط الحذرة لصالح التنمية السريعة والتطوير ونشره كمنتج تجاري بطريقة غير مدروسة .

تحذر أولسون من هاجسنا بشأن التهديد الوجودي الذي يشكله الذكاء الاصطناعي للبشرية على حساب تجاهل الأضرار الحقيقية التي يسببها بالفعل، مثل تعزيز التحيز والاستقطاب في المجتمع وإزالة الرقابة البشرية عن القرارات الحاسمة التي تؤثر على حياة الناس. تحذير أولسون واضح؛ نحن نفقد السيطرة على بشريتنا .

تقدم أولسون سردًا مثيرًا عن الصراع بين OpenAI وDeepMind، حيث تبرز كيفية استخدام تقنياتهما لأغراض نبيلة، بينما تشير إلى الاتجاهات الخطيرة التي يتجهان نحوها بسبب ارتباطهما بشركتين من أكبر الاحتكارات التكنولوجية في التاريخ. يتناول الكتاب التنافس المستمر بين سام ألتمان وديميس هسابيس في سعيهما لبناء آلات فائقة الذكاء.

كما يحذر الكتاب بشدة من التهديدات الحقيقية التي يمثلها الذكاء الاصطناعي، مثل انتشار التكنولوجيا المعيبة والمتحيزة في مختلف المجالات، بما في ذلك الصناعة والتعليم والإعلام. أولسون الكاتبة المتخصصة في التقنية في بلمبورغ تستخدم خبرتها التي تمتد لأكثر من ثلاثة عشر عامًا ومصادرها المتعددة لتسليط الضوء على كيفية استغلال أعظم اختراع في تاريخ البشرية، وكيف سيؤثر ذلك علينا جميعًا.
يقدم الكتاب لمحة مثيرة عن الصراع بين مايكروسوفت وجوجل في سباق تطوير الذكاء الاصطناعي، حيث يتنافس كل منهما على تحقيق الهيمنة في السوق، مع مواجهة أسئلة أخلاقية وجودية تتعلق بالتقدم البشري ومستقبل العالم، والمأزق الذي قد يواجهه البشر جراء التطور غير المنضبط للذكاء الصناعي.
عندما أُطلق ChatGPT، تغير العالم بين ليلة وضحاها ، وبدأنا عصراً جديداً يجعل الآلة وكيلة عن الإنسان في أهم قدراته وهو التفكير . ورغم الاستمتاع بالابتكارات الجديدة، كان هناك خطر حقيقي يتمثل في أن الأتمتة غير المختبرة قد تقوض أسلوب حياتنا، وتمتص القيمة من الاقتصاد، وتؤدي إلى فقدان الوظائف الإبداعية، وتفتح المجال لعصر جديد من المعلومات المضللة.
بدأ مؤسسوا OpenAI وDeepMind رحلاتهم بهدف حل أكبر مشكلات البشرية، لكنهم وجدوا أنفسهم في حاجة إلى تمويلات ضخمة، وهو ما قدمته لهم العمالقة مايكروسوفت وجوجل مقابل السيطرة على ابتكاراتهم .

يحوى الكتاب مجموعة من الشخصيات البارزة، مثل إيلون ماسك ولاري بيج وسيرجي برين وبيتر ثيل، مما يضفي طابعًا دراميًا على صراعاتهم وتنافساتهم. “الهيمنة” ليست مجرد سرد للأحداث، بل هي تحذير من المخاطر التي يواجهها البشر نتيجة الاستغلال والانتهازية في عالم التكنولوجيا.

تقدم أولسون تحذيرًا واضحًا بشأن فقداننا السيطرة على ما قمنا بإنشائه، كما تسلط الضوء على الأضرار الحقيقية التي يسببها الذكاء الاصطناعي، مثل تعزيز التحيز والاستقطاب الاجتماعي ، وأتمتة الإبداع . الكتاب يأتي في سياق التحذير من مخاطر انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل غير منضبط واستشراف حالة قادمة من الهلع المبرر قد تفوق حالة الهلع التي أصابت العالم بعد تطوير أول سلاح نووي .
إن “الهيمنة” هو استكشاف مثير للتفكير حول العلاقة بين التكنولوجيا، السلطة، وحقوق الأفراد في عالم رقمي سريع التغير، مما يجعله قراءة ضرورية لفهم المخاطر القادمة والمستقبل الذي نتجه إليه.