الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
شهدت العاصمة الرياض في يومي 4 -5 ديسمبر الجاري، عقد مؤتمر “الزكاة والضريبة والجمارك 2024″، الذي يُعد منصة محورية تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي، ودفع الإصلاحات الاقتصادية، وتعزيز مكانة المملكة العربية السعودية بصفتها دولة رائدة عالميًّا.
وقد أسفر المؤتمر الذي نظمته هيئة الزكاة والضريبة والجمارك تحت شعار “نرسم المستقبل لاقتصاد مستدام وأمن معزز” وضم أكثر من 60 جهة محلية وإقليمية ودولية، ونظّم 72 ورشة عمل؛ عن توقيع إحدى عشرة اتفاقية استراتيجية، تناولت شؤون الضرائب والجمارك والتعاون التجاري، وكذلك تعزيز المبادرات الرئيسية التي تهدف إلى دعم النمو الاقتصادي، وتحسين بيئة الأعمال التجارية المحلية، وإعلاء سمعة المملكة العربية السعودية عالميًّا.
وبحسب المتابعين، فقد أبرَز الحدَث الدور المتنامي للمملكة العربية السعودية في الحَوكمة الاقتصادية العالمية، ومن بين أهم نتائج المؤتمر توقيع ثماني اتفاقيات ثنائية مع عدة دول، مثل كرواتيا والكويت والمغرب ومصر، وتشمل هذه الاتفاقيات اتفاقات لتجنب الازدواج الضريبي، وإزالة الحواجز المالية، وتعزيز التجارة عبر الحدود، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر. من هذا مثلًا الاتفاقية مع كرواتيا التي تناولت مسألة الازدواج الضريبي لتسهيل العمليات التجارية الدولية، أما الاتفاقية مع كوسوفو فقد عززت التعاون في نظم الجمارك الحديثة. الأمر الذي يُسهم في دعم علاقات المملكة العربية السعودية مع شركائها، وعززت سمعتها بصفتها قائدًا موثوقًا به في التعاون الدولي.
ومن أبرز أحداث المؤتمر هو إعلان تحقيق هيئة الزكاة والضريبة والجمارك نسبة 99.35% في مؤشر الأمم المتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية، وهو ما يعكس ريادة المملكة في التحول الرقمي. حيث عملت الهيئة على تطبيق أكثر من 350 متطلباً في التحول الرقمي بهدف تحديث النظم الضريبية والجمركية والزكوية، وبما يُسهم في تمكين الشركات والأفراد من الحصول على خدمات ميسرة، مثل تقليل وقت تخليص الشحنات بنسبة 30%، وهو ما يؤدي إلى تحقيق وفورات سنوية تقدر بنحو 1.2 مليار ريـال سعودي للشركات من خلال تقليل تكاليف التخزين والخدمات اللوجستية.
ومن المتوقع أن تسهم نتائج المؤتمر بشكل كبير في تحسين نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في المملكة العربية السعودية الذي يبلغ حاليًّا نحو 90,000 ريـال سعودي. ومن المتوقع أيضاً أن تؤدي الاتفاقيات الموقَّعة، ومن خلال تعزيز التجارة والاستثمار الدوليين، إلى زيادة إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2%سنويًّا على مدى السنوات الخمس المقبلة، أي ما يُعادل 1800 ريـال سعودي إضافي للفرد سنويًّا.
تأتي هذه المكاسب نتيجة التنوع الاقتصادي المعزز عبر صناعات مثل الخدمات اللوجستية والتقنية، وكذلك التصنيع الذي يتيح آلاف فرص العمل الجديدة ويُحسِّن دخل الأسر. كما تساعد المبادرات الرقمية لهيئة الزكاة والضريبة والجمارك الشركات على تحسين الكفاءة التشغيلية، وتقليل التكاليف بنسبة تصل إلى 20% للإقرارات الضريبية وعمليات الالتزام.
أما فيما يخص الشركات المحلية، فقد قدم المؤتمر فوائد ملموسة، حيث يُتوقع أن توفر اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي المبرمة مع الكويت وكرواتيا للشركات السعودية ما يقرب من 500 مليون ريـال سعودي سنويًّا نتيجة خفض التكاليف الضريبية. كما يؤدي تحسين الأنظمة الجمركية واتفاقيات التعاون الموقعة مع المغرب ومصر إلى تسهيل التجارة عبر الحدود، وتقليل التأخير وخفض تكاليف الشحن بمقدار 200 مليون ريـال سعودي سنويًّا. وتضمن هذه التحسينات أيضًا سير عمليات سلسلة التوريد بشكل أكثر سلاسة، وتخلق فرصًا للشركات للتوسع في أسواق جديدة. من هذا أتوقع أن تحقق الشراكات مع دول مثل كوسوفو ومصر صادرات جديدة قيمتها 5 مليارات ريـال سعودي سنويًّا على مدى السنوات الخمس المقبلة.
على الصعيد نفسه، من المتوقع أن تستفيد الشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير من المؤتمر، فتكافؤ الفرص الذي تحققه النظم الضريبية المحسنة يضمن العدالة للشركات بجميع أحجامها، كما أن النظم الجمركية المعززة تعمل على حماية المنشآت الصغيرة والمتوسطة من السلع المزورة، وهو ما يحمي نحو مليار ريـال سعودي من المبيعات المحلية سنويًّا. كذلك فإن مشاركة أكثر من 2000 مشارك في ورش العمل وحلقات النقاش، تساعد في تزويد الشركات بالأدوات اللازمة لتبني التقنيات الجديدة، وتحسين الكفاءة، وتصفح أطر تنظيمية متطورة. كما أن مناقشاتهم حول ممارسات الأعمال المستدامة تضمن لهذه الشركات القدرة على الصمود وتعزيز قدراتها التنافسية العالمية.
علاوة على ما سبق، التركيز على الاستدامة يشجع الشركات على تبني الممارسات المسؤولة بيئيًّا، وهو ما من شأنه أن يجتذب على مدى العقد المقبل، حسب التوقعات، ما يقدر بنحو 3 مليارات ريـال سعودي من الاستثمارات الخضراء. كما أن تركيز المؤتمر على التكامل الإقليمي من المتوقع له أن يؤدي إلى زيادة التجارة عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 5% سنويًّا، ما يساهم بمبلغ 50 مليار ريـال سعودي إضافي في الاقتصاد الإقليمي، مع استفادة المملكة العربية السعودية من نحو 10 مليارات ريـال سعودي سنويًا.
يُذكر أن مؤتمر “الزكاة والضريبة والجمارك لعام 2024” لم يعزز مكانة المملكة العربية السعودية على المستوى الدولي فحسب، بل كان سببًا أيضًا في تحقيق مزايا اقتصادية مباشرة لشعبها وشركاتها، فقد شملت النتائج الملموسة لهذا الحدث -حسب التوقعات- زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وتحسين كفاءة الأعمال، وتعزيز التواصل العالمي. كما أن الشركات المحلية قد اكتسبت الأدوات والفرص اللازمة للنمو والابتكار والمنافسة بفاعلية في الأسواق العالمية.
يأتي هذا المؤتمر، في الوقت الذي يشهد فيه العالم سعي المملكة العربية السعودية لتحقيق أهداف رؤيتها لعام 2030، وهو الحدث الذي يعد شهادةً على التزامها بقيادة الإصلاح الاقتصادي وخلق مستقبل مستدام، حيث تبني المملكة من خلال احتضانها الابتكار، وتعزيز الشراكات، وتمكين الشركات والأفراد على حد سواء؛ نظامًا بيئيًّا مزدهرًا، يعد بالرخاء للأجيال القادمة، كل هذا أكده مؤتمر “الزكاة والضريبة والجمارك لعام 2024” الذي يشكل علامةً فارقة في هذه الرحلة، من أجل تحقيق مستقبل أفضل للمملكة وشعبها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال