الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عندما تدخل إلى إحدى مناطق مركز الملك عبدالله المالي ” كافد” في الرياض تشعر بالحراك الاقتصادي والمالي وحتى الاجتماعي والسياحي، سعوديات وسعوديين يجوبون بين المباني بين موظفين وزائرين للمطاعم والمقاهي، وبالطبع لمحطة قطار الرياض “المترو” التي تعد تحفة معمارية فريدة في المنطقة، وأجانب من كل الجنسيات تقريبا يجولون ربما للأهداف نفسها، او بحثا عن فرص وشراكات أصبحت اليوم هدفا لكل مستثمر حصيف او موظف جدير يريد لشركته ان تضع قدمها في ارض تحتضن اليوم اكبر نقلة تحولية في الاقتصاد والتنمية المستدامة والحيوية الاجتماعية.
ينتابك إحساس انك إضافة الى كونك في مركز مالي ضخم يضم مئات الشركات والهيئات، تعيش تجربة ” سياحية” في واحدة من نقاط الجذب في الرياض، جذب المواطنين والمقيمين الذي بدأ يأخذ منحى تصاعدي ليس في الرياض وحدها ولكن في معظم مناطق المملكة التي جعلتها رؤية 2030 تعيش حلم السياحة واقعا لأنها وضعت استراتيجيات لهذا القطاع الواعد جدا والذي كان الى سنوات قليلة ماضية يمكن تسميته بالقطاع البكر.
سبب زيارتي هو تلبية الدعوة ككاتب في صحيفة ” مال ” لحضور “ديوانية أهل السياحة” وهي منصة حوارية تجمع قيادات صندوق التنمية السياحي بالكتاب والمهتمين والرواد والمستثمرين في قطاع السياحة في المملكة، بهدف معرفة دور صندوق التنمية السياحي كممكن وطني لتنمية القطاع السياحي في المملكة، بما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للسياحة، ومن ثم الاستفادة من هذه المعرفة اذا كنت مستثمرا جديدا او قديما، او كاتبا ترصد متغيرات الاقتصاد او مهتم اكاديمي بعلوم السياحة ودقة مصطلحاتها وتحسين ممارساتها.
الصندوق كما سمعنا وفهمنا ليس فقط يتيح الحلول المالية، انه ايضا يقدم الحلول والاستشارات غير المالية المصممة لتحفيز الاستثمار، وتمكين المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من استغلال الفرص الاستثمارية الواعدة إضافة الى تدريب وتأهيل المستثمرين الجدد قليلي الخبرة عبر “مركز نمو السياحة” الذي يشمل المسرعات والمعسكرات التدريبية والمبادرات الداعمة للابتكار في القطاع السياحي، حتى انه خصص دورا كاملا في الدور العاشر من مبنى الصندوق كمكاتب مجهزة لتكون مقرا مبدئيا يستفيد منه الذين لا يملكون مكاتب او مقرات حيث يمكنهم فقط التفكير بإبداع وابتكار والانطلاق من هناك عبر التدريب والتأهيل وربما يحصلون على فرص تمويل من الصندوق او من جهات التمويل التي نجح الصندوق في عقد شراكات معها لتصبح معظم البنوك لديها محافظ خاصة للتمويل السياحي بعد ان معظمها يتعامل معه على انه تمويل عقاري فقط.
الإنجاز يقاس بالأرقام وأرقام الصندوق مبشرة رغم عمره القصير نسبيا فقد نجح بالشراكة مع القطاع الخاص والبنوك وشركات التمويل وشركات التقنية المالية في دعم أكثر من 2,100 مشروع سياحي بقيمة تتجاوز 33 مليار ريال عن طريق التمويل المباشر وغير المباشر وهو يتوقع أن تساهم المشاريع في إضافة أكثر من 9,000 غرفة وشقة فندقية جديدة في الوجهات السياحية بالمملكة.
برامج التدريب والخدمات الاستشارية استفاد منها أكثر من 7,200 مستفيد، استفادوا من خمسة برامج وثلاث خدمات و110 ورشة عمل و320 ساعة ارشادية، وفي نظري ان هذه من اهم اعمال الصندوق حيث يسهم في تغيير الثقافة الاستثمارية في هذا القطاع التي ظلت حبيسة أنماط تقليدية ارتكزت على ارتفاع الطلب دون تعمل وفق رؤية مستدامة بدليل ان هناك منشآت تعتبر نفسها سياحية ظلت لعقود كما هي دون تطور او مواكبة ما يحدث في المملكة.
الجميل واللافت ان الصندوق وهو يسهم في رسم ملامح مستقبل السياحة في المملكة، وتعزيز دور القطاع كأحد المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي، وتعزيز التجربة السياحية يعي واقع كثير من المشكلات الأخرى المرتبطة بتنمية القطاع، وسمعنا من اركان الإدارة التنفيذية الشابة وعيا بمشكلات طرحناها اثناء النقاش تحد من تنمية السياحة الداخلية مثل ارتفاع أسعار تذاكر الطيران الى مستويات مرهقة للعائلات عند السفر داخل المملكة وتأثيرها على قرار تحيد الوجهة السياحية.
السياحة كعكة كبيرة تتنافس عليها الدول والشركات العملاقة وسيفوز بحصة اكبر تنمو مع الزمن من يعرف كيف يستغل نقاط قوته، ويتغلب على التحديات، وما نراه ونلمسه واقعا في المملكة يقول بأننا ماضون في الطريق الصحيح كوننا نعرف ماذا نريد، ولماذا نريده، وكيف نصل اليه، وما الذي نواجه في هذه الرحلة.
اذا كنت تفكر او تفكرين في مشروع يرتبط بالسياحة أيا كان مجاله انصحك بزيارة مركز نمو السياحة في الدور العاشر في مقر الصندوق، واذا كنت مبتكرا وشغوفا فربما يكون هذا رأسمالك المبدئي الذي سيقدره الصندوق اكثر مما تتوقع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال