الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في 9 ديسمبر، عقد المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني اجتماعا لتحليل ودراسة العمل الاقتصادي لعام 2025. وأرسل الاجتماع إشارة مهمة مفادها أن الصين ستعدل سياستها النقدية من “حذِرة” إلى “متساهلة بشكل مناسب”. وفي الوقت نفسه، أوضح الاجتماع أنه سيتم تنفيذ سياسة مالية أكثر استباقية وتعزيز التعديلات الاستثنائية المعاكِسة للدورات الاقتصادية.
ولم تحظ هذه الخطوة باهتمام كبير من الأسواق المحلية والأجنبية فحسب، بل أصبحت أيضا نافذة مهمة لمراقبة اتجاه التنمية المستقبلية للاقتصاد الصيني. وعقب ذلك، عقد مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي السنوي الذي وضع المزيد من التدابير السياسية، مشيرا إلى ضرورة “إعطاء الدعم الكامل للوظائف المزدوجة لأدوات السياسة النقدية من حيث الحجم الإجمالي والهيكل، وخفض نسبة الاحتياطي الإلزامي وأسعار الفائدة في الوقت المناسب، والحفاظ على وفرة السيولة النقدية، وضمان أن يكون حجم التمويل الاجتماعي ونمو المعروض النقدي مواكباً لأهداف النمو الاقتصادي والمستوى العام المتوقع للأسعار. والحفاظ على استقرار سعر صرف اليوان عند مستوى معقول ومتوازن. كذلك، سيتم استكشاف توسيع وظائف البنك المركزي في مجال الاحتراز الكلي والاستقرار المالي، والابتكار في الأدوات المالية، والحفاظ على استقرار الأسواق المالية”.
ترتبط التغيرات في السياسة النقدية دائما ارتباطا وثيقا بالوضع الاقتصادي الكلي للبلد. وتهدف تعديلات السياسة النقدية في الصين هذه المرة إلى الاستجابة لتحديات متعددة مثل تباطؤ النمو الاقتصادي الحالي، وعدم كفاية الطلب المحلي، وصعوبات الإنتاج والتشغيل التي تواجهها بعض الشركات، والضغوط على الناس لزيادة فرص العمل والدخل. وفي الوقت نفسه، ومع تزايد حالة عدم اليقين في الطلب الخارجي، وتباطؤ التعافي الاقتصادي العالمي، والمخاطر الجيوسياسية، زادت الضغوط على الصادرات بشكل كبير.
وفي ظل هذه الظروف، من الواضح أن السياسة النقدية المتساهلة بشكل مناسب هي بمثابة “توازن دقيق” تهدف إلى تحفيز الاقتصاد على المدى القصير، مع تجنب الآثار الجانبية طويلة الأجل لنمط “الإفراط في ضخ الأموال”. كما تسعى لدعم الاقتصاد الحقيقي مع ضمان استقرار النظام المالي وتعكس هذه الاستراتيجية فكرة الصين لتحقيق تنمية مستدامة طويلة الأجل من خلال التحكم الكلي.
يعد عام 2025 عاما حاسما لختام الخطة الخمسية الـ14 (2021-2025)، وهو عام تنفيذ الإصلاح الشامل في الصين. وقد اقترحت الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني أكثر من 300 تدبير إصلاحي بهدف عام يتمثل في تطوير وتحسين النظام الاشتراكي ذي الخصائص الصينية وتعزيز تحديث نظام الحوكمة الوطنية وقدرتها. من المتوقع أن يتم تسريع هذه الإصلاحات المهمة خلال عام 2025، مما يساهم في تحقيق أقصى استفادة من مزايا الاقتصاد الصيني.
وعلى المدى القصير، ستعمل السياسة النقدية “متساهلة بشكل مناسب” على دعم الاقتصاد الحقيقي بشكل مباشر، من خلال خفض تكاليف التمويل وتعزيز تعافي الاستثمارات المؤسسية واستهلاك السكان. ومن المرجح أن تحقق هذه السياسة فوائد هيكلية في مجالات مثل ترقيات التصنيع، والمركبات العاملة بالطاقة الجديدة، والذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع أيضا أن تتم تلبية احتياجات التمويل المعقولة لسوق العقارات، وبالتالي تخفيف الضغوط الاقتصادية المحلية. وعلى المستوى الطويل الأجل، فإن تعديل السياسة النقدية له أهمية بعيدة المدى. فهي لا تمنح الاقتصاد الوقت اللازم للتحول فحسب، بل تمهد الطريق أيضًا لتحقيق التنمية عالية الجودة.
وفي المستقبل، سيظل الاقتصاد الصيني يواجه تحديات متعددة، بما في ذلك حالة عدم اليقين في البيئة الخارجية والحاجة العميقة للإصلاح الداخلي. وعلى هذه الخلفية، يمثل هذا التعديل في السياسة النقدية خيارا ضروريا لتحقيق استقرار النمو المحلي، وخطوة مهمة لإرسال إشارات ثقة إلى المجتمع الدولي. ويظهر هذا أن الصين لا تستجيب بنشاط للتحديات الاقتصادية الحالية فحسب، بل إنها توفر أيضا المزيد من اليقين والطاقة الإيجابية للانتعاش الاقتصادي العالمي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال