الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أهم قرار يتخذه مجلس الإدارة خلال دورته في إدارة الشركة هو اختيار الرئيس التنفيذي، رغم أن هذا القرار لا يُتخذ عادةً إلا كل خمس إلى ست سنوات بالمتوسط . ومع ذلك، يبقى هذا القرار الأهم لأي مجلس إدارة. تختلف مجالس الإدارة في أساليب وآليات اختيار الرؤساء التنفيذيين، وفقًا للظروف، وسيطرة الملاك، والاستراتيجيات المستقبلية، ومستوى تأهيل الإدارة التنفيذية في الصف الثاني، وظروف الشركة الداخلية، وثقافتها، وصراع القوى المهيمنة عليها.
وفي كل الأحوال تُعتبر العلاقة بين مجلس إدارة الشركة والرئيس التنفيذي حاسمة للحوكمة المؤسسية الفعّالة. تؤثر هذه الديناميكية ليس فقط على الاتجاه الاستراتيجي للشركة، ولكنها تلعب أيضًا دورًا محوريًا في ضمان المساءلة والممارسات الأخلاقية ونجاح الأعمال بشكل عام. إن فهم هذه العلاقة الحوكمية أمر ضروري لأصحاب المصلحة، بما في ذلك المستثمرين والموظفين والجهات التنظيمية.
تشمل وظائف المجلس الأساسية كوكيل للمساهمين في إدارة الشركة وحماية مصالحهم: الإشراف الاستراتيجي، والالتزام الشرعي القانوني والنظامي والأخلاقي للعمل في مصلحة المساهمين، بما في ذلك مراقبة أداء الرئيس التنفيذي وفريق الإدارة، وإدارة المخاطر، ووضع خطة للاستخلاف الإداري. إذ يتحمل المجلس مسؤولية التخطيط لاستمرارية القيادة، مما يضمن وجود استراتيجية قوية لخلافة الرئيس التنفيذي وكبار التنفيذيين الآخرين.
من جهته، يُعتبر الرئيس التنفيذي أعلى مسؤول تنفيذي في الشركة، وهو مسؤول عن العمليات اليومية وتنفيذ رؤية المجلس الاستراتيجية. تشمل مسؤولياته القيادة، وإحاطة المجلس بتحديثات منتظمة بشأن أداء الشركة والتحديات والمبادرات الاستراتيجية، واتخاذ القرارات اليومية، مع مسؤوليته التامة عن إشاعة نبرة الثقافة التنظيمية والحفاظ على المعايير الأخلاقية.
تتميز العلاقة بين مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي بالتعاون والمساءلة، بحيث تعتمد على الحوكمة الفعّالة في تعزيز الاحترام المتبادل، والتواصل الواضح والمفتوح والشفاف والمنتظم بين المجلس والرئيس التنفيذي لمعالجة القضايا بسرعة واتخاذ قرارات مستنيرة، مما يعزز بيئة تعاونية.
من جهته، يقوم المجلس بتقييم أداء الرئيس التنفيذي بناءً على مقاييس وأهداف محددة. يُعتبر هذا التقييم ضروريًا لضمان بقاء الرئيس التنفيذي متوافقًا مع رؤية وأهداف المجلس، وتساعد الملاحظات المنتظمة والنقد البناء الرئيس التنفيذي على تحسين استراتيجياته وتكييفها.
عندما تنشأ خلافات بين المجلس والرئيس التنفيذي بشأن الأولويات الاستراتيجية أو القرارات التشغيلية، تتطلب الحوكمة الفعّالة القدرة على التنقل في هذه النزاعات باحترام وبشكل بناء، مع ضمان أن تظل مصالح الشركة في المقدمة. بينما يتحمل الرئيس التنفيذي مسؤولية الإدارة، يجب أن يحافظ المجلس على مستوى من الاستقلالية لتوفير إشراف موضوعي. يُعتبر هذا التوازن حاسمًا لمنع تضارب المصالح وضمان أن يكون الرئيس التنفيذي مسؤولًا عن أفعاله.
تفرض لوائح الحوكمة مسؤوليات قانونية على كل من المجلس والرئيس التنفيذي. على سبيل المثال، يفرض قانون ساربانيس–أوكسلي الأمريكي على الشركات العامة الحفاظ على دقة التقارير المالية وإنشاء ضوابط داخلية، ويفرض نظام هيئة السوق المالية السعودية ولوائحه التنفيذية مسؤوليات قانونية على الرئيس التنفيذي مشابهة. ويتحمل كل من المجلس والرئيس التنفيذي المسؤولية عن الامتثال لهذه اللوائح، مما يبرز أهمية القيادة الأخلاقية والنزاهة.
علاوة على ذلك، يعزز إطار الحوكمة القوي ثقافة المساءلة، حيث يُتوقع من الرئيس التنفيذي العمل في مصلحة الشركة ومساهميها بكل جهد ونزاهة وإخلاص. تمتد هذه المساءلة إلى قضايا مثل المسؤولية الاجتماعية للشركات والممارسات التجارية الأخلاقية، التي تكتسب أهمية متزايدة لدى المستثمرين والمستهلكين على حد سواء.
تُعتبر العلاقة بين مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي أساسية للحوكمة المؤسسية الفعّالة. من خلال تعزيز ثقافة التعاون والمساءلة والقيادة الأخلاقية، يمكن للمنظمات التنقل بين التحديات، واقتناص الفرص، ودفع النمو المستدام. مع استمرار تطور مشهد الأعمال، ستظل الديناميات بين المجلس والرئيس التنفيذي حاسمة في تشكيل مستقبل الحوكمة ونجاح الشركات، واستقامة السوق المالية بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال