الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أطلقت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية “Deep Seek “مؤخرا محركا للذكاء الاصطناعي أفضل من “تشات جيبي تي” الأمريكي بكل نسخاته السابقة، حتى ما كان مأجورا منها، والذي كان الصينيون أنفسهم يدفعون لاستخدامه طيلة العام الماضي. الأمر الذي شكّل اختراقا كبير في عالم التكنولوجيا في بداية العام الحالي.
عند البحث عن الفروقات الأساسية بين تطبيقي الذكاء الاصطناعي الصيني ونظيره الأمريكي، أظهرت النتائج أنّ “deep seek” يعتمد على البحث عن المعلومات الدقيقة وتوفيرها، فيما يهتم “chat Gpt” بالتفاعل وإجراء المحادثة مع الشخص بما يشبه المحادثة البشرية. ويعود السبب في ذلك وفقا لبعض المراجع الصينية أن محرك البحث الصيني الجديد لا يهدف إلى انتهاك الخصوصية، وبالتالي عندما يتفاعل نموذج ذكاء اصطناعي مباشرة مع المستخدمين عبر المحادثات، قد يتم جمع بيانات شخصية أو حساسة من خلال الأسئلة أو النقاشات. على سبيل المثال، قد يشارك المستخدم معلومات مثل اسمه، عنوانه، رقم هاتفه، أو حتى تفاصيل مالية، وفي حال تم تخزين تلك المعلومات في قواعد بيانات غير آمنة، يعرضها لخطر الاختراق أو الاستخدام غير المصرح به. هذا إضافة إلى أنه قد يتم استخدام البيانات المجمعة لأغراض غير مرغوب فيها، مثل الإعلانات الموجهة أو حتى بيعها لجهات خارجية دون موافقة المستخدم. بمعنى آخر يقلل “DeepSeek “من التفاعل المباشر لحماية الخصوصية، فإن النموذج يعالج البيانات بشكل آمن (مثل تشفيرها أو عدم تخزينها على الإطلاق مما يقلل من احتمالية تسريبها)، خاصة وأنّ الصين قد سنّت سابقا قوانين صارمة تتعلق بحماية البيانات بما يؤدي إلى تخزينها ومعالجتها داخل الصين، وبما يمنع انتقالها إلى خوادم أجنبية. كما أنها تدعم شركات التكنولوجية المحلية مثل بايدو. وغيرها، وهو ما يُعمل عليه بإصرار وبشكل دائم إذ يتم خلق بدائل لكل المنتجات التكنولوجيا الغربية فحتى وسائل التواصل الاجتماعي الصينية تختلف عن نظيرتها المنتشرة في العالم، ولكل وسيلة تواصل عالمية بديلتها الصينية سواء الوتس اب أو الفيس بوك أو حتى اليوتيوب.، فالصين تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في المجال التكنولوجي.
وفقا لما ظهر في معظم المراجع الصينية، فإن السبب الرئيسي لتطوير هذا النوع من المحركات هو ما يلي:
التقدم التكنولوجي: مع التطور السريع لتقنيات التعلم العميق والذكاء الاصطناعي، زادت مدخلات ومخرجات البحث في هذه المجالات في الصين بشكل كبير، وهو ما يجعل تقنية البحث القائمة على التعلم العميق ممكنة ومُحسَّنة. يمكن أن يساعد التعلم العميق في تحسين الفهم الدلالي وفحص المعلومات، وتعزيز تجربة المستخدم. كما أن للبيانات وما تملكه من مزايا دورا كبيرا في توفير عينات غنية لتدريب نماذج التعلم العميق. توفر هذه الميزة في البيانات الأساس لتحسين التكنولوجيا وتطبيقها. وأما من الناحية السياسية فإن الحكومة الصينية تولي أهمية كبيرة للذكاء الاصطناعي والصناعات التكنولوجية العالية وتستثمر فيها، وتشجع البحث والتطوير في التقنيات ذات الصلة، وتعزّز صعود التقنيات مثل “البحث العميق”. ففي ظل المنافسة القائمة في السوق، تلتزم الشركات ومؤسسات البحث العلمي بتطوير تقنيات بحث أكثر تقدمًا لتلبية احتياجات المستخدمين وتعزيز القدرة التنافسية.
أخيرا، من لا يعرف تقاليد الصين ومدى ارتباطها بالحاضر، قد لا يُجيد قراءة ما تفعله على مختلف الأصعدة. وهنا لا بدّ من ذكر المثل الصيني “تسياو تسياو غان” والذي هو عبارة عن مثل تقليدي، ويعني أنه عندما تريد أن تفعل شيئا، بإمكانك أن تفعله بشكل هادئ ورصين ومن دون أن تخبر أحد به حتى ينضج، كي لا تصاب بالخذلان في حال أخبرت به الآخرين ولم تنجح بإنجازه، فالمجتمع الصيني هو مجتمع شرقي يأبه بكلام الآخرين ورؤيتهم، ولحكم المجتمع عليهم أهمية كبيرة، وهو ما يجعل الصين في كل مرة تخرج إلى العالم بمنتجات جديدة تُفاجئ بها كثيرين، دون أدنى توقع مسبق بالأمر.
وهو المبدأ ذاته الذي اتبعته بكين مع حالة التقدم التي تقوم بها، فمنذ سنوات عديدة سادت أفكار عدة حول أهمية عدم الإكثار من الحديث حول المعجزة الصينية والتقدم، لأنه لم يصل إلى الحالة التي تطمح إليها الصين، وهو الطموح الذي من الصعب التنبؤ به وإلى أين قد يصل مستقبلا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال