الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع انقضاء عام 2024، يقف العالم على أعتاب مرحلة اقتصادية أكثر حرجا. لم تساهم تراكمات جائحة كورونا فقط في رسمها، ولكن أيضا ما تبعها من أزمات جيوسياسية متسارعة وبالغة الصعوبة، حتى أضحت هذه التحديات جزءً لا يتجزأ من المشهد العالمي، لتفرض على الدول الكبرى في 2025 دورًا حاسمًا في تأمين الاستقرار السياسي والاقتصادي، ولتكون المملكة العربية السعودية من ضمنهم، كركيزة دعم محورية للعالم في مواجهة التحديات التي أمامه في العام الجديد.
لم تكن جائحة كورونا مجرد أزمة صحية، بل كانت زلزالا اقتصاديا كشف هشاشة النظام الاقتصادي العالمي، فالمديونيات الضخمة التي تحملتها الحكومات لإنقاذ اقتصاداتها تركت آثارًا عميقة على سياسات الإنفاق العام، ومع تعطل سلاسل التوريد العالمية أثناء الجائحة وتأثرها بعدها، ظهرت أهمية تبني العديد من الدول لاستراتيجيات أكثر حذرًا لكي تقودها نحو تعزيز الاستقلالية الاقتصادية.
رغم الصعوبات وبينما كانت الاقتصادات تحاول التعافي، تصاعدت التوترات الجيوسياسية، مثل التنافس بين الولايات المتحدة والصين، والصراع الروسي الأوكراني، والمواقف المعقدة في الشرق الأوسط، وهذه التوترات تؤثر على أسعار الطاقة والسلع، مما ينعكس سلبا على خريطة التجارة العالمية، وهذا الوضع يستدعي الحاجة الماسة لضبط أسواق الطاقة، بغية تجنيب الاقتصاد العالمي حصول تقلبات حادة تؤثر عليه.
هنا، تأتي المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول التي يعتمد عليها العالم لتحقيق استقراره، فتوازن أسواق الطاقة هو العامل الحاسم لاستقرار الاقتصادات العالمية، فهي تمثل حوالي 17% من احتياطي النفط العالمي، وتسهم بنحو 12% من الإنتاج العالمي للنفط، وبحكم مكانتها كأكبر مصدر للنفط عالميًا ودورها القيادي في “أوبك+”، يجعلها ذات قدرة محورية في تحقيق الاستقرار المطلوب في أسواق الطاقة الدولية.
إلى جانب دورها الموثوق في الطاقة التقليدية، توجهها الجاد في مصادر الطاقة المتجددة يجعلها شريكًا أساسيًا في التحول نحو الاقتصاد الأخضر، خاصة مع تزايد التحديات المناخية التي تفرض نفسها على الساحة الاقتصادية، فالظواهر المناخية القاسية تسبب خسائر كبيرة في الإنتاج الزراعي، وبالتالي ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتتصدر المملكة العربية السعودية جهود التحول نحو مصادر الطاقة النظيفة بنظريتها الواقعية، ما يعزز موقعها كمساهم مركزي في التصدي لهذه التحديات.
تدرك دول العالم أهمية أدوار الدول المحورية والحاجة الماسة لهم في 2025 مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي تظل القوة الاقتصادية والعسكرية الأولى عالميًا، وتحدد قراراتها النقدية والسياسية مسار الاقتصاد العالمي، والصين باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد عالمي، وتلعب دورًا محوريًا في التجارة والتصنيع، والاتحاد الأوروبي (ألمانيا وفرنسا بشكل خاص) من خلال سياساته المستدامة وتحركاته السياسية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والعالمي، والهند التي تمثل محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي العالمي، بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية، نظرا لثقلها وموثوقيتها ومصداقيتها السياسية، وإمكانياتها في تحقيق التوازن وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
عام 2025 سيكون اختبارًا حقيقيًا للقدرة على العمل المشترك لمعالجة التحديات الاقتصادية والسياسية العالمية، والمملكة العربية السعودية، بما تمثله من نموذج ريادي يجمع بين استقرار أسواق الطاقة، والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، وتعزيز التكامل الإقليمي والدولي، تقدم للعالم مثالاً للدولة التي تدرك مسؤولياتها في مواجهة الأزمات العالمية المشتركة، كالشريك المحوري الموثوق في صياغة مستقبل اقتصادي أكثر استدامة، ومع ذلك فإن تحقيق التوازن وتجنيب الاقتصاد العالمي أي تموجات حادة أو مفاجئة، يتطلب جهودًا جادة من بقية الدول المحورية المؤثرة، فهل ستكون هذه الدول على قدر المسؤولية والتحديات وسط عالم متغير ومتقلب؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال