تسويق المدن .. البيانات خارطة الطريق

يقول المثل: أهل مكة أدرى بشعابها، وهذا المثل ينطبق في حوارنا على بيانات المدن فهي بالفعل خارطة الطريق التي توضح معالم الاستثمار وتظهر الميزات التنافسية للمدن.

والبيانات تشمل المؤشرات الاقتصادية لكل مدينة، والبيانات الديموغرافية لساكنيها، والطبوغرافية لاراضيها، وضمان استمرار تدفقها وتحديثها بشكل دوري يرفع من أهميتها وقيمتها ويضمن بناء الدراسات الاقتصادية على أسس صحيحة ومتينة.

وجمع البيانات وحده لايفي بالغرض، فلتحقيق أعلى إستفادة منها يجب تصنيفها بشكل جيد، ووضع منهجيات منطقية في عمليات الربط بينها للحصول على النتائج المطلوبة بشكل سليم وواقعي، سواء كانت إيجابية فيتم تعزيزها وإيضاحها؛ او كانت سلبية فيتم الاعتراف بها ودراستها ومعالجتها، وبذلك نحقق عنصر مهم وهو الشفافية للمستثمر، ونساعده في اتخاذ نوعية قراراته وتوقيتها، وهي عملية تبدو صعبة في البداية لكنها خطوة مهمة في عملية جذب الاستثمارات للمدن وتسويق الفرص فيها.

وقد خضت غمار هذا التحدي في بداية عملي في المدينة المنورة بإطلاق باكورة مبادرات شركة المقر للتطوير والتنمية (مبادرة بيانات) في سبتمبر 2021م، والمتمثلة بسلسة تقارير دورية تحت مسمى (عين المقر) حيث كان الهدف وضع مؤشر عام للحراك العقاري في المدينة ومتابعة مدى التغير والتأثر فيه خلال فترات معينة، ويتم مشاركتها مع المهتمين والمستثمرين والجمهور العام عبر منصاتنا الرسمية، ليكون قرار الاستثمار مبني على أساس متين وبأرقام موثوقة وتاريخ مرصود.

فقد تم جمع البيانات من عدة مصادر موثوقة كالمؤشر العقاري والبورصة العقارية الصادرة من وزارة العدل كما تمت متابعة حركة السوق من عمليات بيع وشراء، ورصد ميداني للمواقع ومطابقتها للخرائط، وتقسيم المدينة المنورة لأربعة محاور رئيسية وتصنيف الاحياء الواقعة في كل محور، ومتابعة حركة الصعود والنزول لكل محور سواء بشكل كامل او بشكل مفصل بكل حي على حدة، عن طريق فريق متخصص مرتبط بادارة الاستثمار لدينا في شركة المقر للتطوير والتنمية الذراع الاستثماري لأمانة منطقة المدينة المنورة .. أثر ذلك انعكس بشكل إيجابي وملحوظ على المدينة المنورة في عمليات عرض الفرص الاستثمارية الواقعة في محيط شركة المقر او الفرص الموجودة في السوق بشكل عام، مما بث روح الاطمئنان لدى المستثمرين.

وحسب آخر الأرقام المعلنة تجاوزت قيمة المشاريع المقامة حاليا في المدينة المنورة الـ 200 مليار ريال. ولكن يظل التحدي الحقيقي من وجهة نظري هو تحديد الجهة المسؤولة والموثوقة عن إصدار البيانات والتي تضمن استمرارية إصدارها وتضمن سلامتها في كل مدينة هل هي الأمانات؛ ام الغرف التجارية ام الأذرع الاستثمارية؛ ام يتم تكليف طرف ثالث بهذه المهمة.