الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في ظل الثورة التكنولوجية التي يقودها الذكاء الاصطناعي، برزت نماذج اللغة مثلChatGPT و DeepSeek كأداة فاعلة في تحسين الكفاءة وإعادة تعريف آليات العمل الحديثة. لكن مع انتشار استخدامها السريع في القطاعات التي تتعامل مع بيانات حساسة كالرعاية الصحية والمالية والحكومية، أصبح من الضروري تسليط الضوء على التوازن الدقيق بين استغلال إمكاناتها وتجنب المخاطر التي قد تهدد أمن المعلومات.
أثبت ChatGPT قدرته على أن يكون حليفاً استراتيجياً للموظفين، حيث يساهم في أتمتة المهام المتكررة، مثل تحرير التقارير الدورية أو تلخيص الإجتماعات الطويلة، مما يوفر الوقت للتركيز على المهام عالية القيمة. كما أصبح أداةً داعمةً للمبرمجين في تصحيح الأكواد البرمجية بسرعة، وللباحثين في تحليل البيانات المعقدة. في القطاعات الصحية، على سبيل المثال، يمكن أن يساعد في صياغة توثيق طبي دقيق، أو حتى اقتراح تشخيصات أولية بناءً على البيانات المدخلة.
على الرغم من هذه المزايا، فإن استخدام ChatGPT في البيئات التي تتعامل مع معلومات سرية يطرح إشكاليات جذرية. على سبيل المثال، مبرمجاً في جهة حكومية يطلب منه مراجعة أكواد تتعلق بأنظمة أمنية حساسة. هنا تكمن الكارثة المحتملة: فالنموذج عبر اعتماده على البنية السحابية قد يخزن هذه البيانات بشكل مؤقت، أو يُستخدم لاحقاً في تدريب إصدارات مستقبلية، مما يُعرّض المعلومات للإختراق أو التسريب الغير المقصود.
ولا تقتصر المخاطر على التسريبات الداخلية، بل تمتد إلى استغلال الجهات الخبيثة للنموذج نفسه. فبإمكان مجرمي الإنترنت استخدام ChatGPT لتوليد رسائل تصيد احترافية تخدع الموظفين، أو لإنشاء أكواد برمجية ضارة تستغل الثغرات الأمنية. بل إن بعض الهجمات الحديثة اعتمدت على توليد نصوص مقنعة تُقلد لغة المديرين التنفيذيين لسرقة بيانات الدخول إلى الأنظمة المحمية.
يعتمد ChatGPT على خوادم سحابية لمعالجة الطلبات، مما يجعله عُرضةً لاختراقات قد تستهدف قنوات الاتصال بين المستخدم والنموذج. فلو تمكن المهاجم من اعتراض هذه الاتصالات، فقد يحصل على بيانات حساسة أو يغيّر الإستجابات لتوجيه المستخدم نحو أفخاخ إلكترونية. كما أن تعقيد النموذج يجعل من الصعب تتبع كيفية تعامله مع البيانات المدخلة، خاصةً إذا احتوت على معلومات شخصية للمرضى أو العملاء، مما يزيد من صعوبة تحقيق الامتثال للقوانين الصارمة مثل GDPR في أوروبا ونظام حماية البيانات الشخصية في المملكة العربية السعودية.
كيف نحمي البيئات الحساسة؟
لا يعني وجود المخاطر التخلي عن فوائد ChatGPT، بل يتطلب الأمر تبني إجراءات استباقية، منها:
ختاما، يُشكِّل ChatGPT نقلةً نوعية في تاريخ الذكاء الاصطناعي، لكن نجاحه في البيئات الحساسة مرهون بمدى قدرة المؤسسات على إدارة المخاطر المرتبطة به. ففي حين تُعَدُّ السرية والأمان ركيزتين أساسيتين في القطاعات الحيوية، فإن إهمال ضوابط إستخدام النموذج قد يُحوّله من أداة داعمة إلى ثغرة ضارة. لذا، يجب أن تكون الخطوة الأولى نحو تبني هذه التقنية هي بناء إطار تشريعي وتقني يحمي البيانات دون كبح الابتكار، لأن المستقبل ينتمي لمن يجيد الموازنة بين الاثنين.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال