الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لقد وضع مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي الذي عقد في بكين يومي 11 و12 من الشهر الجاري “تعزيز الاستهلاك بقوة، وتحسين كفاءة الاستثمار، التوسع الشامل في الطلب المحلي” على رأس المهام الرئيسية التسع للعام المقبل. وهذه هي الإشارة المحورية التي أرسلها مؤتمر هذا العام، بينما أعطت معظم مؤتمرات العمل الاقتصادي المركزي السابقة، الأولوية القصوى للابتكار المدعوم بالعلوم والتكنولوجيا، وبناء نظام الصناعات الحديثة، وتعزيز القوى الإنتاجية الجديدة النوعية.
لماذا يعتبر التوسع الشامل في الطلب المحلي مهما للاقتصاد الصيني في عام 2025؟ وكيف ستتحرك الصين في الخطوة التالية؟
في عام 2024، استطاع الاقتصاد الصيني الحفاظ على معدل نمو يبلغ حوالي 5%، مع مساهمة الطلب الخارجي بشكل كبير. ومع ذلك، بالنظر إلى عام 2025، قد تؤثر عوامل مثل تصاعد النزاعات الجيوسياسية وتغير سياسات التعريفات الجمركية على سلاسل الصناعة والإمداد العالمية، حتى الاقتصاد العالمي. في ظل توقع ضعف الطلب الخارجي في عام 2025، تحتاج الصين إلى تعزيز الطلب المحلي لضمان النمو المستقر والمستدام لاقتصادها.
وفي الوقت نفسه، تمتلك الصين أكبر سوق للطلب المحلي في العالم، وهو ما يوفر إمكانات ضخمة لتوسيع الطلب المحلي. ويشكل عدد السكان الذي يزيد عن 1.4 مليار نسمة، فضلا عن شريحة الدخل المتوسط المتنامية، قاعدة استهلاك قوية. وأشار جوزيف ستيغليتز الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد إلى أن حصة الاستهلاك في الصين لا تزال تشهد فجوة كبيرة مقارنة بالمستوى الدولي، وترجع الأسباب الى انخفاض حصة دخل العمالة، وارتفاع معدل الادخار، ونظام الضمان الاجتماعي غير الكامل. إن الطلب المحلي الذي لم يتم تحفيزه بالكامل حتى الآن أدى إلى تقييد إمكانات النمو الاقتصادي في الصين.
كيف ستتصدى الصين لهذا التحدي؟ اقترح مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي عددا من التدابير المحددة، جاء في مقدمته تعزيز الاستهلاك. حيث خططت الحكومة المركزية تحفيز الطلب المحلي من خلال زيادة دخل السكان وتعزيز الرغبة في الاستهلاك وتحسين بيئة الاستهلاك. على سبيل المثال، تعزيز التوظيف للمجموعات الرئيسية، وزيادة معاشات التقاعد والمعاشات الأساسية لسكان المناطق الحضرية والريفية بشكل مناسب، وفي الوقت نفسه زيادة الدعم المالي للتأمين الطبي لسكان المناطق الحضرية والريفية، هذه التدابير من شأنها أن تعزز بشكل مباشر القدرة على الاستهلاك للفئات المتوسطة والمنخفضة الدخل. وعلاوة على ذلك، فإن التطوير النشط لسيناريوهات الاستهلاك المتنوعة ودعم تطوير أشكال الاستهلاك الجديدة مثل السياحة الثقافية واقتصاد كبار السن واقتصاد الجليد والثلج من شأنه أن يضخ حيوية جديدة في نمو الطلب المحلي.
ثانيا، ستركز الصين على تحسين كفاءة الاستثمار. وعلى صعيد البنية التحتية، سيتم تقديم دعم أكبر لمشاريع تنفيذ الاستراتيجيات الوطنية الكبرى وبناء القدرات الأمنية في المجالات الرئيسية. وعلى الصعيد العقاري، سيتم تسريع بناء نموذج جديد للتنمية العقارية وتنفيذ أعمال التجديد الحضري وترميم المنازل المتداعية بشكل معمق. وعلى صعيد معيشة الشعب، سيتم تسريع سد الفجوات في التعليم والرعاية الطبية ورعاية المسنين. وفي قطاع التصنيع، سيتم تعزيز الاستثمار في الابتكار العلمي والتكنولوجي، والتحديث الصناعي، والتحول الأخضر وغيرها من المجالات.
ويؤثر نمو الطلب المحلي في الصين أيضا بشكل عميق على الاقتصاد العالمي. وباعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أصبحت سوق الاستهلاك في الصين مصدرا مهما للنمو بالنسبة للعديد من الشركات المتعددة الجنسيات. من عام 2001 إلى عام 2023، ازداد حجم واردات الصين من السلع الاستهلاكية بشكل ملحوظ، حيث ارتفع من 9.377 مليار دولار أمريكي إلى 185.596 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 18.79 مرة. وفي الوقت نفسه، ارتفعت حصة الصين في واردات السلع الاستهلاكية العالمية. وفي عام 2023، شكلت واردات الصين من السلع الاستهلاكية 5.97% من واردات السلع الاستهلاكية العالمية. كذلك ارتفعت حصة واردات السلع الاستهلاكية الصينية في إجمالي الواردات الصينية. في عام 2023، شكلت واردات الصين للسلع الاستهلاكية 7.26% من إجمالي وارداتها.
تتحول الصين من نموذج نمو قائم على التصدير والاستثمار إلى نموذج نمو قائم على الاستهلاك المحلي والابتكار. وكما أشار الاقتصادي المعروف مايكل سبنس، فإن هذا التحول مليء بالتحديات، لكن وضوح السياسات واستهدافها يمنح الصين القدرة على تحقيق نمو اقتصادي مستقر.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال