الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تشكل استضافة المملكة العربية السعودية لمونديال 2034 حدثًا رياضيًا تاريخيًا، يعكس طموحًا عميقًا نحو ترسيخ مكانتها العالمية، ليس فقط كقوة رياضية، بل كقوة اقتصادية وثقافية. هذه الاستضافة تأتي في إطار رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تحقيق تنويع اقتصادي وتطوير شامل للبنية التحتية والخدمات، لتصبح المملكة وجهة عالمية جذابة لكل المجالات.
اقتصاديات استضافة المونديال تحمل آفاقًا غير محدودة، حيث إن التكلفة المرتبطة بتنظيم حدث رياضي ضخم كهذا تقابلها عوائد اقتصادية هائلة على المدى الطويل. تشير التقديرات الأولية إلى أن المملكة قد تنفق ما ميزانية ضخمة على استضافة المونديال، تشمل تطوير المنشآت الرياضية الحديثة، تحسين البنية التحتية، وتعزيز خدمات السياحة والنقل. ورغم أن الرقم يبدو كبيرًا، إلا أن الدراسات الدولية تؤكد أن العوائد قد تفوق التكلفة إذا ما تم التخطيط لها بعناية وفعالية.
واحدة من أبرز التأثيرات الاقتصادية لاستضافة المونديال هي تعزيز السياحة. تشير التقديرات إلى أن المونديال يمكن أن يجذب أكثر من 1.5 مليون زائر أجنبي خلال فترة الحدث، ما يعني إنعاش قطاع السياحة وزيادة العوائد المالية. ومع متوسط إنفاق الزائر الواحد بنحو 3000 دولار خلال مدة إقامته، فإن العائدات المباشرة للسياحة وحدها قد تصل إلى 4.5 مليار دولار. هذا الرقم لا يشمل العائدات غير المباشرة مثل الإنفاق على النقل، التجزئة، والخدمات الأخرى.
البنية التحتية ستكون من أهم المستفيدين من هذه الاستضافة. المملكة تخطط لإنشاء 8 ملاعب جديدة على الأقل وتجديد عدد من المنشآت الرياضية القائمة، باستثمارات تتجاوز 5 مليارات دولار، إلى جانب ذلك ستشهد المدن المستضيفة تطورًا ملحوظًا في شبكات النقل والمواصلات العامة، الفنادق، والمرافق العامة، مما يسهم في تحسين جودة الحياة للسكان المحليين. هذا الاستثمار في البنية التحتية لا يخدم فقط الحدث الرياضي، بل يشكل قاعدة أساسية لنمو اقتصادي مستدام لعقود قادمة.
وعلى الصعيد الوظيفي يُتوقع أن توجد الاستضافة عشرات الآلاف من الوظائف، سواء بشكل مباشر في مجالات البناء والتنظيم والضيافة، أو بشكل غير مباشر من خلال دعم القطاعات المرتبطة. وفقًا للتقديرات، فإن ما لا يقل عن 70,000 فرصة عمل ستنشأ خلال السنوات التي تسبق الحدث، مع تركيز خاص على توفير فرص للشباب والنساء ضمن رؤية 2030.
أما فيما يتعلق بالتأثير الإعلامي، فإن المونديال يمثل فرصة استثنائية لتعزيز صورة المملكة عالميًا. أكثر من 5 مليارات مشاهد حول العالم تابعوا مونديال 2022، مما يعني أن المملكة ستتحول إلى نقطة اهتمام عالمي خلال استضافتها للحدث. هذا الزخم الإعلامي يعزز من جاذبية المملكة كوجهة استثمارية وسياحية، ويُسهم في تحقيق مكاسب معنوية طويلة الأجل.
وبالنظر إلى تجارب دول أخرى استضافت المونديال، يتضح أن العوائد الاقتصادية ليست فقط مادية، بل تتعداها إلى تحقيق فوائد اجتماعية وثقافية. في ألمانيا 2006، ارتفعت نسبة السياحة بنسبة 20% خلال السنوات التي تلت المونديال، بينما شهدت البرازيل 2014 زيادة بنسبة 35% في الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
اقتصاديات استضافة مونديال 2034 ليست مجرد أرقام وعوائد مادية، بل هي استثمار استراتيجي شامل يهدف إلى تحقيق التحول الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للمملكة. المملكة تهدف إلى تحويل هذا الحدث الرياضي إلى نقطة تحول تاريخية تعزز من مكانتها كقوة عالمية في جميع المجالات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال