الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إن الدافع الحقيقي وراء كتابة مقالنا هذا عن “البراغماتية” هو اقتراب نهاية عام 2024م، الذي كان مليئًا بالإنجازات والتحولات. ومع بقاء أيام معدودة على بدء عام 2025م، نرى فرصة للتأمل فيما تحقق والتطلع إلى ما هو قادم. مما يتطلب منا الاستمرار والمضي قدما في العمل بروح الفريق الواحد ضمن بيئة محفزة تعزز الإنجاز، تماشيًا مع رؤية 2030 الطموحة، وذلك من أجل تعزيز ديناميكية الاستدامة الفعالة في ظل التحولات الكبيرة التي تشهدها بلادنا المباركة، حيث تعتبر البراغماتية من المفاهيم الأساسية التي تساهم في تشكيل أساليب التفكير واتخاذ القرارات في مختلف مجالات الحياة، حيث في ظل التحديات البيئية والاجتماعية التي تواجه العالم اليوم، تبرز أهمية البراغماتية والعمل الجماعي المشترك كأداة فعالة لتحفيز التحول نحو الاستدامة. تتطلب الاستدامة الفعالة تكييف استراتيجيات جديدة تتجاوز الحلول التقليدية، مما يجعل البراغماتية خيارًا منطقيًا.
وقبل أن نتعمق في مقالنا هذا، نود أن نتناول مفهوم البراغماتية، الذي يعتبر فلسفة تركز على النتائج العملية الفعالة. وهذا يعني أن الأفكار والقرارات تُقيم بناءً على تأثيرها العملي في العالم الحقيقي والواقعي، بدلاً من التركيز فقط على المبادئ النظرية. ومن المهم الإشارة إلى أن مفهوم البراغماتية ليس حديثًا بالمعنى الدقيق، بل له جذور تاريخية عميقة، حيث بدأ ظهوره كفلسفة في أواخر القرن التاسع عشر مع مفكرين مثل تشارلز ساندرز بيرس وويليام جيمس. ومع ذلك، فإن تطبيقاته في مجالات مثل السياسة والاقتصاد والمجتمع قد تطورت بشكل كبير في العصر الحديث. لذا، يمكننا القول إنه قديم وجديد في نفس الوقت، حيث يستمر في التكيف مع التحديات والمتغيرات المعاصرة.
ونود نوضح أهمية البراغماتية مع بعض الأمثلة الواقعية، ونجدها تكمن في التالي حسب الأهمية:
أولاً، البراغماتية تركز على النتائج العملية، مما يعني أن الحلول المقترحة يجب أن تكون قابلة للتطبيق وفعالة. على سبيل المثال، في مجال التعليم، تم تطبيق أساليب تعليمية براغماتية تركز على التعلم القائم على المشاريع، حيث يتمكن الطلاب من تطبيق المعرفة في مواقف حقيقية وعلى أرض الواقع، مما يعزز من فهمهم ويزيد من دافعيتهم، وفي نفس الوقت يدعم الجانب المهني والتنفيذي، وهذا التوجه يعتبر جديدا نسبيا، واهتمام العالم اليوم، وأيضا، ما تقوم عليه رؤية 2030 الطموحة.
ثانيًا، في مجال الأعمال، نجد أن المنظمات التي تتبنى البراغماتية تميل إلى الابتكار والتكيف بشكل أسرع مع التغيرات السوقية. لنضرب مثال، قامت بعض الشركات بالتغيير في استراتيجياتها بناءً على ردود فعل العملاء، مما ساعدها على تحسين منتجاتها وزيادة رضا العملاء، حيث الردود العكسية والاستجابة لها تعزز الجانب العملي، وتعزز من التطوير والتقدم.
ثالثا، في القضايا الاجتماعية، يمكن للبراغماتية أن تساهم في تحقيق التغيير من خلال التركيز على الحلول المبتكرة التي تتعاون بين مختلف الأطراف. لنضرب مثال على هذا، تم تنفيذ برامج مجتمعية تجمع بين الحكومة والمجتمع والقطاع الخاص لمعالجة قضايا مثل الفقر أو التعليم، مما أدى إلى نتائج إيجابية ومستدامة.
من خلال هذه الأمثلة وما ذكر من أهمية، يتضح لنا كيف أن البراغماتية يمكن أن تكون أداة فعالة لتحقيق الأهداف المرجوة في مختلف المجالات الحيوية، حيث تسعى البراغماتية في يومنا هذا إلى تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع من خلال التركيز على ما هو عملي وفعال بالعمل، مما يساهم مساهمة كبيرة في تعزيز الابتكار والتعاون بين الأفراد والمجتمعات، حيث نعتبر البراغماتية بمثابة جسر الوصل الحقيقي الذي يربط بين الأفكار النظرية والتطبيقات العملية، مما يعطينا القوة والمرونة في مواجهة التحديات البيئية بشكل أكثر فعالية، واستغلال الفرص المتاحة بصورة مثلى.
ونود نشير في مقالنا هذا، بأنه يمكن للبراغماتية أن تساهم في تحقيق أهداف الاستدامة مساهمة كبيرة من خلال عدة جوانب حيوية، ومن هذه الجوانب، تركيز البراغماتية على النتائج العملية، مما يعني أنها تشجع على تطوير حلول ملموسة للتحديات البيئية والاجتماعية. من خلال اعتماد استراتيجيات مرنة وقابلة للتكيف بشكل مرن، حيث يمكن للمجتمعات أن تتجاوب بشكل أفضل مع التغيرات السريعة التي تواجهها. كذلك من أحد الجوانب، تعزز البراغماتية التعاون والعمل الجماعي المشترك بين مختلف الجهات الفاعلة، بما في ذلك الحكومات، والمنظمات، والمجتمعات المحلية. من خلال العمل معًا، يمكن لهذه الأطراف تحقيق أهداف مشتركة والاستفادة من الموارد والمعرفة المتاحة لتحقيق نتائج إيجابية. أخيرًا، تساهم البراغماتية في تعزيز الابتكار من خلال تشجيع التجريب العملي والتعلم من الأخطاء والاستفادة منها. من خلال هذا النهج، يمكن للمجتمعات تطوير حلول جديدة ومستدامة تلبي احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية في آن وأحد. بالتالي، يمكن أن تكون البراغماتية نقطة انطلاق لتحولات إيجابية تساهم في تحقيق أهداف الاستدامة الشاملة.
ونؤكد في مقالنا هذا، بأنه يمكن أن تكون البراغماتية نقطة انطلاق لتحولات إيجابية في المجتمعات من خلال التركيز على النتائج العملية وتطوير حلول ملموسة للتحديات التي تواجهها. من خلال تعزيز التعاون والعمل الجماعي المشترك بين مختلف الجهات الفاعلة، مثل الحكومات والمجتمعات المحلية، يمكن تحقيق أهداف مشتركة والاستفادة من الموارد المتاحة بشكل كفء وفعال. كما أن تشجيع الابتكار والتجريب العملي يوفر فرصًا لتطوير حلول جديدة مبتكرة تلبي احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية. بالتالي، يمكن للبراغماتية أن تساهم مساهمة كبيرة في بناء بيئات إيجابية تدعم التعلم المستمر والنمو الجماعي، مما يؤدي إلى تحقيق تغيرات مستدامة في المجتمع ذات أثر حتى على مستقبل الأجيال القادمة.
بناءُ على ما ذكر أعلاه، يتضح لنا أن البراغماتية تمثل أداة قوية يمكن أن تساهم مساهمة كبيرة في تحقيق تحولات إيجابية في المجتمعات من خلال التركيز على الحلول العملية والتعاون المشترك الفعّال. لتحقيق ذلك، من الضروري أن نعمل على تعزيز ثقافة الابتكار والتجريب العملي، مع فتح قنوات التواصل بين مختلف الجهات المعنية.
ختاما، نود نطرح بعض التوصيات، حيث يتطلب منا الاستمرار بمنظور الاستدامة الفعالة في تعزيز الشراكات الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص والمجتمع لتبادل الأفكار والموارد. كذلك نوصي بدعم المبادرات التي تشجع على التفكير النقدي والابتكار في مواجهة التحديات المجتمعية، ايضا، نوصي بالاستمرار في الاستثمار في التعليم والتدريب المستمر لتمكين الأفراد من تطوير مهاراتهم وتحسين أدائهم بشكل عملي، وأخيرا نوصي بتشجيع المشاركة المجتمعية في اتخاذ القرارات، مما يعزز الشعور بالانتماء الوطني، وتعزيز المسؤولية الاجتماعية والعمل التطوعي.
من خلال هذه الخطوات، يمكن للمجتمعات أن تسير نحو مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا بالعمل الجماعي المشترك، وفي نفس الوقت تعزيز الاستدامة الشاملة، بما يضمن حقوق الأجيال القادمة.
كل عام والجميع بخير، ونتطلع إلى عام 2025 الذي سيكون بإذن الله عامًا مليئًا بالإنجازات والإلهام والتمكين. فلنجعل منه عامًا مميزًا يحمل في طياته كل ما نطمح إليه.
دمتم بخير،،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال