الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
وإذا أخذنا نظرة على هذه التعديلات نجد التعديل اشتمل على 38 مادة معدلة و7 مواد محذوفة ومادتين مضافة، وإذا تفحصنا المواد المعدلة نجد أنها اشتملت بعضها على تعديلات بالمسميات فقط وهي ليست بأهمية المواد الأخرى التي عدلت الأحكام والآثار، لذا سيقتصر مقالنا على هذه المواد الأخيرة بحيث نضع عنوانا لكل مادة معدلة وشرحا موجزا لها.
أولا: تأثر العامل بعدم تجديد رخصة العمل:
لقد عدلت أحكام المادة 35 من النظام وشملت النص الجديد على: ” تبين اللائحة الإجراءات التي تكفل عدم تأثر العامل من عدم تجديد رخصة العمل، بما في ذلك إمكانية نقل خدمة العامل إلى صاحب عمل آخر دون موافقة صاحب العمل المخالف” إذا هذا التعديل كان لمصلحة العامل كعادة النظام في مراعاة الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، فبعد التجربة العملية للنص السابق وسلبياتها التي ظهرت، أتى هذا النص ليؤكد عدم تأثير رخصة العمل غير المجددة على العامل، حيث يمكن للأخير نقل خدماته دون موافقة صاحب العمل المخالف، وكان ذلك بنص قطعي واضح الدلالة.
ثانيا: مدة عقد العامل غير السعودي:
مدة عقد العمل للعامل غير السعودي يجب أن تكون محددة ومكتوبة، وفي النص القديم كان الحكم في حال خلو العقد من مدة محددة أن تكون مدة الرخصة مدةً للعقد، إلا أنه بعد التعديل الأخير أصبح الحكم في حال خلو العقد من بيان المدة أن تكون المدة (سنة) من تاريخ المباشرة الفعلية وإذا استمر العمل بعد انتهاء هذه السنة يعتبر العمل مجددا لمدة مماثلة، وهذا التعديل يمكن ملاحظة تأثيره من شقين، الأول وهي المدة المحددة في حال خلو التحديد، الثاني تجديد العقد التلقائي، مما يعني أن لو انتهت العلاقة العمالية واستمر العمل -ولو بيوم واحد- ثم قام أي من الطرفين بإنهاء العلاقة التعاقدية لسبب غير مشروع جرت أحكام المادة 77 من النظام لتنطبق على هذه الواقعة مالم يتضمن العقد على تعويض محدد.
ثالثا: فترة التجربة:
تم صياغة المادة 53 التي تنظم فترة التجربة بشكل أحسن مما كانت عليه، فنجد أن التعديلات التي تمت عليها تركت الأمر لاختيار مدة التجربة حسب ما يتفق عليه المتعاقدين بشرط ألا تزيد عن 180 يوما، فيمكن اختيار فترة التجربة لمدة 100 يوم مثلا أو 120 يوما فترة واحدة، بينما يتعذر مثل هذا التحديد في ظل النص القديم، كما أنها حذفت النص “ولكل من الطرفين الحق في إنهاء العقد خلال هذه الفترة مالم يتضمن العقد نصا يعطي العقد في الإنهاء لأحدهما”، وجعلته “ولكل من الطرفين الحق في إنهاء العقد خلال هذه المدة”، حيث أن السابق وإن كان فيه مبدأ حرية المتعاقدين في وضع شروطهم وإن كان فيه احتمالية أن يكون هذا الحق بيد العامل إلا أن الواقع العملي أثبت استفراد أصحاب العمل بهذا الحق، فأتى النظام وألغى الاستثناء لمصلحة العامل واضعا الأخير وصاحب العمل في مركز مقارب.
رابعا: حالات انتهاء عقد العمل:
لقد تم إضافة حالتين لحالات انتهاء عقد العمل الواردة في نص المادة 74 من النظام، وهما: الفقرة الثالثة مكرر(الاستقالة) والفقرة السابعة مكرر (صدور قرار، أو حكم نهائي من المحكمة المختصة؛ بإنهاء عقد العامل في أي من إجراءات الإفلاس المفتتحة وفق نظام الإفلاس) والاستقالة قد عرفها النظام بالإضافات الواردة على المادة الثانية بقوله: هي إفصاح العامل كتابة عن رغبته دون إكراه في إنهاء عقد عمل محدد المدة دون تعليق على قيد أو شرط، وقبول صاحب العمل بها، لذا أصبح هناك تسع حالات نصا لإنهاء عقد العمل والعاشرة ما ورد بالنظام ولم تذكره المادة.
خامسا: مدة اشعار انهاء العقد غير محدد المدة:
لقد أتت التعديلات على المادة 75 من النظام لتكون أكثر وضوحا بالنسبة لمدد الإشعار لمن أراد إنهاء العلاقة التعاقدية في العقد غير محدد المدة بسبب مشروع، فالتعديل ينص على أن العامل إذا أراد إنهاء العقد في هذه الحالة وكان أجره يدفع شهريا أن يشعر صاحب العمل برغبته بترك العمل قبل 30 يوما من الإنهاء، بينما صاحب العمل إذا أراد انهاء عقد العامل الذي يدفع أجره شهريا أن يشعره قبل 60 يوما من الإنهاء. أما في الأجور التي لا تدفع شهريا فيتساوى العامل وصاحب العمل في أن يكون الإشعار قبل 30 يوم من إنهاء العقد. وفي هذه المادة نجد أن التعديل لمصلحة العامل، فلو ترك العامل -الذي يستلم أجره شهريا- العمل دون إشعار فعليه أن يدفع بدل إشعار عن (30 يوم) أما صاحب العمل فسيدفع البدل عن (60 يوم).
سادسا: الاستقالة:
كما سبق بيانه أن الاستقالة سبق وتم بيان أنها أضيفت حديثا، وأتت المادة 79 مكرر لتوضح أحكامها، فعقد العمل ينتهي بمجرد قبول صاحب العمل للاستقالة أو بالقبول الضمني وذلك بسكوت صاحب العمل عن قبولها أو رفضها وانقضاء مدة 30 يوم من تقديمها، كما أن من أحكامها جواز رجوع العامل عن استقالته بشرطين مجتمعين هما أن يكون الرجوع خلال 7 أيام من تقديمها وألا يتصل بها قبول صاحب العمل، فإن اختل أحد الشرطين فلا يقبل رجوعه عنها، كما أن من قبلت استقالته فله جميع الحقوق المقررة نظاما وعلى صاحب العمل دفعها له.
ويثور تساؤل مهم من الجيد إيراده هنا وهو: ما الموقف النظامي في حال تم رفض الاستقالة؟ وهل يجوز لصاحب العمل رفض الاستقالة؟
إن هذه التساؤلات ليس لها نص نظامي يحسمها فيما اطلعنا، ولكن بالنظر لها في باب الفقه العمالي نجد أن هذه المسألة ليست محل وفاق لدى الفقهاء والشراح، وربما يعزو ذلك الاختلاف للبس لدى بعضهم بين فكرة الاستقالة وفكرة الانهاء بالإرادة المنفردة في العقد غير محدد المدة، واختلفت الآراء لثلاث اتجاهات، فالفريق الأول يرَ أن ليس من حق صاحب العمل رفض الاستقالة مطلقا، وذلك لإن رفضه ينافي حرية العمل والعامل ويصير معنى العمل للعبودية، والفريق الثاني يرَ أن من حق صاحب العمل رفض الاستقالة مطلقا، وذلك لإن سلب هذا الحق منه يعني سلخ العقد الملزم للطرفين عن حقيقته وهذا يعني أن تهوي النظرية التنظيمية للعلاقة العمالية بالنظرية التعاقدية، وأما الفريق الثالث فيرَ جواز الرفض في العقد محدد المدة وعدم جوازه في العقد غير محدد المدة.
وإن كنت لست أهلا للترجيح إلا أني أنقل ترجيح فضيلة الشيخ عبد الله بن خليفة الحصان في كتيبة الموسوم بجدلية الاستقالة في عقود العمل لرأي الفريق الثاني ويرَ أن ما ورد في النظام انعكاس لهذا الرأي.
سابعا: الإجازة التعويضية:
أتت إضافة على نص المادة 107 فيما يخص ساعات العمل الإضافية، فأجازت التعديلات لصاحب العمل أن يعوض العامل بأيام إجازة إضافية عوضا عن الأجر المستحق للعمل في الساعات الإضافية، وكل ذلك يخضع لموافقة العامل، فإن أراد التمسك بالأصل وهو الأجر فله ذلك وإن أراد النزول عن الأجر للإجازة فله ذلك أيضا.
ثامنا: إجازات جديدة في حالات إنسانية:
أتت المادة 113 ينص ينظم الإجازة عند وفاة الأخ أو الأخت كما ينظم مواعيد أخذ الإجازة بالنسبة للحالات قبل التعديل، فالنص هو: “مع مراعاة إجازات المرأة العاملة المحددة بموجب هذا النظام، للعامل الحق في إجازة بأجر كامل لمدة (خمسة) أيام عند زواجه، أو في حالة وفاة زوجه أو أحد أصوله أو فروعه، و(ثلاثة) أيام في حالة وفاة الأخ أو الأخت؛ تحتسب جميعها من تاريخ الواقعة. و(ثلاثة) أيام حالة ولادة مولود له خلال (سبعة) أيام من تاريخ الولادة. ويحق لصاحب العمل أن يطلب الوثائق المؤيدة لهذه الحالات” فهذا النص واضح المعنى من حيث مدة الإجازة ومتى تبدأ مع مراعاة إجازات المرأة المنظمة في النظام -كمن مات زوجها عنها مثلا-.
تاسعا: إجازة الوضع للعاملة:
أتت المادة 151 لتنظم هذه الإجازة، وكان أبرز مواضيع التعديل في رفع الإجازة من عشرة أسابيع إلى إثني عشر أسبوعا للوضع، كما تم تنظيم مسألة توزيع الإجازات بعدما ظهر من التجربة العملية عدم القدرة على التنظيم الصحيح، فإجازة الوضع هذه أصبحا لزاما أن يؤخذ نصفها -6 أسابيع- بعد الوضع مباشرة، وللعاملة أحقيت توزيع النصف المتبقي كيفما شاءت على أن تبدأ إجازتها قبل أربعة أسابيع من التاريخ المحدد للوضع بالتقارير الصحية المعتمدة، وأبقى النص على أحقيتها في تمديد هذه الإجازة لمدة شهر دون مقابل.
هذه أبرز معالم التعديل بالنسبة للعامل، فهي تفوق التعديلات الأخرى أهمية، ولا يعني ذلك أن مالم نكتب عنه غير ذي أهمية، ولكن أحببنا أن نوجز مقالنا بما يعود بالفعل للعامل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال