الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في عام 1428 (2007)، صدر المرسوم الملكي رقم (م/18) بالموافقة على نظام التعاملات الإلكترونية “يسر”، الذي شكل نقطة انطلاق هامة في رحلة التحول الرقمي بالمملكة. يهدف النظام إلى تسهيل التعاملات الإلكترونية في القطاعين العام والخاص، وتعزيز الثقة في السجلات الإلكترونية والتوقيعات الرقمية. كما يسعى إلى توفير بنية تحتية تقنية موحدة تساهم في تسهيل الإجراءات الحكومية وتوسيع استخدامها في كافة مجالات الحياة مثل: التجارة، والتعليم، والصحة، والدفع الإلكتروني.
تحول رقمي شامل ..
منذ إطلاق النظام في عام 1428، أصبح التحول الرقمي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية في المملكة. يمكن القول اليوم أن السعودية أصبحت حكومة رقمية، حيث يتم تنفيذ أغلب الخدمات عبر المنصات الإلكترونية. سواء في الخدمات الحكومية مثل منصة “أبشر” أو في خدمات القطاع الخاص، وأصبحت الشبكة الإلكترونية (الإنترنت) هي الوسيلة الأساسية للوصول إلى الخدمات وإنجاز الأعمال.
من وقائع التحول الرقمي ..
المحاكم الرقمية: أصبحت المحاكم السعودية (منصة ناجز)، وعلى رأسها محاكم التنفيذ، تعتمد على السجلات الرقمية تمامًا (محاكم بلا ورق). هذه الخطوة ساعدت في تحقيق كفاءة تشغيلية عالية، ووفرت على المواطنين والمقيمين الوقت والجهد والمال.
التعليم: منصات التعليم مثل: “مدرستي”، و”كلاسيرا”، و” بلاك بورد “، ساهمت في تقديم التعليم عن بُعد بطريقة مبتكرة، ما جعل التعليم أكثر مرونة ومتاحة لجميع فئات المجتمع.
الصحة: رغم التحديات التي لا تزال قائمة برأينا، إلا أنه تم البدء بالتحول الرقمي في القطاع الطبي
” كمنصة صحتي “، لرقمنة السجلات الطبية وربط القطاعين العام والخاص لتحقيق خدمة صحية متكاملة.
الدفع الإلكتروني: التحول إلى الدفع الرقمي أصبح ركيزة أساسية في الحياة اليومية، مما سهل عملية الشراء والدفع بدون الحاجة للتنقل أو التواجد في المتاجر.
التحديات والتحولات المستقبلية ..
وعلى الرغم من النجاحات التي تحققت، فإن التحول الرقمي يواجه بعض التحديات التي يجب مراعاتها. من أبرز هذه التحديات.
الأمن السيبراني: حماية المعلومات والبيانات الشخصية للمواطنين أصبحت أمرًا في غاية الأهمية. ولذلك، تم إنشاء الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في عام 1439، وترتبط تنظيمياً بالملك، لما ما لها من أهمية عالية وأثر على الدولة والإقتصاد والمجتمع، وتختص بإيجاد الأمان والموثوقية للتعاملات الإلكترونية على مختلف أشكالها وأنواعها، وتضع المعايير وتراقب تطبيقها من الجهات العامة والخاصة، إذ من أهدافها الاستراتيجية حوكمة متكاملة للأمن السيبراني على المستوى الوطني، ويمكن أن نُطلق عليها بأنها مركز قيادة الأمن والدفاع الإلكتروني، فهي المختصة بمعرفة التهديدات وتحليلها وإدارة الثغرات والمراقبة والتنسيق والاستجابة للحوداث، لتحقيق استمرارية الأعمال دون مخاطر.
التعليم والتدريب: يجب التركيز على تأهيل المواطنين بشكل مستمر للتعامل مع التكنولوجيا الحديثة من خلال التدريب والتعليم الرقمي.
ولمواكبة هذا التطور، تم إنشاء عدة هيئات تنظيمية تشرف على تنفيذ سياسة الحكومة الرقمية:
هيئة الحكومة الرقمية: التي تم إنشاؤها في عام 1442، لتعزيز الأداء الرقمي داخل الجهات الحكومية وتحسين تجربة العميل. هذه الهيئة تسهم في تطوير الخدمات الرقمية وتسهيل الوصول إليها.
هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا): التي تم إنشاؤها في عام 1440، تعمل على حماية البيانات الشخصية وحوكمة البيانات الوطنية لضمان حماية خصوصية المستخدمين في المنصات الرقمية.
ختاماً ..
إن رقمنة الأعمال (التحول الرقمي)، تهدف لاستخدام التكنولوجيا الحديثة لتحسين استمرارية نمو الأعمال وجودتها، بتحويل المعلومات والمستندات لأرقام، والتحول الرقمي في المملكة العربية السعودية قد حقق العديد من النجاحات التي كان لها تأثير كبير على جودة وكفاءة الخدمات الحكومية والخاصة، ووفرت راحة كبيرة للمواطنين والمستفيدين بالعموم. ويتأكد ذلك، بأن أعلن الاتحادُ الدولي للاتصالات (ITU) في عام 1445 (2023)، وكذلك في بداية العام الجاري 1446 (2024)، عن تحقيق المملكة مستوىٍ قياديًّا (المركز الثاني على التوالي) في النضج الرقمي، لتتقدّم بذلك بلادنا – بفضل الله وتوفيقه – على دول مجموعة العشرين (G20)؛ إذ جاءت بعدها الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وإيطاليا، وجمهورية الصين الشعبية، إضافة إلى اليابان، وروسيا، وهذا يعكس قدرة المملكة على استخدام التكنولوجيا الحديثة لتحقيق إنجازات ضخمة في مختلف المجالات.
وأخيراً، يلاحظ أن لفظ الإلكتروني، وكأنها أصبحت من الماضي واستبدلت بالرقمي، وأن الصعوبات والتحديات التي كانت تواجه متخذ القرار من نقص معلومات أو عدم دقتها وفي أحيان كثيرة كانت غير واقعية، ما أثر بشكل مباشر في تحقيق الكفاءة التشغيل بأقل الموارد والتكاليف، فمع الرقمنة وإعمالها بمستوى عالٍٍ، لم يعُد اتخاذ القرار بذات الصعوبة والجمود السابق، كما أمكن تحقيق وايجاد مقاييس الأداء والرقابة الفورية، وبالمجمل نمو وتطور سريع ومُذهل في الحياة إيجاباً، يستوجب معه مراعاة عدم تأثيره على القيّم والأخلاق والعلاقات الإجتماعية.
إن وفقت وأصبت فمن الله وفضله والحَمدُلِله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله العليّ العظيم لوالديّ ولي ولزوجتي وذريتي وإخواني والمسلميّن ونتوب إليه .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال