الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اليوم الأثنين الموافق 20 يناير 2025، يتولى الرئيس الأمريكي الجديد منصبه. في ظل الوضع الدولي المعقد الحالي، أصبح التطور المستقبلي للعلاقات بين الصين والولايات المتحدة محور الاهتمام العالمي. وباعتبارهما أكبر اقتصادين في العالم، فإن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة لا تؤثر على البلدين فحسب، بل لها أيضا تأثير عميق على الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والحوكمة في العالم. وفي هذه المرحلة الحاسمة، كيف يمكن إيجاد الطريقة الصحيحة للتعايش من خلال التعاون هو الاتجاه الذي يتطلع إليه المجتمع الدولي.
وفي السنوات الأخيرة، ظلت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة تتعرض للضغوطات. لقد جلبت حرب التعريفات الجمركية والحرب التجارية والحرب التكنولوجية التي أطلقتها الحكومة الأمريكية تحديات غير مسبوقة للعلاقات الصينية الأمريكية.
وبحسب بيانات إدارة الجمارك العامة للصين، انخفضت حصة الولايات المتحدة من إجمالي واردات وصادرات الصين إلى 11.2% في أول 11 شهرا من عام 2024، وهو أدنى مستوى منذ عام 2001. ويظهر هذا الاتجاه تراجع اعتماد الصين على التجارة مع الولايات المتحدة، في حين واصلت صادرات الصين إلى دول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) النمو، مع زيادة الصادرات إلى فيتنام وكمبوديا بنحو 20% على أساس سنوي. وفي الوقت نفسه، ووفقا لتقديرات سابقة لشركة موديز الأمريكية، يتحمل المستهلكون الأميركيون 92% من تكلفة الرسوم الجمركية على الصين، مما جعل كل أسرة أميركية تزيد من إنفاقها السنوي بمعدل 1300 دولار أميركي. لقد أصدرت الأوساط التجارية الأمريكية تحذيرات عديدة، معتقدة أن سياسة التعريفات الجمركية العالية لا تفشل في حماية الشركات المحلية فحسب، بل عرقلت نمو الاقتصاد الأمريكي.
دفعت الاحتكاكات التجارية الصين إلى تسريع تحول الهيكل الاقتصادي وتقليل اعتمادها على السوق الأمريكية. وفي السنوات الأخيرة، قاومت الصين الضغوطات الخارجية وحققت سلسلة من النتائج من خلال توسيع الطلب المحلي، وتعزيز الابتكار التكنولوجي، وتعزيز التعاون مع شركاء تجاريين آخرين. على سبيل المثال، منذ عام 2015 إلى عام 2023، بدأت 89% من شركات السيارات وقطع الغيار الصينية العمل على مستوى العالم، ومن المتوقع أن ينمو مجال المعدات الطبية بأكثر من 30% على أساس سنوي في عام 2024، بينما سجلت قطاعات مثل بطاريات الليثيوم ووحدات الطاقة الشمسية نموا كبيرا. أسهمت هذه التحولات في تعزيز مرونة الاقتصاد الصيني وضخ زخم جديد في الاقتصاد العالمي.
في المجال التكنولوجي، من القيود المفروضة على الرقائق إلى تقييد تقنيات الذكاء الاصطناعي، حاولت الحكومة الأمريكية بشتى الوسائل كبح التقدم التكنولوجي الصيني. إلا أن هذه السياسات لم تتمكن من إيقاف تنمية الصين، بل على العكس، حفزت بشكل أكبر قدراتها الابتكارية في مجالات تصنيع الرقائق والحوسبة الكمومية وتقنيات الطاقة الجديدة. فعلى سبيل المثال، وفقا لبيانات الجمارك الصينية، شهدت صادرات الصين من الدوائر المتكاملة زيادة بنسبة 20.3% على أساس سنوي في عام 2024 لتصل إلى 1.03 تريليون يوان، مسجلة رقما قياسيا جديدا. ومن المتوقع أن يتجاوز إنتاج الصين من الرقائق 400 مليار قطعة في عام 2024، وستحافظ الصين على مكانتها كأكبر مصدر للرقائق في العالم.
لقد أثبت التاريخ أن التعاون الصيني الأمريكي في مجال العلوم والتكنولوجيا حقق نتائج عالمية عدة مرات. على سبيل المثال، نجح التعاون بين البلدين في السيطرة على انتشار الخنفساء الآسيوية الطويلة من تكبد خسائر محتملة تصل إلى 138 مليار دولار في الولايات المتحدة. اكتشف علماء من البلدين بشكل مشترك أن حمض الفوليك يمكن أن يمنع عيوب الأنبوب العصبي بشكل فعال، ما يساعد ملايين المواليد الجدد في جميع أنحاء العالم. وعلاوة على ذلك، أنشأ البلدان مركز الأبحاث الصيني الأمريكي للطاقة النظيفة (CERC) في عام 2009، الذي قدم العديد من التقنيات المبتكرة لتحسين كفاءة المباني…. وعلى الرغم من تصاعد المنافسة بين البلدين في مجال العلوم والتكنولوجيا، تظل إمكانية دفع التقدم التكنولوجي العالمي عبر التعاون المشترك قائمة.
كذلك لا يمكن تجاهل إمكانات التعاون بين الصين والولايات المتحدة في مجال الحوكمة العالمية. وباعتبارهما عضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي ومشاركين مهمين في الحوكمة العالمية، تتحمل الصين والولايات المتحدة مسؤوليات مهمة في معالجة تغير المناخ وأزمات الصحة العامة، والحفاظ على نظام التجارة المتعدد الأطراف. وفي السنوات الأخيرة، احتلت الصين المرتبة الأولى في العالم من حيث التقدم التكنولوجي والقدرة المركبة في مجال الطاقة المتجددة، في حين تتمتع الولايات المتحدة بمزايا فريدة في مجال الابتكار التكنولوجي وأسواق رأس المال. وإذا تمكن الجانبان من تعزيز التعاون في هذه المجالات، فسوف يساهم ذلك بشكل فعال في تعزيز تحقيق أهداف خفض الانبعاثات العالمية.
تحافظ الصين على استقرار واستمرارية سياستها تجاه الولايات المتحدة. وقد لخص الرئيس الصيني شي جين بينغ تجربة وإلهام التبادلات الصينية الأمريكية في السنوات الأخيرة، ورسم بوضوح الخطوط الحمراء الأربعة لا يمكن الطعن فيها، وأكد أن الصين تلتزم دائما بمبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين. وتلتزم بتعزيز التنمية المستقرة والصحية والمستدامة للعلاقات الصينية الأمريكية. إن هذا الموقف لا يوضح مسؤولية الصين كدولة كبرى فحسب، بل يوفر أيضا اتجاها واضحا لتنمية العلاقات الصينية الأمريكية في المستقبل.
وفي مواجهة التحديات العالمية، من المؤكد أن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، التي تتعايش فيها المنافسة والتعاون، ستكون معقدة ومتغيرة، ولكن المصالح المشتركة تفوق الاختلافات. ومن خلال التركيز على الحقائق والبيانات، يمكننا أن نجد أنه من خلال التعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين فقط يمكن للبلدين تحقيق المزيد من اليقين للعالم. وفي هذه المرحلة التاريخية الجديدة، من الممكن تماما بالنسبة للصين والولايات المتحدة أن تفتحا فصلا جديدا من التعاون المربح للجميع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال