نؤدي الأمانة تجاه الأرض .. المحميات الملكية نموذج

بعض الأمور لا تقاس بالعوائد المادية، بل تقاس بمقدار الأمانة واستشعارها في النفوس، ويأتي مقدار الاهتمام بها مؤشر على حجم استشعار المسؤولية. ليس صحيحا ان ما لا عائد له لا قيمة له، بل ان القيمة كلها في استشعار المسؤولية سواء تجاه البشر أو حتى الحياة الفطرية الأخرى التي وجدت جنبا الى جنب مع الانسان طيلة حياته على هذه الأرض. وان كان البشر اولاهم الله مسؤولية الاستخلاف فلا شك ان هذا يجعل الأهمية القصوى الحفاظ على ما هم مستخلفين عليه، واعني هنا الطبيعة وضمان استمراريتها وعدم طغيان أي امر عليها. المقولة التي تقول ان كل شيء مسخر للبشر لا تصح الا اذا قابل هذا التسخير رعاية من البشر لما سخر لهم. رعاية تضمن ديمومتها واستمراريتها بل وازدهارها، فلا يحق للبشر انهاء بقصد او غير قصد حياة وجدت معه منذ بداية الخلق على هذه الأرض.

الرؤية حملت على عاتقها الحفاظ على البيئة في نصوصها المكتوبة والخالدة. والمبادرات التي انبثقت متعددة لا شك؛ وبالإمكان الاطلاع عليها ببحث مبسط على الانترنت، وحينها سيبهر العاقل من المبادرات والتي تأتي تباعا الى لحظه كتابة هذا المقال، والتي لن تتوقف تحت أي ظرف. البيئة لها حق اقرته الرؤية، وادخلت ما ينميها ويعيد احيائها حيز التنفيذ. البيئة جزء لا يتجزأ من المشروع الكبير الذي نعيشه، وهي أيضا صورة من صور متعددة لطرق شكر النعمة التي لم ولن وتحت أي ظرف نسرف ونكفر بها. الرؤية اصلت المفهوم الحكيم الذي مفاده ان الانسان جزء لا يتجزأ من منظومة بيئية لا يمكن له الازدهار والنمو الا بنموها وازدهارها، وحين يحافظ عليها فإنما هو يحافظ على الحياة برمتها.

المحميات الملكية السعودية نموذج للرسالة السعودية، وتغطي مساحات واسعة من الأراضي السعودية، وهي كما يشير الاسم محمية من كل ما قد يعطل أي شكل من اشكال الحياة الفطرية عليها. كل شيء في المحميات يدرس بما يضمن استمرارية وديمومة الحياة الطبيعية بها فلا تلوث ولا تعدي ولا سماح بأي امر خارج عن قوى الطبيعة التأثير عليها، بل وحتى تكيف الأمور ضمن نطاقها بما يضمن تقليل تأثير أي عامل سلبي طبيعي قد يطرأ. كثير من الكائنات انقرضت من المحميات بفعل عوامل ليس غرض المقال استعراضها، ولكن المحميات وبإتباع طرق علمية صرفة اعادتها باحتراف يضمن بقائها واستمراريتها بإذن الله.

تدار المحميات بطرق علمية بحتة، وهناك قوانين وتشريعات صارمة وضعت لردع من تسول له نفسه الاخلال بمنظومتها البيئية والقوانين الحافظة لها. وتنفق الأموال باقتدار لازدهارها، وأتمنى شخصيا تمددها لتكون المملكة العربية السعودية بكامل حدودها محمية بيئية يتعايش الانسان فيها مع مكونات البيئة من نبات وكائنات حية جنبا الى جنب، لا أرى مانع ان تكون مملكتنا برمتها نموذج العالم رقم واحد في تعايش الانسان مع البيئة، الرؤية نصت على ان السعودية ستكون (خضراء)، هذا ما نصت عليه الرؤية وهذا ما سيكون.