الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في كل عام، تفتح المملكة صفحة جديدة من تاريخها العريق، حيث تختار شعارًا وطنيًا يعكس جانبًا من هويتها الثقافية الغنية. فمن عام الإبل الذي أعاد للأذهان ارتباط الإنسان السعودي بأحد أهم رموز الصحراء، إلى عام الحرف اليدوية الذي يحتفي بإبداع الأيدي السعودية ومهاراتها المتوارثة عبر الأجيال، تستمر الرحلة بين الماضي العريق والمستقبل الواعد.
هذه الأعوام ليست مجرد شعارات رمزية؛ بل هي منصات وطنية تعزز الهوية، وتحقق التنمية المستدامة، وتفتح آفاقًا جديدة أمام المجتمع المحلي ليشارك العالم قصص نجاحه الثقافية والاقتصادية. بالإضافة الى المشاركة المجتمعية التي تتيح مثل هذه المناسبات الفرصة لعديد من الجهات الفاعلة لتنظيم الأنشطة والفعاليات المتعلقة بالموضوع السنوي للمناسبة. وتمثل تلك المناسبات للجهات الحكومية والقطاعين غير الربحي والخاص والمدارس والجامعات وعموم المواطنين نقطة انطلاق للمشاركة والمسؤولية الاجتماعية لبدء جهود التثقيف والتوعية والتمكين.
كان عام 2024 مميزًا باختياره “عام الإبل”، رمز الأصالة والهوية وهو احتفاء مستحق برمز ثقافي أصيل ظل رفيقًا وفيًا لأبناء الجزيرة العربية عبر التاريخ. الإبل ليست مجرد حيوان؛ بل هي جزء من الحكايات والأشعار والأمثال التي شكلت وجدان الإنسان السعودي. شهد عام الإبل جهوداً ملموسة من مختلف الجهات المعنية في تعزيز مكانة الإبل كرمز ثقافي وحيوي في المملكة. حيث عمل نادي الإبل مع وزارة الثقافة على توثيق وحفظ هذا الموروث الحيوي من خلال فعاليات متنوعة، تضمنت المهرجانات والمعارض التي أظهرت الدور الكبير للإبل في التاريخ السعودي. لقد شكل هذا العام منصة لاستعراض عراقة العلاقة بين الإنسان والإبل، ودورهما المشترك في تطور المجتمعات. فكل الشكر لمن خطط وساهم وشارك وتفاعل خلال هذا العام الثقافي الهام.
من عام الإبل إلى عام الحرف اليدوية استمرارية التراث، ومع ختام “عام الإبل”، يبدأ عام جديد تحت شعار “عام الحرف اليدوية” لعام 2025، ليعكس التقدير العميق للإبداع اليدوي الذي يُعد جزءًا من الهوية الوطنية. تُعد الحرف اليدوية إرثًا ثقافيًا يُجسد براعة الأيدي السعودية التي أبدعت في مجالات متعددة مثل الفخار، الأزياء التقليدية، المنسوجات اليدوية، النحاسيات، والنجارة. جاء هذا الإعلان بعد موافقة مجلس الوزراء، ليؤكد على دور الحرف اليدوية كركيزة أساسية للتنمية المستدامة، إذ تسهم هذه الحرف في تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال توفير فرص العمل وفتح أسواق جديدة للتصدير.
فإن اختيار عام الحرف اليدوية ليس مجرد احتفاء رمزي؛ بل هو استراتيجية وطنية لها دورها في التنمية المستدامة وتهدف إلى تمكين الحرفيين والحرفيات السعوديين من إبراز إبداعاتهم محليًا ودوليًا. فهذه الحرف تلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز الاقتصاد الإبداعي، وتوفير فرص عمل، وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، خاصة خارج المناطق الرئيسية. ووفقًا لتقرير الحالة الثقافية الصادر عن وزارة الثقافة، فإن الاستدامة في القطاع الثقافي تتطلب حماية هذا الإرث من الاندثار، وتعزيز دوره الاقتصادي والاجتماعي.
يمثل عام الحرف اليدوية فرصة ذهبية لتعزيز المهارات اليدوية وتطوير برامج تعليمية وتدريبية تسهم في نقل هذا التراث إلى الأجيال القادمة. كما أنه يفتح الباب أمام الابتكار في هذا المجال بما يتناسب مع متطلبات الحداثة والسياحة المستدامة. إن تمكين الحرفيين وتوفير منصات لعرض منتجاتهم على المستويين المحلي والدولي سيسهم في تعزيز مكانة المملكة كوجهة عالمية للإبداع الحرفي ويعزز من السوق السياحي المحلي المستدام.
بينما نودع “عام الإبل” حاملين معنا إرثًا ثقافيًا يعكس أصالة الهوية السعودية، نستقبل “عام الحرف اليدوية” برؤية متجددة تعزز استدامة هذا التراث وتفتح آفاقًا اقتصادية وثقافية جديدة. إن المملكة ماضية بخطى ثابتة نحو مستقبل يستند إلى إرث ثقافي غني ورؤية تنموية طموحة، تضمن للأجيال القادمة المحافظة على هويتهم الثقافية والفخر بها. الإبل والحرف اليدوية حكاية تراث سعودي يتجدد كل عام، فلنعمل معًا على تحقيق أهداف هذا العام، ولنحتفِ بتراثنا العريق كجزء من مسيرة التنمية المستدامة والابتكار الثقافي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال