الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
المطلع مؤخراً على إعلانات الشركات وبالأخص فيما يتعلق بدعاوى المسؤولية يجد شيء يكاد يكون مشترك بين جميع الإعلانات، وهو إقامة دعوى المسؤولية بعد انتهاء دورة مجلس الإدارة أو اعتزال أعضائه وتولي أعضاء جدد لإدارة دفة الأعمال، وهذا مؤشر يطرح تساؤلات عديدة منها أين لجنة المراجعة؟ وكيف مرة تلك التجاوزات أثناء وجودهم دون دعوة الجمعية العمومية التي كان من المفترض دعوتها بحسب النظام للنظر في تلك المسألة-أي مسألة تجاوز المجلس- ، وكيف لم يتم تنبيه أعضاء مجلس الإدارة برفع التوصيات اللازمة حيال تلك المسائل على تلك الخروقات أو الاخفاقات التي تمت في فترة توليهم إدارة الشركة على افتراض أنها من الإدارة التنفيذية، وهذا في حال عدم تورط أعضاء مجلس الإدارة أصلاً بهكذا تجاوزات، ناهيك عن تورط بعض أو كل أعضاء المجلس الذي يعود لذات الأسباب؛ أعضاء بمصالح خاصة، أعضاء لجان غير مستقلين!.
وكما وأن الحوكمة في شركات المساهمة هي الركيزة الأساسية لنموها وتحقيق الاستدامة لها، لأعتماده على مفهوم(المصلحة الجماعية) والتي تترجم في حماية حقوق المساهمين وأصحاب المصالح وضمان العدالة والتنافسية في السوق، ولكن كيف يمكن تحقيق مصلحة الشركة بوجود مصالح خاصة (تكلفة الوكالة)، ومسيرون لا يمكن ضمان استقلالهم وبطبيعة الحال حيدتهم، لأن تعين أعضاء لجنة الترشيحات بحسب القواعد الحالية من قبل مجلس الإدارة، وهذا يعني أنهم مُرتبطون بِمجلس الإدارة وخاضعون لِتأثيره، مما يُقلل من استقلال اختياراتهم ولذلك تعتبر لجنة الترشيحات أحد أهم الطرق للتطبيق السليم للحوكمة في شركات المساهمة، فهي بمثابة بوابة اختيار أعضاء مجلس الإدارة واللجان الأخرى والتي منها المخاطر والمراجعة، التي تعتبر صمام الأمان الاخير في الشركات، وبوجود غير الاكفاء حتماً سيُؤثر بشكل مباشر على اتجاه الشركة وتوجهاتها المستقبلية.
بحسب الإشكال السابق يتصور أن يكون غالبية أعضاء اللجان من المستقلين، ولا تربطهم علاقة شخصية أو مهنية بالإدارة أو المساهمين (الاغلبية)، ويجب أن يكون هناك قواعد محددة لعمل لجنة الترشيحات، تُحدد اختصاصاتها وصلاحياتها، وتضمن استقلالية عملها، كما يجب أن تُنشر معلومات وافية عن عملية الترشيح، بما في ذلك معايير اختيار المرشحين، ومعايير الاستقلالية، ودور لجنة الترشيحات، ويتم تدريب أعضاء لجنة الترشيحات على أهمية الاستقلالية. على الرغم من أن اللائحة قد لا تستخدم مصطلح “الإلزام” بشكل صريح في ما يخص آراء أعضاء اللجان، فإن طبيعة المهام الرقابية والإشرافية الموكلة إلى اللجان تجعل من توصياتها وآرائها ملزمة عملياً، ومجلس الإدارة مُلزم بمراجعة تلك التوصيات واتخاذ إجراءات بناءً عليها لضمان الامتثال وحماية مصالح الشركة والمساهمين.
تتلخص فكرة الاستقلال في عدم وجود صلة مباشرة أو غير مباشرة مع أي طرف قد يُؤثر على اختيار المرشحين، ويُشمل ذلك العلاقات الشخصية والمهنية والعلاقات المالية، ويمتد إلى أن يؤثر في الحيدة التي يمكن وصفها بالحالة الذهنية وتُعبر عن عدم وجود أي تحيز أو ميل في اختيار المرشحين، أنما تستند إلى التقييم الموضوعي لِكفاءاتهم ومُناسبتهم لِمنصبهم، ولتحقيق ذلك يجب على (المؤسسين) اتخاذ خطوات فعالة لضمان استقلالية لجنة الترشيحات ابتدأ، وصياغة قواعد لأختيارهم وتسميتهم بشكل مستقل تماماً في النظام الاساس للشركة، لتكُن عن طريق الجمعية العمومية وأقالة أعضائها لا تكون الأ عن طريق لجنة المراجعة التي يفترض أن أعضائها مستقلين وتم ترشيحهم من لجنة الترشيحات، وتوفير البيئة المناسبة لعملها بشكل فعال، مما يُعزز ثقة المستثمرين ويُساهم في تحقيق النمو المستدام للشركة، ولضمان فعالية عملها وإقصاء التأثير الخارجي الذي قد يُقلل من كفاءة الاختيار وتحقيق المصلحة العامة المنشودة.
بغياب الاستقلالية والتي بطبيعة الحال ستؤثر على جودة اختيار مجلس الإدارة عندما لا تكون لجنة الترشيحات مستقلة، قد تتأثر بأراء واختيارات مجلس الإدارة أو كبار المساهمين (الاغلبية) دون الاقلية لاختيار أعضاء المجلس، مما يؤدي في غالب الأحيان إلى اختيار أعضاء غير مؤهلين ولمصالح خاصة وقد تتعارض مع مصلحة الشركة بطريقة أو بأخرى، وعندما يكون هناك تأثير خارجي على لجنة الترشيحات، قد تُصبح غير قادرة على تحمل مسؤولية اختيار أعضاء المجلس، مما يُضعف أحد مبادئ الحوكمة ألا وهو مبدأ الشفافية وزيادة تكلفة الوكالة في إدارة الشركة، والتي بدورها ستؤثر وبشكل سلبي على ثقة المستثمرين في سياسات الحوكمة بالشركة، مما يُؤثر على جاذبية الشركة للمستثمرين، وبالتالي تقليل قيمة الشركة السوقية نتيجة سوء إدارة غير الاكفاء، وتُصبح الشركة أكثر عرضة للمخاطر نتيجة تلك المسألة، مما قد يؤدي إلى خسائر مالية وخسائر في سمعة الشركة، وقد يُصبح المستثمرون أقل رغبةً في الاستثمار في الشركة، نتيجة لعدم الثقة في الحوكمة وفعالية الإدارة.
ولذلك يمكن القول إن لجنة الترشيحات أحد الأعمدة الأساسية في منظومة الحوكمة في الشركات بشكل عام والمساهمة على الخصوص، فهي المسؤولة عن اقتراح أسماء المرشحين لمجلس الإدارة الذي سيدير دفة الأمور بما يتماشى مع صناعة الشركة، ولذلك فإن عدم استقلالية لجنة الترشيحات سيُشكل تهديداً كبيراً لفعالية الحوكمة، ويؤدي إلى عواقب وخيمة للشركة وللمستثمرين على حد سواء، ويصبح أعضاء مجلس الإدارة وأعضاء اللجان من ضمن المخاطر .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال