استراتيجية المحيط الأزرق

تعد استراتيجية المحيط الأزرق نهجاً مبتكراً يهدف إلى خلق أسواق جديدة غير مشبعة بالمنافسين من خلال الابتكار في القيمة، وبفضل هذه الاستراتيجية، يمكن للشركات أن تخلق فرص نمو جديدة، وتحقق ميزة تنافسية مستدامة، مما يمكنها من التفوق على المنافسين وتقديم منتجات وخدمات تلبي احتياجات غير مخدومة في السوق. البحث عن الفرص الغير مستغلة يتطلب مزيجاً من الإبداع والتحليل الدقيق للسوق والعملاء، بجانب الاستفادة من الموارد المتاحة، مما يعني ضرورة توفر الفكر الريادي لدى الشخص  ليتمكن من اكتشاف الفرص الغير مستغلة وتقييمها واتخاذ القرار المناسب تجاهها، وهو ما يمكن تطويره من خلال التمرين المستمر والانفتاح على الأفكار الجديدة، فهي تحتاج الفضول، والتعلم من تجارب الآخرين، والاستفادة من التقنية للبقاء في طليعة الابتكار. التعليم، في جميع مراحله، يوفر الأرضية الأساسية التي يحتاجها رواد الأعمال لتطوير مهارات تحديد الفرص، من خلال توفير المعرفة النظرية، والأدوات التحليلية، والفرص العملية، وتنمية  الإبداع، حيث يمكن للتعليم أن يكون محركاً أساسياً لإعداد رواد أعمال قادرين على اكتشاف واستغلال الفرص الريادية في السوق، والأهم من ذلك هو التركيز على بناء رواد أعمال ومبتكرين من التنشئة ومراحل التعليم المبكرة.

تقوم استراتيجية المحيط الأزرق على الابتكار في القيمة بدلاً عن التنافس على السعر، والوصول لسوق غير مستغل وعملاء غير مخدومين من قبل المنافسين، واكتشاف إمكانيات جديدة تتجاوز فيها حدود السوق التقليدية مما يساعدها في تبني أفكار جديدة غير تقليدية، إلى جانب سعيها في تحقيق التوازن بين تقليل التكاليف والابتكار في القيمة. هذا يعني أن على رائد الأعمال أن يقوم بعدد من الخطوات لتطبيق هذه الاستراتيجية في مشروعة أو تبنيها كفكر لديه، فالاستراتيجية تبدأ بتحليل السوق الحالي لفهم الاتجاهات القائمة ومراجعة نماذج الأعمال السائدة، ويشمل ذلك تحديد نقاط الضعف والفرص التي يمكن استغلالها لتقديم قيمة جديدة للعملاء، والتي تتطلب تحديد العناصر التي تضيف القيمة وما إذا كان يتطلب تطوير ميزات جديدة للمنتج أو تحسين تجربة للعميل. يلي ذلك، تبني نموذج عمل، أو تطوير تقنية معينة، أو استحداث طرق تقديم خدمة للعملاء، ويتم بعد ذلك تنفيذ هذه الاستراتيجية المعتمدة، مع التركيز على متابعة الأداء وتقييم نتائج الابتكار في القيمة، والمرونة بالتكيف في تغيرات السوق لتحقيق الاستدامة في السوق، وهذا هو جوهر الفكر الريادي الواجب توفره لدى رواد الأعمال باختلاف مراحل مشروعهم العمرية.  

تطوير هذا الفكر يتطلب مزيج من التفكير الاستراتيجي، والفضول المستمر، والانفتاح على التعلم من التجارب المختلفة، والتي يمكن تعزيزها من التنشئة والتعليم، فأحد العناصر المهمة في تطوير ريادة الأعمال وفقاً لمرصد ريادة الأعمال العالمي، هو تعليم ريادة الأعمال ما قبل الثانوية، وما بعد الثانوية، ومدى تمتعهم في المهارات الريادية، واعتبار ريادة الأعمال كمسار مهني، وتطوير هذه الجوانب بالتأكيد سينعكس بشكل إيجابي على تعزيز التوجه لريادة الأعمال واستدامة المنشآت. لذا يمكن القول أن نقطة البداية تكون في التنشئة وفي مراحل التعليم ما قبل الجامعة لتطوير الفكر الريادي وتشجيع الرواد على تبني استراتيجية المحيط الأزرق في مشاريعهم لتعزيز نموهم واستمراريتهم في السوق، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تعزيز الفضول والاستكشاف لدى الطلاب، وتعليم مهارات حل المشكلات، وتطوير الإبداع والابتكار، وإقامة أنشطة التفكير التصميمي لتحويل الأفكار والابتكارات لنماذج عمل، وتعلم المفاهيم المالية والتجارية منذ الصغر، وتطبيق المحاكاة بعالم الأعمال، وتنمية مهارات التواصل والتفاوض، وتوفير بيئة محفزة للإبداع، والأهم إعطاء حرية التفكير والتجربة والتعلم من الأخطاء، مع التركيز على تعزيز الثقة بالنفس وتنمية مهارات التواصل والقيادة. 

أخيراً، تعزيز التوجه لريادة الأعمال وتطوير الفكر الريادي وبناء وتطوير رواد أعمال محتملين عملية مستمرة تبدأ من التنشئة والتعليم في المراحل المبكرة، ومن أهم المهارات الأساسية لدى رواد الأعمال هي اكتشاف الفرص الغير مستغلة في السوق، واستراتيجية المحيط الأزرق قد تكون هي المناسبة في هذه المرحلة لما تحمله من فوائد، مثل فتح أسواق جديدة غير مكتشفة، وتقديم قيم جديدة تساعد على زيادة الإيرادات، وتحقيق ميزة تنافسية مستدامة، إلا أنها قد تحمل بعض المخاطر الناجمة عن الاستثمار في البحث والتطوير، وتحديات التنفيذ نتيجة إجراء تغيير كبير قد يواجه بعض المقاومة في البداية، وهنا تأتي أهمية تعزيز وتطوير السمات الريادية في التنشئة لدى رواد الأعمال المحتملين مثل الميل للمخاطرة وعدم الخوف من الفشل وتعزيز الثقة في النفس من خلال تعزيز الفكر الإبداعي والتحليلي، تطوير مهارات حل المشكلات، وتنمية الفضول وخوض تجارب متنوعة، والتعامل مع المشكلات كفرص.