الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يشهد العالم تحولاً كبيراً نحو مستقبل أكثر استدامة حيث أصبحت المعادن الحيوية عنصراً أساسياً في الاقتصاد الحديث خاصة في الصناعات المتقدمة مثل المركبات الكهربائية والطاقة المتجددة والإلكترونيات وتلعب معادن مثل النحاس والليثيوم والعناصر الأرضية النادرة دوراً محورياً في هذا التحول مما جعلها محل تنافس عالمي متزايد مما يثير تساؤلات حول أمن الإمدادات والاعتماد الدولي والتحديات الاستراتيجية أمام الاقتصادات الكبرى
يعد الليثيوم أحد أهم المعادن المستخدمة في صناعة البطاريات الحديثة حيث تهيمن أستراليا وتشيلي على إنتاجه بنسبة 48٪ و24٪ على التوالي ومع تزايد الطلب على المركبات الكهربائية أصبح تأمين الليثيوم أولوية للدول الصناعية إلا أن تركيز احتياطياته في عدد محدود من الدول يزيد من مخاطر تعطل الإمدادات مما قد يؤثر على خطط الطاقة المستدامة
في المقابل تسيطر الصين على إنتاج العناصر الأرضية النادرة الضرورية لصناعة المحركات الكهربائية وتوربينات الرياح حيث توفر 69٪ من الطلب العالمي هذا الاحتكار منحها نفوذاً استراتيجياً ما دفع الدول الغربية إلى البحث عن بدائل وتنويع مصادر التوريد عبر استكشاف موارد جديدة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية كما تحتكر الصين إنتاج معادن حيوية أخرى مثل الغاليوم والبزموت والجرافيت وهي ضرورية للصناعات التكنولوجية مما يمنحها قدرة على التأثير في سلاسل الإمداد العالمية
أما فيما يتعلق بمعادن مجموعة البلاتين مثل البلاتين والبلاديوم والروديوم فتتربع جنوب إفريقيا على رأس الدول المنتجة بنسبة 49٪ تليها روسيا بـ30٪ كما تسيطر الكونغو الديمقراطية على 74٪ من إنتاج الكوبالت وهو عنصر أساسي في بطاريات السيارات الكهربائية بينما تنتج إندونيسيا 50٪ من النيكل العالمي ومع تزايد الطلب على هذه المعادن أصبح تنويع مصادرها ضرورة اقتصادية واستراتيجية
بالنسبة للاقتصاد السعودي فإن رؤية 2030 تهدف إلى تعزيز قطاع التعدين كمصدر أساسي لتنويع الدخل مما يمنح المملكة فرصة للاستثمار في المعادن الحيوية محلياً وعبر شراكات استراتيجية كما أن مشاريع الطاقة المتجددة مثل نيوم تجعل الحاجة إلى هذه المعادن ضرورية لدعم الصناعات المستقبلية والاستثمار في التعدين سيعزز قدرة السعودية على تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية مما يدعم استقرار الاقتصاد الوطني في ظل المنافسة العالمية المتزايدة
في النهاية يُظهر التنافس الدولي على المعادن الحيوية أن العالم يواجه تحديات معقدة في تأمين الموارد اللازمة للتحول إلى اقتصاد أكثر استدامة ومع استمرار تصاعد الطلب على هذه المعادن فإن الدول التي تمتلك القدرة على تأمين مصادر مستقرة ومتنوعة ستكون الأكثر قدرة على مواجهة الأزمات المستقبلية وبالنسبة للسعودية فإن الاستثمار في قطاع التعدين والتوسع في استكشاف الموارد المحلية يمثلان فرصة استراتيجية لتعزيز مكانتها الاقتصادية على الساحة العالمية وتحقيق أهدافها الطموحة في التنمية المستدامة
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال