الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يظل المشاهد العادي عاجزًا عن فهم كنه القرارات النهائية، فستظل هناك دائمًا مساحات مظلمة ومعقدة في عملية صنع القرار؛ مساحات يجدها القائمون على هذه العملية أنفسهم غامضة.
نادراً ما تكون القرارات الاستراتيجية سهلة أو بسيطة، وهذا لأنها تقوم على أحكام قيمية تبنى إلى حد بعيد على التوجهات الحالية والمستقبلية، ولهذا تأتي كثير من القرارات الاستراتيجية خاطئة.
والقرارات الاستراتيجية هي تلك الخيارات التي تحدد مسار المنظمة، ومن ثم نجاحها، ومع أن كثيراً من صانعي القرارات الاستراتيجية هم من كبار المديرين وأصحاب الأعمال والقادة، فكثيراً ما تقع على عاتق الموظفين في أدنى سلم الإدارة مسؤولية صنع القرارات الاستراتيجية، وهذا لأن المنظمات لم تعد هرمية وصارت استراتيجيات إدارة الأعمال أكثر اهتماماً بالعملاء من ذي قبل، لأنها محكومة بقوى التغيير والتعقيد التي أصبحت بدورها أشد وطأة وأسرع خطى عما مضى.
وعن طريق فهم المؤثرات التي تشكل القرارات في المنظمات في يومنا هذا، أو التي ستصبح عنصراً مهماً في أجندة الإدارة في المستقبل، سنتمكن من الوصول إلى فهم أفضل لسياق صنع القرارات الاستراتيجية.
إن طرح أفكار وحلول ضاربة بجذورها في خبرات الماضي وطبيعته ليست له قيمة كبيرة، فالأهم من هذا هو فهم المؤثرات التي تحدد ملامح استراتيجيات الإدارة والقيادة، والأفكار التي تؤثر في القرارات، والعوائق التي تقف في وجه التفكير الاستراتيجي مما يثمر عن قرارات استراتيجية أكثر فاعلية.
وصار واضحاً أن المستقبل يشهد طغيان أهمية المهارات والمعارف والمعلومات التي تتمتع بها المنظمات وكيفية إدارتها، وأصبحت المعرفة أهم مقومات الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، وأصبح رأس المال الفكري الأصل الذي لا يمكن الاستغناء عنه من بين أصول المنظمة.
وأن مهمة وضع الاستراتيجيات مهمة معقدة، وذلك لأن مجموعة التحديات والفرص المطروحة أمام أي منظمة تتسم بالتعقيد وتتغير مع مرور الوقت، على أن فهم نظريات الإدارة والقيادة من شأنه أن يساعد صانعو القرار في التغلب على هذا التعقيد الشديد.
حيث أشار هنري منتزبيرج وهو مفكر وكاتب بارز في مجال الإدارة إلى أن عملية صنع القرار ناقصة وعاجزة عن فهم ما يحدث على أرض الواقع في المنظمات، مما جعل هذه المنظمات غير مهيأة لمواجهة تحدي التغيير، وقد دعا منتزبيرج إلى التوجيه من خلال الواقع؛ أي ملاحظة واقع الاستراتيجية أثناء تطبيقها وتقييمه.
ومنهج تعدد الأدوار الإدارية يرى أن وظيفة صانع القرار الاستراتيجي لاتقتصر على كونه مخططاً ومراقباً يقوم بالتحليل والتفكير، فماذا عن حاجة الأفكار على أرض الواقع إلى المرونة والاستجابة السريعة؟ وماذا عن القرارات الأساسية التي لا تُتَّخذ على مستوى الإدارة العليا في المنظمة وإنما على مستويات أدنى كثيرًا؟ فمنتزبيرج يضفي أهمية كبيرة على الرؤية والتواصل والتفاوض، وكذلك على الحاجة إلى التمتع بالقدرة على الاستجابة السريعة للمشكلات وتغيير الخطط في أقصر وقت، إضافة إلى هذا فإن المنهج القائم على الاستجابة للمواقف — كل موقف على حدة — يوازن بين الحاجات قصيرة الأجل وفهم التطورات التي تحدث في البيئة على مدى أبعد، وهذا المنهج من شأنه أن يبرز مزايا اتخاذ القرار عن طريق التعلم بالممارسة، حيث تتولد الاستراتيجيات في سياق التفاعل البشري بدلًا من أن تصدرها أنظمة تخطيط منهجية مدروسة، وهذا المنهج شبيه بالمنهج الذي يتبناه متبعو نظام التخطيط بالسيناريو، وبهذا يصبح دور صانعي القرار هو التعلم والمساندة والتمكين التام بدلًا من إصدار الأوامر، ومع أن التطور الناتج عن هذا المنهج لا يكون طفرة هائلة وإنما تطور تدريجي، فهو لا يقل أهمية وقيمة عن الطفرات الهائلة.
وتتخذ القرارات الاستراتيجية من جانب القيادات العليا للمنظمة، وتحدد نطاق المنظمة واتجاهها، وتهدف دائماً إلى تحقيق ميزة تنافسية، استرشاداً بالسياسات التنظيمية، والموارد المتاحة، والرؤى الثاقبة للاستراتيجيات، والأهداف الطويلة الأجل، والقدرة التنافسية للمنظمة.
وتساعد القرارات الاستراتيجية المنظمات على أن تصبح أكثر فاعلية من خلال تحقيق التوازن بين أهدافها ومواردها، كما أن هذه الفاعلية تحقق مزايا استراتيجية تؤدي إلى النمو والتنمية على المدى البعيد، ولذلك يجب أن تكون لدى المنظمات عملية لصنع القرار تتضمن مجموعة محددة من السياسات والقواعد التي يلتزم بها الجميع، يمكن أيضًا استخدام أدوات تحليل البيانات وأدوات صنع القرار وأدوات اكتشاف البيانات المختلفة للمساعدة على اتخاذ قرارات استراتيجية أفضل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال