الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مدخل إلى الحوكمة الرشيدة …
تُعتبر لجان المراجعة من الآليات الأساسية للحوكمة، والتي تحظى باهتمام العديد من الدول حول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، التي كانت صاحبة المبادرة الأولى في تشكيل لجان المراجعة في الشركات المساهمة العامة. تلعب هذه اللجان دورًا حيويًا في مراقبة العمليات المالية وتعزيز استقلالية المراجعة، مما دفع معظم الدول إلى إصدار تشريعات تلزم بوجودها في الشركات المساهمة.
نشأت فكرة لجان المراجعة في الولايات المتحدة بعد أزمة الكساد الكبير في أواخر العشرينيات، حيث تبين أن البيانات المالية كانت مضللة، مما زاد من الحاجة إلى حسابات مستقلة بعيدًا عن تأثير مجالس الإدارة. شهدت السبعينات تجدد الاهتمام بهذا الموضوع، حيث ألزمت الهيئات التنظيمية الشركات بتعيين لجان مراجعة مختصة.
في المملكة المتحدة، جاء ظهور لجان المراجعة نتيجة لإفلاس العديد من الشركات، مما دفع المستثمرين للمطالبة بتقارير مالية موثوقة. تم تشكيل لجان مراجعة من أعضاء غير تنفيذيين في نهاية الثمانينات، وتزايد الضغط لتشكيل هذه اللجان بعد توصيات لجنة كادبوري في التسعينات.
تُعتبر لجان المراجعة اليوم عنصرًا أساسيًا في تعزيز الشفافية والمصداقية في التقارير المالية، مما يُسهم في بناء الثقة بين المستثمرين والشركات.
ولكي نفهم دور لجنة المراجعة كأحد أهم ركائز الحوكمة، فلا بد من التعرف على أسس الحوكمة الأساسية، أو ما يُعرف بفلسفة الحوكمة. تسعى الحوكمة لتحقيق أهداف متنوعة تلعب دورًا حيويًا في تعزيز فعالية الشركات وزيادة ثقة المستثمرين فيها. من بين هذه الأهداف نجد المساءلة، والمساواة، والمسؤولية، والشفافية ، والتي ترتكز أعمال لجنة المراجعة عليها، فمن المساءلة ، والمسؤولية، والشفافية تبدأ أعمالها.
تُعتبر الشفافية آلية حديثة ومتقدمة من الحوكمة التي يجب على الإدارة اعتمادها، لأنها تعزز الانفتاح وتُخلي الساحة من الغموض والسرية. من خلال الشفافية، يمكن لجميع الأطراف المعنية التحقق من المعلومات الخاصة بالشركة ورؤيتها بوضوح، مما يقلل من فرص المعلومات الخاطئة.
تلعب المسؤولية أيضًا دورًا محوريًا في تعزيز الشعور بالمسؤولية لدى كل من مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية. يجب أن يتصرف أعضاء المجلس بدرجة عالية من الأخلاقيات المهنية، مما يعزز الثقة في قدرة الشركة على تحقيق الأهداف المنشودة. كما تدعم المسؤولية الحقوق القانونية للمساهمين، مما يشجع على التعاون المثمر بينهم وبين الشركة في مجالات متعددة مثل تحقيق الأرباح وتوفير فرص العمل.
في نظام الشركات السعودي، تُعتبر لجان المراجعة من العناصر الحيوية في تعزيز الشفافية والمساءلة داخل الشركات المساهمة، وفقًا للائحة الحوكمة الصادرة عن هيئة السوق المالية. يتم تشكيل لجنة المراجعة بقرار من مجلس إدارة الشركة، حيث تتألف من ثلاثة إلى خمسة أعضاء، ويجب أن يكون بينهم مختص في الشؤون المالية والمحاسبية. يُشترط أن يتضمن التشكيل عضوًا مستقلًا واحدًا على الأقل، وأن يكون رئيس اللجنة من الأعضاء المستقلين لضمان حيادية العمل.
تتولى لجنة المراجعة مسؤوليات متعددة، تشمل مراقبة أعمال الشركة والتحقق من سلامة التقارير المالية وأنظمة الرقابة الداخلية. من بين المهام الأساسية للجنة، دراسة القوائم المالية الأولية والسنوية، وإبداء الرأي الفني حول ما إذا كانت التقارير عادلة ومتوازنة، مما يتيح للمستثمرين تقييم الوضع المالي للشركة وأدائها.
كما تسهم اللجنة في المراجعة الداخلية، حيث تدرس نظام الرقابة المالية وتتابع تنفيذ الإجراءات التصحيحية للملحوظات الواردة في تقارير المراجعة الداخلية. وتُعتبر أيضًا مسؤولة عن تقييم أداء مراجع الحسابات، والتحقق من استقلاليته وموضوعيته، مما يعزز الثقة في أعمال المراجعة. وإذا ما حدث تعارض بين توصيات لجنة المراجعة وقرارات مجلس الإدارة، يُلزم أن يتضمن تقرير المجلس مبررات عدم الأخذ بتوصيات اللجنة، مما يعكس التزام الشفافية والمساءلة. كما تتيح اللجنة للعاملين في الشركة تقديم ملحوظاتهم بشأن أي تجاوزات بسرية، مما يعزز من ثقافة الشفافية داخل المنظمة.
وبهذا، تساهم لجان المراجعة بشكل فعال في تحسين أداء الشركات وضمان حوكمة أكثر فعالية، مما يعود بالنفع على المساهمين والمستثمرين ويعزز من استقرار السوق.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال