الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قبل البدء في فحوى المقال، أود الإشارة الى ان اكبر القطاعات الاقتصادية في المملكة وانجحها وأكثرها ربحية واقدرها على المنافسة واجودها في خدمة العملاء واقدرها على الأداء في اصعب الظروف الاقتصادية، بل واقدرها على التوسع الدولي تلك القطاعات التي تتميز بالعمل في ظل تشريعات (ثقيلة) و(تفصيلية) وعالية الرقابة. واضرب مثالا بهذا القطاع المالي وقطاع الاتصالات والقطاع الصحي. اكتب هذا في وقت تشير فيه إعلانات تداول لعدد من الشركات الصناعية التي تغيرت أسعار مدخلاتها الى تفاوت كبير في تأثير هذا الامر على تكاليف الإنتاج، وانا هنا أتكلم عن مصانع الاسمنت (كمثال).
هذا التفاوت يشير بشكل كبير الى اختلاف عميق في تقنيات تشغيل العمليات، مع أمور أخرى. وقبل البدء في المقال اود الإشارة الى ان الهدف الرئيسي للصناعات السعودية عموما هو التصدير من جهة وتلبية الطلب المحلي من جهة أخرى، بجودة عالية يصعب منافستها، وبتسعير كفؤ قائم على قوى العرض والطلب والتنافس الكفؤ بلا أي شكل من اشكال الاحتكار.
من المهم التأكيد على ان للشركات الحق في إدارة نفسها، ولكن من المهم أيضا ان تكون التشريعات منظمة بما يضمن عدم تعرض القطاع والشركات العاملة به لأي امر سلبي يؤثر على القطاع او المستهلك. التشريعات ينبغي ان تكون تفصيلية بما يضمن اعلى درجات المنافسة والجودة والقدرة على الصمود في احلك الظروف الاقتصادية، من المهم ان تكون التشريعات قوة دفع للأداء الأفضل والإدارة الرشيدة وتدريجيا وبخارطة طريق واضحة بما يضمن عمل الشركات بمعزل عن الدعم الحكومي.
من المهم ان تكون التشريعات (فارضة) لآخر ما وصلت له التقنيات والممارسات الدولية لأفضل شركات (المثل). وحينها يكون القطاع منافس وحينها فقط سينمو ويزدهر بل وسيبتكر وبجهود الشركات يكون نموذج يحتذى به للعالم.
نجحت بعض شركات الاسمنت في تبني تقنيات تجعل من تغير أسعار المدخلات عامل ذو تأثير محدود، وهذا نتاج فهم عميق لهذه الشركات للرؤية المستقبلية لما سيكون عليه المستقبل، والآن هي تجني نتائج استثمارها ونهجها السابق الذي كان يبدو في حينها بذخ على حساب المساهمين وتوزيعات الأرباح لهم.
شركات أخرى تأثرت بتغير أسعار المدخلات بشكل كبير، وهي تتحمل نتائج قراراتها وعدم مواكبة ما نحن متجهون له. ولكن السؤال هنا، هل ينبغي ترك هذا الامر للشركات لتقرره، وخصوصا ان تأثير النتائج سينعكس على سلسلة من الاطراف خارج القطاع كالمصارف مثلا التي قد تعاني من تعثرات في سداد القروض التي منحتها، والمستثمرين والصناديق ايضا، بل وقد (لا سمح الله) يؤثر في انسيابية الاسمنت في الاقتصاد (في اسوء الظروف)؟
أتصور ان من الحكمة ان تكون التشريعات المنظمة لهذا القطاع تفصيلية بما يوحد تقنيات التشغيل وفق الاكفأ ووفق الأفضل ماليا بل وحتى ييئيا. وارى ان التشريعات ينبغي ان تكون من التفصيل اسوة بتشريعات قطاع الاتصالات والقطاع المالي. ينبغي ان تتدخل القوانين في آلية التشغيل وان تحدد (جبرا) تقنياتها بما يضمن قدرتها على الاداء بجودة وتنافسية بمعزل عن اي دعم على المدى البعيد.
قطاع الاسمنت له تاريخ مسبق في تحديات العمل بل سوء العمل من بعض الشركات، ولن اطيل في هذا الامر ولكن اذكر الجميع بالتواطئ الذي حدث بغرض رفع الأسعار على المستهلك من بعض شركات القطاع وتم تغريمها. واتصور من المهم ان يحكم الامر بتشريعات صارمه لا يمنع ان تصل الى درجة موافقة وزارة الصناعة على تعيين كبار التنفيذيين بها بعد دراسة مؤهلاتهم وتاريخهم العلمي والمهني والنظر في اي امر قد يشوب النزاهة لا سمح الله.
وما اكتبه عن قطاع الاسمنت ينطبق على بقية القطاعات الصناعية التي نطمح ان تصل لمرحلة الريادة على مستوى العالم. اتت الرؤية للتقويم، والإصلاح، و(الدعم الكفؤ)، والأيام منذ انطلاقتها تثبت صوابها، نسير على خطى ثابته للتأثير وليس التأثر.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال