الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أخيرًا، تنفس اللبنانيون الصعداء بعد إعلان تسمية الرئيس الجديد للبنان، جوزيف عون. بعد سنوات من الجمود السياسي الذي أدى إلى تراجع اقتصادي كبير واستنزاف ثروات البلاد، عاد الأمل يتسلل إلى قلوب اللبنانيين، كما تتسلل أشعة الشمس إلى بيروت في صباحات فيروزية تغني “بحبك يا لبنان” وتشدو بألحان “كيفك إنت”لقد عادت الروح إلى قلب لبنان، وتحت سماء الأرز تتجدد الأحلام، وكأن الأوتار في أغنيات ماجدة الرومي تعزف “عم بحلمك يا حلم يا لبنان”. اليوم، يجتمع اللبنانيون على الأمل في مستقبل أفضل، واستقرار اقتصادي يعيد للبنان مكانته، ويحقق تطلعات شعبه، مثلما تتوحد النوتات الموسيقية لتخلق ألحانًا تنبض بالحياة والحب.
يواجه الاقتصاد اللبناني تحديات كبيرة بعد سنوات من الأزمات المالية والسياسية، بالإضافة إلى الحرب الأخيرة مع إسرائيل التي أضافت عبئًا جديدًا على الاقتصاد الهش. مع انتخاب جوزيف عون رئيسًا للبنان، تبرز العديد من الأولويات التي يجب التركيز عليها لتعويض الخسائر الاقتصادية وتحقيق الاستقرار والنمو.
إعادة هيكلة القطاع المصرفي تعتبر من أهم الأولويات. يعاني القطاع المصرفي اللبناني من أزمة حادة منذ أكثر من خمس سنوات، مما أثر بشكل كبير على الاقتصاد. إعادة هيكلة هذا القطاع بطريقة علمية وعادلة تعتبر أولوية كبرى لمواجهة التحديات الاقتصادية وبناء اقتصاد متين. بالإضافة إلى ذلك، يعاني المودعون من فقدان مدخراتهم بسبب الأزمة المالية، وحل هذه الأزمة بشكل عادل يعتبر ضروريًا لاستعادة الثقة في النظام المصرفي والاقتصاد بشكل عام.
يجب التركيز على إصلاح المالية العامة والسياسات الضريبية بطريقة جذرية وعصرية، وإعادة هيكلة الدين العام حتى تستعيد الدولة قدرتها على تمويل حاجاتها والاستثمار في القطاعات الإنتاجية. كما يجب دعم القطاع الخاص والمبادرات الفردية ورواد الأعمال لتحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.
تُعد عملية إعادة الإعمار أولوية قصوى لتعويض الخسائر المادية والبشرية التي خلفتها الحرب. تقدّر تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان بنحو 2.8 مليار دولار، مع تدمير أكثر من 99 ألف وحدة سكنية جزئيًا أو كليًا. كما تقدّر الأضرار التي لحقت بالزراعة بنحو 124 مليون دولار، وخسائر تزيد على 1.1 مليار دولار بسبب تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية ونزوح المزارعين. تُقدّر تكلفة إعادة إعمار لبنان بنحو 10 مليارات يورو وفقًا للبنك الدولي. يجب تعزيز العلاقات الدولية واستقطاب الدعم المالي من الدول المانحة والمؤسسات المالية الكبرى، وهذا يعتبر ضروريًا لإعادة بناء الاقتصاد واستعادة الثقة الدولية.
تحقيق الاستقرار السياسي يعد شرطًا أساسيًا لتحقيق النمو الاقتصادي. انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة إصلاحية يمكن أن يسهم في استعادة الثقة المحلية والدولية وبدء مسار الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة. يجب على الرئيس الجديد التركيز على محاربة الفساد وتعزيز الشفافية في المؤسسات الحكومية، مما سيسهم في تحسين سمعة لبنان واستقطاب الاستثمارات الأجنبية.
العمل على إعادة هيكلة القطاعين الإداري والاقتصادي يعتبر ضروريًا لتحقيق الكفاءة والفعالية في إدارة الموارد وتحقيق النمو المستدام. يجب أيضًا تعزيز دور الجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار، مما سيسهم في خلق بيئة آمنة للاستثمارات والنمو الاقتصادي. تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالسيادة الوطنية وجمع السلاح غير الشرعي سيسهم في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي.
شهد لبنان خروج العديد من الاستثمارات الأجنبية بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية غير المستقرة. على الرغم من عدم وجود أرقام دقيقة حول حجم الاستثمارات التي خرجت من البلاد، فإن استعادة الثقة وجذب الاستثمارات الجديدة تعتبر من الأولويات لتحقيق النمو الاقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك، تبلغ نسبة البطالة في لبنان نحو 27.6% في عام 2023، مما يجعلها من أعلى معدلات البطالة في الدول العربية. كما تراجعت المرتبات الشهرية وفرص العمل، وتدهورت الأوضاع المعيشية للعديد من المواطنين، مما أثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني.
هذه بعض الأولويات والاحتياجات الاقتصادية التي يجب التركيز عليها لتعويض خسائر لبنان الاقتصادية بعد الحرب الإسرائيلية وفترة الجمود السياسي، ولتحقيق مستقبل أفضل للبلاد بعد انتخاب جوزيف عون رئيسًا للبنان.
في كلمته أمام البرلمان، أكد الرئيس جوزيف عون أنه يتشرف بانتخابه رئيسًا للبنان، مشددًا على أن لبنان بقي كما هو رغم الحروب والتدخلات. تعهد بممارسة صلاحيات رئاسة الجمهورية كاملة، ودعا لاستشارات نيابية سريعة لتكليف رئيسًا للحكومة، مؤكدًا أن رئيس الحكومة سيكون شريكه وليس خصمه. كما تعهد بإعادة هيكلة الإدارة والمؤسسات العامة، وضبط الحدود ومنع التهريب وتبييض الأموال والتجارة بالمخدرات والتدخل في القضاء. شدد على أن العدل هو الفاصل والحصانة الوحيدة لكل مواطن، وأكد أنه سيعمل على مشروع قانون لاستقلال القضاء وتفعيل هيئة التفتيش القضائي. كما أكد أن الدولة اللبنانية ستتمكن من إزالة الاحتلال الإسرائيلي وآثار عدوانه، مشددًا على عدم التفريط في سيادة واستقلال لبنان ورفض توطين الإخوة الفلسطينيين ضمانًا لحقهم في العودة. وأشار إلى أن هناك فرصة تاريخية لإعادة العلاقات مع سوريا، مؤكدًا على بناء أفضل العلاقات مع الدول العربية وحق الدولة باحتكار حمل السلاح.
نقف أمام حقبة جديدة في تاريخ لبنان، حيث تتجدد الأماني والتطلعات لمستقبل مشرق. لقد شهد اللبنانيون مراحل صعبة وتحديات كبيرة، ولكنهم دائمًا ما أثبتوا قوتهم وصلابتهم في مواجهة الصعاب. اليوم، مع انتخاب جوزيف عون رئيسًا، ينبض القلب اللبناني بالأمل من جديد، في انتظار تحقيق الإصلاحات الاقتصادية والسياسية المنشودة.
نحن نأمل أن تكون هذه الخطوة بداية لمسار طويل من الاستقرار والنمو، وأن يتمكن لبنان من استعادة مكانته بين الأمم. الرغبة قوية في تحقيق الأماني وتجاوز التحديات، لنرى لبنان مزدهرًا ومستقرًا، يعانق الأمل كما تغني فيروز “سنرجع يومًا إلى حينا”. إن الأمل كبير أن تتحقق هذه الأماني قريبًا، وأن يعيد لبنان رسم ملامح مستقبله بألوان التفاؤل والنهوض.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال