العلاقة بين الحوكمة وبين الاستحواذ والاندماج

في عالم الأعمال المتسارع، أصبحت عمليات الاستحواذ والاندماج جزءً لا يتجزأ من استراتيجيات النمو للشركات الطموحة. ومع ذلك، فهذه العمليات تحمل في طياتها تحديات ومخاطر جمة، مما يجعل الحوكمة الفعالة عنصراً حاسماً لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.  

في هذا السياق، يرى عدد من الباحثين أن حوكمة شركة ما يغري الشركات الكبيرة أو المستثمرين بالاستثمار فيها. ويعود هذا إلى أن الحوكمة تؤدي وظيفة رئيسية في تحديد نسبة نجاح أو فشل الاستثمار. إذ تسهم الحوكمة في اتخاذ قرارات مستنيرة. ذلك أن مرحلة ما قبل الاستحواذ والاندماج تسهل الحوكمة إجراءات تقييم الشركة المستهدفة. ثم يُبنى على ذلك إجراءات واضحة للتفاوض وعقد الصفقة. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يمتد إلى ما بعد انتهاء الصفقة حيث  يسهل دمج الشركات  بشكل يسير. مما تتحقق معه الأهداف المرجوة من عملية الاستحواذ أو الاندماج. وبالاطلاع على بعض ما كُتب حول هذا يمكن الخلوص إلى ما يلي: 

أولاً، الحوكمة تحمي الشركة من صعوبات داخلية أو خارجية. ومع أهمية هذه الحوكمة الوقائية إلا أن بعض المؤسسين أو المساهمين قد ينصرف عنها؛ لتكلفتها المالية. هذا من جهة المساهمين، ومن جهة المدراء فقد يتفقون معهم في استبعاد الحوكمة، لتحقيق مكاسب شخصية. على سبيل المثال، في الشركات العائلية، وجدت الدراسات أن هذه الشركات أقل حظوة لدى المستثمرين حيث سجلت نسبة أقل في الشركات المستحوذ عليها؛ لأن المديرين عززوا من مصالحهم الشخصية بدلاً من تعظيم قيمة الشركة أو تحقيق مصالح المساهمين. في المقابل، الشركات ذات مجالس إدارة، ومديرين داخليين حققت قيمة أعلى عند الاستحواذ. ومع ذلك، فليست الحوكمة ضرورة حين تكون الشركة صغيرة. 

ثانياً: في هذا السياق، يأتي ما يسمى بالفحص النافي للجهالة الذي يؤدي دوراً حاسماً في تقليل المخاطر المرتبطة بعمليات الاستحواذ كاشفاً عن أي مخاطر محتملة قد تؤثر على قيمة الصفقة أو على أداء الشركة بعد الاستحواذ.  على سبيل المثال، قد يكشف الفحص في الشركات العائلية عن وجود إشكالات في هيكلة الشركة، مثل: تركز السلطة في يد عدد قليل من الأفراد، مما يُحتمل معه وجود قرارات استثمارية غير مثلى. وبالمثل، في الشركات الكبيرة قد يكشف الفحص عن وجود تضارب في المصالح بين المديرين الداخليين، مما يتطلب اتخاذ إجراءات تصحيحية قبل إتمام الصفقة.

ختاماً، العلاقة بين حوكمة الشركات وعمليات الاستحواذ والاندماج علاقة طردية، فكلما كانت أكثر حوكمة كانت أكثر إغراء للمستثمرين، والفحص النافي للجهالة أداة أساسية للكشف عن مدى جودة  الحوكمة في أي شركة.