الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في عام 2017، واجهت شركة بروكتر آند غامبل تحديًا كبيرًا من قبل صندوق التحوط تريان بارتنرز، وهي مؤسسة استثمارية نشطة بقيادة نيلسون بيلتس. أعلنت تريان حينها عن استحواذها على حصة في بروكتر آند غامبل ودعت إلى تغييرات في إدارة الشركة وعملياتها، مشددة على ضرورة تبني استراتيجية إعادة هيكلة أكثر جرأة لتحسين الأداء وزيادة قيمة المساهمين.
ادعت المؤسسة النشطة أن الهيكل التنظيمي المعقد لشركة بروكتر آند غامبل والنمو البطيء كانا يعيقان قدرتها على المنافسة بفعالية في سوق السلع الاستهلاكية، واقترحت المؤسسة أن بروكتر آند غامبل يمكن أن تستفيد من تبسيط عملياتها والتركيز على علاماتها التجارية الأساسية لتعزيز الربحية.
تصاعدت الحالة إلى صراع بين مجلس الإدارة والمستثمر النشط، حيث قامت تريان بترشيح بيلتس لعضوية مجلس إدارة الشركة، بينما قاومت الشركة محاولات اختراق المجلس من قبل تريان، مؤكدة أن استراتيجية الشركة الحالية سليمة وأن مشاركة بيلتس لن تكون مفيدة.
في النهاية، كانت المعركة حول ترشحه متقاربة للغاية ، حيث قام كلا الجانبين بحملة نشطة للحصول على دعم المساهمين، كان التصويت الأولي قريبا جدا، مما أدى لدخول الشركتين في عملية “جحر الثعبان“، وهي إعادة فرز شاقة لمعرفة أي جانب سيكسب . وفي النهاية، أعلنت تريان بارتنرز أنها أمنت ما يكفي من الأصوات لدخول بيلتس إلى المجلس، مما شكل انتصارًا كبيرًا للمستثمر الناشط.
محليًا، وفي ذات العام 2017، قام تكتل من المساهمين في سابقة تاريخية في السوق المالية السعودية بالتصويت بأغلبية كبيرة على عزل مجلس إدارة شركة اللجين المدرجة في السوق المالية السعودية، وتعيين مجلس جديد لقيادة الشركة نحو مرحلة جديدة تتخلى عن الأسلوب القديم غير الفعال، وتتبنى أسلوبًا جديدًا يدفع بالشركة نحو مستقبل أفضل. وقد عاصرتُ تلك الحالة المعقدة وغير المسبوقة في السوق المالية السعودية بصفتي عضوًا في المجلس الجديد ورئيسًا للشركة في ذلك الوقت. علماً بأنه قد سبق ذلك حالة أخرى خارج السوق المالية عندما تقدم مساهمو شركة اتحاد الصالحية للتمور بأول طلب لوزير التجارة لعزل مجلس إدارة شركة مساهمة مغلقة في شهر أبريل 2015، وتمت الموافقة من وزارة التجارة على ذلك.
سلطت تلك الحالات الضوء على التوتر المستمر بين الممارسات الإدارية التقليدية والمستثمرين النشطين الذين يدعون إلى التغيير، مما يبرز أهمية مشاركة المساهمين في حوكمة الشركات. وتُبرز مثل هذه الحالات القوة المتزايدة للمساهمين في التأثير على حوكمة الشركات، مما يظهر دورهم الحيوي في محاسبة الإدارة وتشكيل الاتجاه المستقبلي للشركات. ومع استمرار تصاعد نشاط المساهمين، ستبقى الديناميات بين الإدارة والمستثمرين محورا حاسما للنجاح في عالم الشركات.
مع استمرار تطور حوكمة الشركات، أصبح فهم أنماط الملكية في الشركات المدرجة أمرًا ضروريًا للمستثمرين وصانعي السياسات والمساهمين على حد سواء. تتمثل إحدى الاتجاهات البارزة في تركيز الملكية في العديد من الشركات المدرجة، حيث يحتفظ عدد قليل من المساهمين بجزء كبير من الأسهم. قد تشمل هذه الحالة المساهمين المؤسسين ، أو الأفراد المستثمرين ، أو العائلات ، أو المؤسسات المالية ، الذين يمكنهم جميعًا ممارسة تأثير كبير على قرارات الشركة، وغالبًا ما يشكل هذا التركيز في الملكية ديناميات الحوكمة داخل الشركة.
تلعب المؤسسات الاستثمارية، مثل صناديق التقاعد وصناديق الاستثمار، دورًا حيويًا في مشهد الملكية، إذ يمكن أن يمكّن حجم حصصهم الكبير من التأثير بشكل كبير على حوكمة الشركات، مما يؤدي غالبًا إلى مزيد من المشاركة النشطة في ممارسات الحوكمة. يبرز هذا الاتجاه الأهمية المتزايدة للمؤسسات الاستثمارية في تشكيل سلوك الشركات ومساءلتها.
تمثل الشركات العائلية نمط ملكية آخر مهم، حيث يلاحظ أنه في العديد من الأسواق، تحتفظ الشركات العائلية بحصص مسيطرة في شركات مساهمة عامة، مما يخلق تحديات ديناميكية فريدة في الحوكمة مدفوعة بحوكمة الشركة العائلية الخاصة ذاتها .
الملكية الحكومية هي جانب آخر حاسم في هذا السياق،ففي العديد من البلدان، تلعب الشركات المملوكة للدولة أو الشركات التي تمتلك الدولة حصة كبيرة فيها دورًا حيويًا في الاقتصاد. غالبًا ما تختلف هياكل الحوكمة لهذه الشركات بسبب أهداف الحكومة وتأثيرها، مما يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى حوكمة الشركات.
أخيرًا، يؤثر المستثمر الأجنبي على أنماط الملكية، حيث يلعب المستثمرون الدوليون دورًا متزايد الأهمية في الأسواق المحلية، ويؤدي هذا الاتجاه إلى أنماط ملكية أكثر تنوعًا وأحيانًا مجزأة، مما يعقد مشهد الحوكمة.
في ظل تطور مشهد حوكمة الشركات، أصبح فهم حقوق المساهمين في الشركات المدرجة أمرًا أكثر أهمية من أي وقت مضى. مثلا في الولايات المتحدة، يتمتع المساهمون بمجموعة من الحقوق التي تمكنهم من التأثير في قرارات الشركات. وتُعتبر حقوق التصويت حجر الزاوية، حيث يحق للمساهمين التصويت على قضايا حاسمة مثل انتخاب المديرين وعمليات الاندماج ورفع رأس المال، وترشيح المديرين وفق شروط معينة. بالإضافة إلى ذلك، يحق للمساهمين الحصول على توزيعات الأرباح والوصول إلى المعلومات المالية الأساسية. كما تعزز السماح على تقديم اقتراحات من قبل المساهمين في الاجتماعات السنوية من مشاركتهم في حوكمة الشركات.
أما في الاتحاد الأوروبي، فتشبه حقوق المساهمين تلك الموجودة في الولايات المتحدة، مع تركيز قوي على حماية مساهمي الأقلية. وفي الشركات الأوروبية يحق للمساهمين حضور والمشاركة في الاجتماعات العامة، ويمكنهم اقتراح بنود على جدول الأعمال للنقاش. تعد الشفافية مبدأً رئيسيًا، حيث يُطلب من الشركات تقديم معلومات في الوقت المناسب حول أدائها المالي. كما يوفر الاتحاد الأوروبي آليات لحقوق المعترضين، مما يتيح للمساهمين السعي للحصول على تعويض في حالات معينة، مما يضمن تمثيل مصالح الأقلية في حوكمة الشركات.
تشهد اليابان تحولًا كبيرًا في ممارسات حوكمة الشركات، ويتمتع المساهمون في اليابان بحقوق تصويت مشابهة لتلك الموجودة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث يمكنهم التصويت على تعيين المديرين والقرارات الكبرى. يمكنهم أيضًا اقتراح بنود على جدول الأعمال، على الرغم من أن الحواجز للقيام بذلك قد تكون أعلى من الأسواق الغربية. كما يضمن النظام الياباني حق المساهم في الوصول إلى التقارير المالية والمعلومات اللازمة . ومن الجدير بالذكر أن اليابان تشهد زيادة في نشاط المساهمين، حيث يطالب المستثمرون بشكل متزايد بالشفافية والمشاركة في حوكمة الشركات.
بينما تتشارك حقوق المساهمين في الشركات المدرجة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان في مواضيع شائعة، تعكس الاختلافات بينها أسس الحوكمة الإقليمية والسياقات الثقافية لكل بلد . وباختصار تركز الولايات المتحدة على نشاط المساهمين الفرديين، بينما تعطي الاتحاد الأوروبي الأولوية لحماية حقوق الأقلية، وتتحرك اليابان نحو مزيد من الشفافية والمشاركة،ومع استمرار تطور الأسواق العالمية، سيكون فهم هذه الحقوق أمرًا أساسيًا للمستثمرين والشركات على حد سواء.
في السوق المالية السعودية، تشدد لائحة حوكمة الشركات الصادرة عن هيئة السوق المالية على التزام مجلس الإدارة بضمان معاملة عادلة لجميع المساهمين، وتعزيز العدالة والمساواة بينهم. وتؤكد اللائحة أنه يجب على الإدارة التنفيذية للشركة عدم التمييز بين المساهمين من نفس النوع والفئة، وضمان عدم حرمان أي منهم من حقوقهم.
للحفاظ على هذه المبادئ، يجب – طبقا للائحة – أن تقوم الشركة بتحديد سياسات داخلية واضحة تسهل ممارسة حقوق المساهمين. ومن بين هذه الحقوق الحق في الحصول على حصة من الأرباح الصافية، والمشاركة في اجتماعات المساهمين، والقدرة على الاستفسار عن عمليات الشركة.
كما يلتزم المجلس بتوفير معلومات دقيقة وفي الوقت المناسب للمساهمين، مما يضمن الشفافية والتواصل المفتوح، ويشمل ذلك الوصول إلى البيانات المالية للشركة واستراتيجياتها التشغيلية.
علاوة على ذلك، تتمتع الجمعية العامة غير العادية بالسلطة لاتخاذ قرارات مهمة، بما في ذلك تعديل لوائح الشركة، وتعديلات رأس المال، وحقوق المساهمين المتعلقة بالأسهم الجديدة. في حين تقوم الجمعية العامة العادية بالإشراف على انتخاب أعضاء المجلس، ومراقبة الامتثال للوائح، والموافقة أو الرفض للتقارير المالية.
أخير يحب أن يعكس الالتزام بحقوق المساهمين والحوكمة الفعالة من خلال تطبيق هذه اللائحة تفاني الشركة في الحفاظ على ثقة المساهمين في مجلس إدارتها وزيادة القيمة لجميع الأطراف المعنية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال