الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في استعراض لما يمكنني تسميته الذكريات المصرفية تحدثنا، احد الأصدقاء وأنا عن بنوك ومصارف لم تعد موجودة بسبب الاندماج الاختياري او الاجباري لضعف إدارتها، وتفرع الحديث الى مقرات ومباني هذه البنوك والشوارع التي احتضنتها، ووصل الحديث الى شارع ” الستين” في حي الملز بالرياض المعروف رسميا باسم طريق صلاح الدين الأيوبي.
بقي الحديث في الملز واكتشفنا ان بعض شوارعه تتميز بتسميتها بأسماء من ابرز شعراء العرب جرير والفرزدق والمتنبي، شارع المتنبي الذي كان حالة اقتصادية تكيفت مع سياق اجتماعي خاص بزينة النساء في فترة ماضية، وشارعي جرير والفرزدق اللذان شهدا ميلاد كيانات وأسماء تجارية وصناعية بعضها اليوم مما يشار اليه ببنان الاستثمار في السوق السعودية وربما الإقليمية.
افترض انكم خمنتم ان الحديث ذهب الى تساؤل اقتصادي اجتماعي شهير هو عن سبب مغادرة الأسر السعودية للأحياء النموذجية مكتملة الخدمات الى احياء جديدة تنتظر الخدمات لسنوات طويلة، وهو ما حدث بالفعل واستحضرنا قول عنترة بن شداد ” هل غادر الشعراء من متردم ” بمناسبة ان ثلاثة شوارع وربما اكثر في حي الملز سميت بأسماء شعراء شهيرين.
في التفاسير اللغوية المتردم هو الموضع الذي يسترقع ويستصلح لما اعتراه من الوهن والوهي، والتردم أيضًا مثل الترنم، وهو ترجيع الصوت مع تحزين، ويبدو انه هنا الحزن على فراق أطلال القصص الاولى لأجيال وعت في أحياء نموذجية في الرياض ، قصص عليشة، والملز ، وشمال المربع ، والسليمانية ، وربما الورود – مثالا لا حصرا -.
الوضع العقاري بات صعبا في الرياض، أسعار تملك وايجار لم تعد في مقدور شريحة كبيرة من المواطنين، وربما يكون أحد الأسباب هو استمرار الانتقال للجديد، ومعه أسباب جوهرية أخرى منها ان كثيرا ممن ينتقلون للرياض من داخل المملكة وخارجها يتركزون في أحياء معينة اغلبها في شمال الرياض بسبب بسيط ان الهيئات والجهات الحكومية وكبرى الشركات أيضا تقع مقراتها في هذه المناطق او قريب منها وهو امر تكرس مع السنوات الاخيرة واصبح نادرا ان تجد من يختار جنوب او غرب الرياض لهذا الغرض رغم أنهما يضمان طرقا سريعة ومخدومة.
سبب جوهري آخر ولكنه مؤقت فيما أحسب هو إيقاف مساحات ضخمة خاصة في شمال غرب الرياض، وقد أحسنت الأمانة برفع الإيقاف عن شرق طريق الملك فهد ولكن الزخم الاستثماري واستقطاب الشركات والموظفين يفرض الحاجة الى مزيد من الرفع ليتوفر معروض يضغط بالضرورة على الأسعار او يكبح جماحها على الأقل.
العام الماضي 2024 فقط اعتمدت أمانة الرياض 19 مخططًا سكنيًا بمساحة أكثر من 13.5 ملايين متر مربع لتعزيز المعروض العقاري و”تنظيم العمليات العقارية بما يضمن استدامة التنمية وتحقيق التوازن في السوق العقاري”، وأيضا ساهمت رسوم الأراضي البيضاء في توفير معروض من الأراضي، لكن الأسعار لا تتوقف عن الصعود لان الطلب اكبر او اكثر من العرض، ولان كثير من تداولات المخططات الجديدة تتم بين العقاريين كبار ومتوسطي الحجم فيحافظون على مستويات الأسعار عند سقوفها صعبة المنال على متوسطي ومنخفضي الدخل.
الأمر لا يتعلق فقط بالأسر القائمة، أنه يلقي بظلاله على قرارات تشكيل أسر جديدة، وهذا على المديين المتوسط والطويل سيؤثر المورد البشري الذي نحتاجه في مسيرتنا التي أضاءت رؤية 2030 طريقها ومهدته للوصول إلى مصاف اقوى وافضل الدول في العالم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال