الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
هل القائد يولد قائدًا؟ أم أن القيادة رحلة شاقة نصنع فيها أنفسنا؟ هذا السؤال يتكرر على الألسنة، يهمس في عقول الطامحين، ويطفو على السطح في كل قصة نجاح نقرأها. ولكن الجواب ليس بسيطًا، لأن القيادة ليست خيارًا بين الأبيض والأسود، بل هي لوحة تتلون بالفطرة، بالجهد، وبالتجربة. تمامًا كما هي الحياة.
البداية: وماذا لو كنا نملكها؟
البعض يولد بشيء مختلف. يمكنك أن تراه في أعينهم، في خطواتهم الواثقة، وفي الكلمات التي تخرج وكأنها تحمل ثقل الحكمة رغم صغر أعمارهم. هذه “الفطرة القيادية” تخلق انطباعًا بأن القيادة شيء موروث، شيء لا يمكنك أن تكتسبه إن لم تُمنح إياه منذ البداية. لكن، هل يكفي أن نولد بشيء لننجح فيه؟
ستيف جوبز، ذلك الاسم الذي يحوم فوق كل حديث عن الريادة والابتكار، يُذكر دائمًا على أنه قائد بالفطرة. لكن إن تعمقنا في قصته، سنكتشف شيئًا مختلفًا. لم يولد جوبز بقدرته على قيادة “أبل” نحو القمة. بل عاش الإخفاق، ترك شركته الخاصة، وعاد إليها شخصًا آخر – أكثر نضجًا، أكثر وعيًا، وأكثر قدرة على قيادة رؤيته لتغيير العالم..
لنكن صريحين: الموهبة وحدها لا تكفي. أن تكون قائدًا يعني أن تفهم نفسك أولًا، ثم أن تعرف كيف تُلهم الآخرين، وكيف تقودهم دون أن تفرض عليهم شيئًا. القيادة هي ذلك المزيج السحري بين الإحساس الفطري بالمسؤولية، والرغبة في التعلم المستمر.
الأمر أشبه بتلك الشجرة الصغيرة التي نزرعها. قد تبدأ بذرة جيدة، لكنها تحتاج إلى تربة خصبة، إلى ماء، وإلى شمس، وأحيانًا إلى رياح قاسية تصقل أغصانها وتجعلها أقوى.
هل يمكن للجميع أن يصبحوا قادة؟
نعم، ولكن بشروط. القائد الحقيقي لا يولد قائدًا، ولا يتعلم القيادة من كتاب فقط. القائد يعيشها. يختبرها في كل مرة يفشل فيها، في كل مرة ينهض ليبدأ من جديد. القيادة لا تعني السلطة، بل التأثير. لا تعني الكمال، بل السعي.
جوبز لم يكن مثاليًا. كان شخصًا يعترف بأنه ليس الأذكى في الغرفة، لكنه كان الأقدر على تجميع أفضل العقول، على إلهامهم، وعلى تحويل الأفكار الصغيرة إلى منتجات غيّرت العالم.
القيادة: هي أنت!!
سواء كنت ترى القيادة موهبة أو مهارة، الحقيقة هي أنها انعكاس لك. قيادتك تبدأ من داخلك، من قناعاتك، من قوتك على مواجهة مخاوفك، ومن قدرتك على رؤية الصورة الأكبر.
في النهاية، القيادة ليست فقط ما نولد به أو نتعلمه. إنها اختيار. اختيار أن نؤمن بأنفسنا، وأن نترك أثرًا. تمامًا كما ترك جوبز أثره، وكما تترك “أبل” أثرها في كل منتج تطرحه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال