الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
التعاون التنافسي يمكن أن يكون أداة قوية لتحفيز النمو والابتكار وتقليل المخاطر، والنجاح في تطبيقه يتطلب رؤية استراتيجية، وتوازن دقيق بين التعاون والتنافس، وإدارة فعالة للعلاقات لضمان تحقيق المنافع المشتركة دون التضحية بالمزايا التنافسية، وتأتي أهمية تعزيز التعاون التنافسي في القطاعات التي تتطلب وجود وتطوير ابتكارات، وتتطلب رؤوس أموال ضخمة وتحمل مخاطرة عالية، فالتنافس هنا قد يكون مضر لتقدم ونمو القطاعات الواعدة. تعزيز التعاون التنافسي في القطاعات الواعدة في المملكة يتطلب مزيج من السياسات الحكومية، واستثمارات القطاع الخاص، وتبني ثقافة التعاون، من خلال التجمعات الاقتصادية، وتنظيم الشراكات الاسترايتيجة، وإشراك الجامعات في تطوير منظومة القطاعات الواعدة.
لو نظرنا إلى قطاع التقنية والذكاء الاصطناعي، من الممكن أن تتنافس الشركات في هذا القطاع على الابتكار في تقديم الخدمات والمنتجات القائمة على التقنية والذكاء الاصطناعي، وإنشاء منصات خاصة بالتجارة الإلكترونية، وفي المقابل هناك العديد من فرص التعاون بين الشركات يسهم بشكل كبير في تطوير منظومة هذا القطاع وبالتالي تعزيز الاستثمار فيه، مثل التعاون في تطوير مراكز بيانات ومنصات الحوسبة السحابية، وتطوير حلول الذكاء الاصطناعي مثل التحليل البياني، والتعامل مع البيانات الضخمة. الطاقة المتجددة أيضاً من الممكن أن تتنافس الشركات على تطوير مشاريع جديدة للطاقة في أماكن استراتيجية داخل المملكة، لكن فرص التعاون لديها في البحث والتطوير، وفي البنية التحتية، وتدريب الكوادر المحلية. قطاع التعدين أيضاً وكيف يمكن للتعاون التنافسي أن يساهم في تطوير منظومة التعدين، ليس فقط على مستوى المملكة بل على المستوى الدولي، كون أن هذا القطاع يواجه تحديات كبيرة في ظل طلب واحتياج عالمي مستمر، وتطوير منظومة داعمة لتعزيز الاستثمار، الأمر الذي يدعوا إلى تكاتف الجهود والشركات والأطراف ذات العلاقة للتعاون المشترك في ظل المحافظة على المزايا التنافسية لكل جهة.
لاشك أن التعاون التنافسي سيسهم في تعزيز الابتكار ونقل المعرفة والأفكار لتحسين منظومة كل قطاع واعد، وتطوير التقنيات الجديدة لتحسين الكفاءة في كل قطاع، وقد تكون أفضل الطرق لتعزيز التعاون التنفسي في القطاعات الواعدة هي بناء التجمعات الاقتصادية الداعمة لهذا القطاع، ولاشك أن طبيعة القطاع يحدد ما إذا كان يتطلب وجود التجمع الاقتصادي في منطقة جغرافية واحدة، وإمكانية تطبيقة في عدة مناطق وتجمعات من خلال الاستفادة من خيارات التقنية والربط بين الأطراف ذات العلاقة. أهم العوامل التي تعمل على نجاح أي تجمع هي المنظومة المتكاملة التي تجمع بين الابتكار، التكنولوجيا، الاستثمار، والتعليم، والدعم الحكومي، والشراكة الفعالة بين القطاعين العام والخاص، وبالنظر إلى هذه العوامل نجد أن الحلقة الأضعف تكمن في الشراكة بين القطاع العام والخاص لدعم الابتكار والتعليم والتكنولوجيا بالأخص في الجامعات، فعلى غرار تطور تجمع الأعمال في السيليكون فالي، كانت نقطة البداية له التعاون بين القطاع العسكري وجامعة ستانفورد لتقديم عدد من التقنيات والدراسات والابتكارات الداعمة للقطاع العسكري، مقابل الحصول على التمويل لتغطية تكاليف الدراسات والأبحاث والابتكارات، واستفادت الجامعات ومراكز الابتكار والأبحاث المتواجدة في منطقة السيليكون فالي من هذا الدعم، وقامت بتقديم المزيد من الابتكارات والمشاريع الناجحة على المستوى العالمي، مما يعني أن الجامعات لها دور أساسي وجوهري في تطوير منظومة داعمة لأي قطاع واعد، ومن المفترض أن لا يقتصر دورها على التعليم والبحث العلمي، بل أيضاً تقديم الابتكارات والربط مع الصناعات والقطاعات الواعدة لدعمها.
وضع أطر تنظيمية لتعزيز التعاون بين القطاع الأكاديمي والصناعة أمر في غاية الأهمية، وإنشاء مراكز ابتكار وبحث وتطوير تجمع بين الجامعات والتجمعات الاقتصادية لتسريع الابتكار، وتقديم حوافز للشركات والمستثمرين لدعم شراكات مع الجامعات، والربط بين هذه التجمعات والجامعات السعودية كاملة، وليس فقط الجامعات المحيطة في التجمع الاقتصادي، من خلال جهة منظمة واحدة للربط بين المتخصصين في المجالات الداعمة، وتحديد الاحتياج والتحديات التي تواجه هذه القطاعات لإيجاد حلول وتقديم ابتكارات داعمة أمر في غاية الأهمية، على أن تكون عملية مستمرة وبشكل دوري، إقامة المنتديات على المستوى الدولي لهذه القطاعات وإشراك الأكاديمين والمتخصصين محلياً ودولياً لتقليل الفجوة بين الجامعات والقطاعات الواعدة، كل هذا سيسهم في دعم القطاعات الواعدة من خلال تعزيز التعاون التنافسي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال