الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تقف كثير من المؤسسات أمام تحدي ما بين الإدارة التنفيذية وما بين دعمها وتشجيعها للإبداع، كل من الفكر التنفيذي والفكر الإبداعي له دور حاسم في نجاح المؤسسات، حيث يتميز كل نوع بأسلوبه ومنهجيته في حل المشكلات وتحقيق الأهداف، وهما يكملان بعضهما البعض لبناء مؤسسة ناجحة ومستدامة. فالفكر التنفيذي يركز على الإنجاز والتنظيم لضمان الاستقرار، والفكرالإبداعي يركز على الابتكار والتطوير لضمان التميز، والنجاح المؤسسي يتطلب تكاملًا بينهما لتحقيق رؤية شاملة تجمع بين الكفاءة في الحاضر والابتكار للمستقبل. لكن التحدي الأساسي يكمن هنا ما بين الموافقة والتكامل ما بين الدورين في المؤسسات، فكلاهما يقع على عاتق القادة والمسؤولين في المؤسسات لضمان استمرارية الابتكار وتحقيق النجاح في بيئة عمل تنافسية، فالإبداع في المؤسسات ليس مجرد ميزة إضافية، بل أصبح ضرورياً لمواكبة التغيرات السريعة في الأسواق وتحقيق النجاح المستدام، ولتحقيق الإبداع، تحتاج المؤسسات إلى دمج ثقافة الابتكار، وتمكين الموظفين واستخدام الموارد بكفاءة تجنباً لحرق الإبداع ولضمان إدارته بالطريقة السليمة.
الإبداع يُعد ركيزة أساسية لتحسين الأداء المؤسسي على كل المستويات، من الكفاءة والجودة إلى الربحية والمرونة، مما يجعل المؤسسة أكثر نجاحًا وقدرة على مواجهة التحديات والمنافسة. الإبداع مهم في المؤسسات لأنه يُعزز القدرة على التكيف، والابتكار، والنمو المستدام في بيئة الأعمال المتغيرة بسرعة، كونه يتيح تقديم منتجات وخدمات جديدة تلبي احتياجات السوق المتغيرة، ويساعد على التميز في الأسواق من خلال تقديم حلول مبتكرة، ويتيح للمؤسسة التكيف مع التحولات السريعة في التكنولوجيا والسوق. في المقابل، الإبداع يحتاج إلى خطوات عملية وتنفيذية لتنفيذها على أرض الواقع وهنا تأتي أهمية الإدارة التنفيذية لضمان التنفيذ الجيد للخطط واستقرار المؤسسة واستمرارها في تحقيق أهدافها مع المحافظة على تحقيق الكفاءة وتقليل المخاطرة وضمان الالتزام بالقوانين والمعايير. فعملية الدمج والموازنة ما بين إدراة الإبداع والإدارة التنفيذية تعتبر النموذج الأمثل للمؤسسات الداعمة للمبدعين، فالإبداع يحتاج إلى بيئة وأدوات تشجعه على الظهور والتطور، فهو القدرة على التفكير بطريقة غير تقليدية لإيجاد حلول جديدة أو تقديم أفكار مبتكرة، ومع ذلك، قد تجد المؤسسات في كثير من الأحيان أنها تفتقر إلى الإبداع وتواجه صعوبة في إطلاقه، أو تبنيه، وهنا يكمن التحدي والخطر الأكبر للمبدعين الذين قد يتعرضون لحرق إبداعهم وتثبيط قدراتهم وفقدان الحافز والذي غالباً ما يحدث عندما تُدار المؤسسات بأساليب تعيق حرية التفكير أو تقلل من تقدير الأفكار الجديدة.
هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي لحرق الإبداع، أولها الثقافة التنظيمية من القيود والإجراءات الصارمة التي تجعل من الصعب تقديم أو تنفيذ الأفكار الجديدة، والاعتماد على الروتين وعدم تقبل التغيير، ورفض الأفكار الجديدة وانتقادها دون مناقشتها بجدية، تجاهل الجهود الإبداعية للموظفين، وسرقة الجهود والأفكار، واعتبار الإبداع مجرد جهد إضافي وعدم تقديم حوافز ولو معنوية، والضغط لتحقيق أهداف محددة في وقت قصير مما يهمل الاستثمار في الأفكار الإبداعية طويلة الأمد، وإيجاد بيئة عمل تشجع من التنافس السلبي بدلاً من التعاون، والأعباء الزائدة وضغط العمل المستمر يؤدي إلى استنزاف الطاقة الإبداعية، وعدم قبول الخطأ أو الفشل كجزء من التعلم والإبداع، هنا يحترق المبدعون في بيئات مؤسسية غير داعمة وتحترق مساهماتهم المحتملة التي قد تعود بالأثر الإيجابي على مؤسساتهم ومجتمعهم. في هذه الحالة، تصبح المؤسسة غير قادرة على التكيف مع التغيرات أو المنافسة، وتفقد الموهوبين، وتنخفض الإنتاجية، والمؤسسة تصبح متأخرة في تقديم منتجات أو خدمات جديدة، ولاشك أن عدم الإبداع والابتكار في المؤسسات من الممكن أن يؤثر على سمعة المؤسسة وبالتالي انخفاض ثقة العملاء والشركاء بها. بالتأكيد تجنب هذه العوامل والحفاظ على بيئة داعمة للإبداع والابتكار، من خلال تشجيع التفكير الإبداعي كجزء من القيم الأساسية في المؤسسة، وتدريب القادة على تحفيز وتشجيع الأفكار الجديدة، وبناء فرق عمل تشجع تبادل الأفكار والتعاون، والاعتراف بالجهود حتى وإن لم تحقق الأفكار النجاح الفوري، وحوكمة اتخاذ القرار بشكل داعم للإبداع، وتخصيص ميزانيات لدعم المشاريع الإبداعية، كل هذا بالتأكيد سيسهم بدعم الإبداع مع ضرورة موازنته مع الإدارة التنفيذية للمؤسسة.
في الختام، الإبداع يمكن أن يكون سلاحًا ذا حدين؛ فإذا أُدير بذكاء واستراتيجية، سيعزز النمو والابتكار، أما إذا أُهمل التخطيط والتنظيم، فقد يسبب مشاكل تؤثر على استدامة المؤسسة، وفي المقابل، إهمال الإبداع يُعرّض المؤسسات لخطر كبير يتمثل في ضعف النمو، فقدان التميز، وتراجع الأداء العام. لذا، ينبغي على المؤسسات الاستثمار في الإبداع لتفادي حرق الإبداع، سواء من خلال تطوير المنتجات وتحسين العمليات، أو بناء ثقافة تنظيمية تشجع التفكير الابتكاري لتحقيق النجاح والاستدامة في بيئة الأعمال المتغيرة، بمعنى ضرورة الموازنة ما بين الفكر الإبداعي والفكر التنفيذي للمؤسسة لضمان إدارة وتوظيف الإبداع بالشكل الذي يعود بالفائدة على المؤسسة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال