الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في بداية حياتك الوظيفية يحدث غالبا ان يضيق صدرك كل شهر عندما يخصم من راتبك النسبة الخاصة بالتأمينات الاجتماعية، هذا شعور طبيعي خاصة في سن الشباب والصحة الوافرة والطريق الطويل الذي امامك بإذن الله والرغبات الحياتية والاستهلاكية التي تلح عليك.
بمرور الوقت ويحدث غالبا في منتصف الطريق الوظيفي وما بعده يبدا شعور بالأمان ينتابك في مقابل الضيق الذي ذكرت، يبدأ حساب آخر يجول في عقلك حول حياة ما بعد الوظيفة وغالبا تظهر لدى البعض فكرة التقاعد المبكر او أفكار التقاعد بعد إتمام الخدمة الكاملة وهنا يدخل عامل مهم في كل تلك الأفكار هو مقدار الراتب الذي ستستحقه عندها وكيف سيكون هو أساس دخلك مع بقية ما اعددت ان كنت اعددت شيئا لذلك اليوم.
الأمان، بل وأيضا حفظ ماء وجهك اذا كان تقاعدك اجباريا عندما تستغني عنك شركتك لتخفيض النفقات او إحلال استراتيجيات وهيكلة جديدة هو شيء لا يقدر بثمن حينها، وحينها فقط ستتمنى لو ان التأمينات الاجتماعية خصمت اكثر ليكون راتبك اعلى، وهو ما يجعلني انصحك ان يكون لديك برنامج موازي للتأمينات سواء كان ادخارا او استثمارا منخفض المخاطر.
جالت في بالي هذه الخواطر وانا احضر افتتاح المنتدى الإقليمي للضمان الاجتماعي لدول آسيا والمحيط الهادئ، الذي استضافته التأمينات الاجتماعية في المملكة لمدة ثلاثة أيام خلال الأسبوع الماضي بحضور 450 مسؤول ومختص وخبير في هذا الشأن من اكثر من ثلاثين دولة وهو منتدى تنظمه الجمعية الدولية للضمان الاجتماعي “ISSA” كل ثلاث سنوات لمناقشة التحديات والفرص المستقبلية في هذا المجال.
كل ما يحدث من حولنا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي يؤثر في حياتنا، وما تضمنه المنتدى من جلسات وحوارات هو نظرة الى واقع ومستقبل أنظمة الحماية التأمينية في منطقتنا والعالم، لأن أنظمة الضمان الاجتماعي كاي نظام آخر تحتاج الى المراجعة والتطوير لتواكب احتياجات ” الأمان ” التي تتغير تبعا لمتغيرات كثيرة.
في هذا المنتدى كثير من النقاش وبالنسبة لاي مواطن حضر كثير من البهجة، أولا للثناء المستحق من الحضور وفي مقدمهم رئيس الجمعية الدولية للضمان الاجتماعي الدكتور محمد عزمان على المملكة وتطور أنظمة التأمينات الاجتماعية فيها ، وحرصها على تعزيز التعاون الإقليمي في مجال الضمان الاجتماعي، وثانيا فهم قادة ومسؤولي بلادنا للتحولات الاجتماعية وتأثيرها على نظام الضمان الاجتماعي كما بدا ذلك في جلسة الحوار الرئيسية الأولى، وثالثا وربما هو الأهم للمواطن والقارئ ان هناك مرحلة جديدة للأمان الاجتماعي في المملكة ” تهدف فيها إلى إيجاد قيمة أكبر لعملائها في مختلف مراحل حياتهم، وذلك من خلال دعم الاستقرار المالي، والنمو المهني، وتعزيز الصحة البدنية، بما يُسهم في تحسين جودة الحياة، وبناء مستقبل يشعر فيه الجميع بالأمان والتقدير” كما قال محافظ التأمينات عبدالعزيز البوق.
من تقاعد مؤخرا يعرف مدى التقدم التقني الذي حققته هذه المؤسسة ضمن التقدم الرقمي الشامل الذي تشهده بلادنا فعند آخر يوم عمل، عليه ان يفتح حاسوبه او هاتفه الذكي لبعض دقائق وتنتهي إجراءاته بدون ان يقوم من مكانه، وبدون أي ورقة، وسيأتيه تأكيد انتهاء الاجراء وتحديد اول يوم صرف بعد بضع لمسات لشاشته، لهذا نحن الرابع على مستوى العالم في الحكومة الرقمية، والثاني على مستوى مجموعة العشرين، والأول في المنطقة.
بقي ان أقول ان الشعور بالأمان والتقدير ليس مسؤولية الحكومة ممثلة في التأمينات، انه مسؤولية مشتركة خاصة عند الحديث عن الشركات الكبرى التي نجح بعضها تاريخيا والى الآن في إعطاء هذا الشعور لمن افنوا حياتهم فيها، واخفق بعض آخر غير قليل في تحقيق ذلك متناسين ان جزءا من مسؤوليتهم الاجتماعية يبدأ من الداخل، من موظفيهم واسر موظفيهم، ولعل ما يحدث من حراك مثير للإعجاب في هذا الملف يحفزهم لان يعتبروا جزءا من ارباحهم المليارية ليس مالا فقط، انه ” الأمان والتقدير ” الذي يمكن ان يشيعونه في موظفيهم ومتقاعديهم لأنه مكسب مالي ومعنوي لهم على المدى الطويل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال