الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
دعونا نتعرف أولاً على السعة المرورية القصوى لطريق الملك فهد الرئيسي، حيث يتكون من 3-4 مسارات في كل اتجاه (3 مسارات عند الجسور) بسعة تبلغ حوالي 2,400 مركبة لكل ساعة لكل مسار (في الاتجاه الواحد) وذلك في ظل الظروف المثالية (عدم وجود مركبات ثقيلة، طقس صحو، وغيرها)، وحيث إن الثابت علميًا أن السعة الفعلية للطريق تقاس بناءً على عدد المسارات الأقل، وعليه فإن السعة القصوى لطريق الملك فهد الرئيسي في الظروف المثالية تبلغ حوالي 7,200 مركبة لكل ساعة (لجميع المسارات الثلاثة)، أي أن هناك 7,200 مركبة تستطيع ان تعبر طريق الملك فهد عند نقطة محددة بالساعة الواحدة.
وبفرضية أن معدل إشغال المركبة هو 1.2 شخص لكل مركبة (عدد الأشخاص داخل كل مركبة)، فإن طريق الملك فهد الرئيسي يسهم في نقل 8,640 شخص فقط في الساعة، وهو ما يعادل 207,360 شخصًا في اليوم. وعند النظر في خريطة قطارات الرياض، نجد أن المسار الأزرق هو المسار الموازي لطريق الملك فهد (المسمى “العليا-البطحاء”)، حيث يربط أقصى شمال الرياض بجنوبها (من بداية حي العارض مرورًا بوسط الرياض وصولًا إلى حي الدار البيضاء جنوبًا) وبطول 38 كيلو متر.
وعند اكتمال تشغيل المسار الأزرق بكامل طاقته الاستيعابية، سيكون زمن التقاطر 90 ثانية فقط حسب ما هو معلن (زمن التقاطر هو الفترة الزمنية التي ينتظرها الراكب بين قطار وآخر). وبمعلومية أن سعة عربات القطار لهذا المسار تبلغ 531 راكبًا لجميع العربات الثلاث (أولى، عوائل، أفراد)، وعليه فإن العدد الإجمالي للركاب في الاتجاهين سيكون 21,240 راكباً/ساعة، أي في الاتجاه الواحد 10,620 راكبا/ساعة، وهو ما يعادل 212,400 راكبا في اليوم في الاتجاه الواحد (مقارنة بـ207,360 شخص يعبر طريق الملك فهد بالمركبة)، مما يعني أن تشغيل المسار الأزرق بكامل طاقته يعادل إنشاء طريق موازي لطريق الملك فهد! وهذا دون الأخذ بالمسارات الأخرى من قطار الرياض ومنها المسار الأخضر (محور طريق الملك عبد العزيز). ويعمل هذا المسار الأزرق (وجميع المسارات الأخرى قطار الرياض) بالطاقة الكهربائية بشكل كامل، ومن دون ضوضاء أو انبعاثات وعوادم كربونية كبيرة مقارنةً بالمركبات الخاصة، ويحقق أعلى معايير التنقل المستدام، ويحد من ارتفاع درجات الحرارة الناتجة عن التنقل.
ولكن، ما الذي يميز إنشاء مسار قطارات بدلاً عن إنشاء طريق جديد موازي أو توسعة الطريق الحالي؟
أولاً: تمكن المسار الأزرق لوحده من نقل عدد مقارب من الركاب مقارنةً بعدد الأشخاص الذين يستخدمون مركباتهم الخاصة على طريق الملك فهد، وذلك باستخدام 20 قطار فقط مقارنةً بـ 9,600 مركبة!
ثانياً: وبالمثل لعدد المركبات، تمكن المسار الأزرق من نقل عدد مقارب من الركاب مقارنةً بعدد الأشخاص الذين يستخدمون مركباتهم الخاصة على طريق الملك فهد وبعرض لا يتجاوز بضع مترات لمسار القطار مقارنةً بـ 100 متر لطريق الملك فهد، هذا يعني تقليل التلوث البيئي والضوضائي، وتعزيز النقل المستدام، وزيادة السلامة المرورية، مما يسهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 ومنها تحسين جودة الحياة للمقيمين والزوار في مدينة الرياض بمشيئة الله.
ثالثاً: تتمتع وسائل النقل العام بموثوقية أكبر مقارنة بالتنقل بالمركبة الخاصة، خاصة عندما يتعلق الأمر بتحديد زمن الانتقال واحتمالية حدوث تأخير، حيث تقترب احتمالية التأخير في قطار الرياض إلى الصفر نظرًا لأنها تعمل بشكل آلي ودون سائق، ووفق جدول زمني محدد مسبقًا. وعلى النقيض، يتفاوت زمن الرحلة باستخدام المركبات الخاصة حسب الازدحام المروري على الطرق، حيث أن حدوث الزحام يؤدي إلى تقليص الطاقة الاستيعابية للطريق والتالي زيادة زمن الرحلة. فعلى سبيل المثال، فإن سعة طريق الملك فهد التي تبلغ 9,600 مركبة في الساعة للاتجاه الواحد قد تنخفض إلى الربع! رابعاً: لا تتأثر الطاقة الاستيعابية للقطار بالظروف الجوية القاسية مثل الأمطار والغبار، أو بالعوامل البشرية، حيث يعمل القطار بشكل آلي تمامًا. وفي المستقبل، يمكن زيادة سعة المسار عبر تقليل زمن التقاطر وزيادة العربات وساعات العمل دون الحاجة إلى إنشاء مسارات إضافية.
أما التنقل بالمركبات الخاصة على الطرق، فتتأثر بالحالة التشغيلية للطريق، حيث قد تتناقص الطاقة الاستيعابية للطريق بشكل كبير في الظروف الجوية السيئة أو في حالة الازدحام المروري، أو وقوع الحوادث، أو حتى بسبب السلوك المتهور لبعض السائقين كالمناورات المتهورة، وبالتالي زيادة في زمن الرحلة.
أخيرًا، هل سيساهم قطار الرياض في حل زحمة الرياض وتحديداً زحام طريق الملك فهد؟
لا توجد إجابة مؤكدة لهذا السؤال لصعوبة تحديد مقدار الطلب الفعلي اليومي على التنقل في مدينة الرياض، وتحديدًا على طريق الملك فهد، وحسب الإحصائيات المعلنة فإن هناك 9.5 مليون رحلة يومياً في جميع أرجاء مدينة الرياض ولكن هذه الرحلات ليست بالضرورة تعبر عن الطلب الفعلي على التنقل (الحاجة للتنقل) لوجود رحلات أخرى ملغاة أو مؤجلة بسبب الازدحام المروري.
ومن المتوقع أن تولّد رحلات جديدة/طلب إضافي على التنقل (يسمى بـ “الطلب الخفي”) نتيجة وجود وسيلة نقل سريعة ومريحة أو عند شعور ساكني وزوار مدينة الرياض بإنخفاض الزحام المروري ( عودة الرحلات الملغاة بسبب الازدحام)، أي أن الطلب على التنقل قد يزيد على الرغم من عدم زيادة الكثافة السكانية أو وجود تغير جوهري في استخدامات الأراضي، بالإضافة إلى اعتبارات هندسية أخرى لا يسع المجال لذكرها، وهذا لا يقلل مطلقاً من نجاح هذا المشروع العظيم للنقل العام الذي يشكل نقلة حضارية وتنموية في مدينة الرياض، بل يجب ألا يكون الحكم على نجاح المشروع مرهوناً بحل الزحام المروري حيث لاتزال مدينة لندن الأكثر ازدحاماً لعام 2023 حسب موقع TomTom على الرغم أن شبكة القطارات لديها (المترو) الأقدم من حيث النشأة و الثالثة عالمياً في معايير قياس الأداء.
وبالمثل لمدينتي طوكيو ونيويورك، حيث إن معايير قياس أداء شبكة النقل العام ليس منها معالجة الزحام المروري، ومن هذه المعايير: نطاق التغطية المكانية لشبكة القطارات والحافلات، زمن التقاطر، السعة القصوى للمسار وحجم الإركاب اليومي، الوصولية، الموثوقية والسلامة، عدد المحطات وأطوال المسارات ، وجميع هذه المعايير حققنا فيها بحمدالله في مشروع النقل العام (مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام بمدينة الرياض – القطار والحافلات) أداءً متقدماُ، ومنها إمكانية وصول سعة المسار الأزرق لوحده إلى أكثر من 400,000 راكب يومياً، وإمكانية وصول حجم الإركاب اليومي لكامل شبكة القطار إلى 3.6 مليون راكب (خلال سنة إلى سنة ونصف حسب المعلن)، وربط جنوب الرياض بشمالها بمسار قطارات بلغ طوله 38 كم و شرقها بغربها بطول 40 كم، بالإضافة إلى الإقبال الكبير من المواطنين والمقيمين والزوار على استخدام قطار الرياض الذي بلغ 1.9 مليون راكب في الأسبوع الأول فقط من تشغيله.
ختامًا، فإن المؤكد والثابت أن زمن الرحلة سينخفض بشكل ملحوظ خلال ساعات الذروة الصباحية والمسائية عند استخدام النقل العام بدلاً من المركبة الخاصة. لذلك يجب أن يكون النقل العام (القطارات والحافلات) خيارنا الأول عند التنقل في جميع رحلاتنا اليومية، حيث سنسهم بذلك بإذن الله في خفض التلوث البيئي والضوضائي، ورفع السلامة المرورية في المدينة، وتوفير الوقت والمال والصحة!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال