الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يُطلق على جيل Zأو الجيل الرقمي (أو جيل ما بعد الألفية) وهو الجيل الذي وُلد بين منتصف التسعينيات وحتى منتصف العقد الأول من الألفية الثانية وهو الجيل الذي نشأ في بيئة رقمية بامتياز حيث أصبحت التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من حياته اليومية. يتميز هذا الجيل بمهاراته العالية في التعامل مع الأدوات الرقمية واعتماده الكبير على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في مختلف جوانب حياته بما في ذلك قراراته الاستثمارية. لم يعد الاستثمار بالنسبة لهذا الجيل مجرد وسيلة لتحقيق الربح بل تحول إلى أداة لبناء عالم أكثر ابتكاراً وحداثة حيث يرون أن الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية لا تشكلان عقبة أمام تحقيق عوائد مالية مجزية.
التطورات التقنية التي شهدها العالم خلال العقود الأخيرة غيرت تماماً طبيعة الاستثمار لدى الجيل Z حيث لم يعد الاستثمار في الأسواق التقليدية هو الخيار الوحيد بل أصبحت الأصول الرقمية والمشفرة جزءاً رئيسياً من مشهدهم الاستثماري. هذا الجيل يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا المالية حيث يستخدم تطبيقات التداول عبر الهاتف المحمول والمستشارين الآليين لإدارة محافظهم الاستثمارية بسهولة وسرعة. كما أن ثقافة الاعتماد على المؤثرين الماليين على وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت سمة بارزة لديهم إذ يأخذون معلوماتهم المالية والاستثمارية من منصات مثل يوتيوب وتيك توك وإنستقرام. ما يجعل شركات الاستثمار مطالبة بتحديث استراتيجياتها لجذب هذا الجيل عبر قنوات التواصل الرقمية الحديثة.
إلى جانب التوجه نحو الرقمنة يتميز الجيل Z باهتمامه بالقيم الاجتماعية والبيئية حيث يُفضل الاستثمار في الشركات التي تتبنى ممارسات مستدامة وتتبنى مبادئ المسؤولية الاجتماعية. لم يعد الهدف الأساسي بالنسبة لهذا الجيل تحقيق مكاسب مالية فحسب بل أصبحت القيم والمعايير الأخلاقية تلعب دوراً رئيسياً في قراراتهم الاستثمارية. يُفضل العديد من مستثمري هذا الجيل دعم الشركات التي تركز على الطاقة النظيفة والتنوع والشمول وحماية البيئة وهو ما يفرض على الشركات التقليدية ضرورة التكيف مع هذه المتغيرات لمواكبة التغيرات في سلوك المستثمرين.
في السعودية يتماشى التوجه الاستثماري للجيل السعودي Z مع رؤية 2030 التي تسعى إلى تعزيز الاقتصاد الرقمي وتبني التقنيات الحديثة في جميع القطاعات. أطلقت السعودية العديد من المبادرات لدعم التحول الرقمي مثل فنتك السعودية التي تهدف إلى تطوير قطاع التكنولوجيا المالية وتحفيز الابتكار في المجال المصرفي والاستثماري. كما أن سوق الأسهم السعودي شهد خلال السنوات الأخيرة تحولاً رقمياً كبيراً حيث أصبحت التداولات الإلكترونية جزءاً أساسياً من حركة السوق مما ينسجم مع تطلعات الجيل الجديد من المستثمرين الذين يبحثون عن منصات استثمارية سهلة الاستخدام وسريعة التنفيذ.
على الرغم من أن تنظيم سوق العملات الرقمية لا يزال في مراحله الأولى في المملكة إلا أن هناك اهتماماً متزايداً من قِبل الجيل السعودي Z بالأصول المشفرة والاستثمارات البديلة. هذا التوجه يعكس رغبتهم في استكشاف أدوات استثمارية جديدة بعيدة عن الأنظمة المالية التقليدية مما دفع الجهات التنظيمية إلى دراسة كيفية تطوير هذا القطاع بشكل متوازن يحقق الاستفادة من هذه التقنيات دون الإخلال بالاستقرار المالي. كما أن ريادة الأعمال تحظى باهتمام كبير بين شباب الجيل السعودي Z حيث تدعم الحكومة العديد من المشاريع الناشئة التي تتبنى الابتكار والتكنولوجيا مما يخلق فرصاً استثمارية جديدة ويعزز التنوع الاقتصادي بعيداً عن الاعتماد على النفط.
إلى جانب ذلك أصبح التعليم المالي من الأولويات الأساسية للجيل السعودي Z حيث يعتمدون على الموارد الإلكترونية والتطبيقات الذكية والمساعدين الافتراضيين لتثقيف أنفسهم حول خيارات الاستثمار وإدارة الأصول. الثقافة المالية باتت عاملاً مهماً في قراراتهم الاستثمارية حيث يسعون إلى اكتساب المعرفة الكافية لاتخاذ قرارات مدروسة مبنية على التحليل والتخطيط الاستراتيجي. هذا الاهتمام بالتعليم المالي يعزز قدرة الجيل Z على التحكم في مستقبله المالي بشكل مستقل بعيداً عن الاعتماد على المستشارين التقليديين أو المؤسسات المالية التقليدية.
التحولات الاستثمارية التي يقودها الجيل Z تعيد تشكيل الأسواق المالية وتفرض على الشركات والمؤسسات الاستثمارية ضرورة التكيف مع هذه التغيرات لضمان استمرارها في السوق. ومع استمرار التحول الرقمي في المملكة سيكون للجيل السعودي Z دور ريادي في تطوير قطاع الاستثمار ودفع عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة مما يجعله جيلاً مؤثراً في مستقبل الاقتصاد السعودي والعالمي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال